خيمت أجواء من الهلع والخوف على بغداد لدرجة دفعت أصحاب المحلات في بغداد إلى إغلاقها مبكرًا وأخذ الثمين فيها معهم إلى البيوت؛ خشية اندلاع أعمال سلب ونهب شبيهة بتلك التي حدثت في الأيام التالية لسقوط بغداد في التاسع من إبريل عام 2003". حالة القلق والرعب "العامة" تسيطر على العراقيين في الآونة الأخيرة. الدليل رؤية سكان بغداد لكثير من المركبات العسكرية الأمريكية المدعومة بالدبابات تجوب شوارع العاصمة العراقية في دوريات لا تنقطع، وظهور التوتر الزائد على وجوه الجنود الأمريكيين استدعى الأجواء التي كانت سائدة أثناء سقوط بغداد في أيدي القوات الأنجلو أمريكية لأذهان البغداديين. مظاهر انهيار الإحساس بالأمن والاطمئنان خلال الأيام العشرة الأخيرة؛ عديدة حيث إن الكثير من الآباء يمنعون أبناءهم من الذهاب إلى المدارس خوفًا من تفاقم الأحداث في العاصمة، وإن النساء والفتيات خاصة لم يعدن يذهبن للجامعة، في إشارة إلى شدة الخوف من التعرض للاغتصاب كما حدث إبان سقوط بغداد. أن تلك الأوضاع دليل على "عدم الثقة في المستقبل"؛ وهو ما دفع أهالي بغداد إلى التحصن في منازلهم، وتسمير أبوابها بالأخشاب؛ حيث أكدت أن العديد من عمليات الاختطاف والقتل تقع ولا يعلم أحد عنها شيئًا، خاصة عندما تكون الضحية "عراقية"، مشيرة إلى اهتمام الإعلام العالمي والغربي باختطاف الأجانب فقط، وإطلاق سراح الرهائن من المحتلين، دون النظر إلى معاناة المواطنين من حوادث مشابهة. المؤسف انعزال سلطة الاحتلال عن باقي بغداد متحصنة في ثكنتها، وراء أسوارها شديدة التحصين التي كانت تمثل مجمع قصور الرئاسة إبان عهد صدام حسين الرئيس العراقي المخلوع، فيما أطلق عليه "المنطقة الخضراء". وصدرت أوامر للجنود الذين يقبعون خلف تلك الأسوار بارتداء خوذاتهم باستمرار، وارتداء السترات الواقية من الشظايا والرصاص طول الوقت أيضًا، خاصة أن قذائف المورتر والصواريخ باتت تنهمر على المنطقة الخضراء كل ليلة؛ مما ساعد على ايجاد أجواء خانقة لهم، خاصة مع زيادة درجات الحرارة مع مقدم فصل الصيف. يرجع ارتباك بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق في مواجهة جبهتين عراقيتين (سنية وشيعية) في آن واحد لعزلته التي فرضها على نفسه عن 25 مليون عراقي. كما أن القادة الأمريكيين في العراق لا يزالون يرددون نفس الدعاية التي مضى عليها عام، وهي أن المقاومة التي يلقونها تأتي من "عناصر موالية للنظام السابق"، و"مقاتلين أجانب". أما غضب العراقيين الوطنيين أو اهتياج العراقيين بسبب ارتفاع ضحايا المدنيين منهم فليس مأخوذًا في الحسبان من جانبهم -كما تقول الصحيفة- وبالتالي فإن الخصوم كلهم موسومون بأنهم "إرهابيون". ويمكن أطلق مصطلح "فن الاستعداء"، على مجمل تلك الأوضاع0العجيب حيرة الجنود الأمريكيين وعدم قدرتهم على فهم سبب كراهية العراقيين لهم رغم ما يبدر منهم تجاه العراقيين من قتل ومداهمات وغيرها من الممارسات. @@ الاندبندنت