بشق الأنفس تعيش هنود قبيلة (غوشوت) حياة فقر وعوز طيلة 150 سنة في الصحراء الغربية لولاية يوطاه ويراقبون زحف التعديات والتصنيع من مجتمع البيض على موطنهم. واليوم تعتقد القبيلة الصغيرة الفقيرة انها عثرت على ما تعتبره طريقة عظيمة ليس للبقاء على قيد الحياة فحسب، بل وللازدهار والاثراء ايضا. فبعض افراد القبيلة يريدون الحصول على المال مقابل تخزين كميات كبيرة من الوقود النافق للمفاعلات النووية على المحمية لمدة 40 سنة. وقد صعق سكان يوطاه غير الهنود لهذا الطرح فيما اقر برلمان الولاية قوانين لاحباط المحاولة. غير ان السيادة القبلية التي تعترف بها القوانين الفيدرالية تحد من مقدرة حكومة الولاية على استعمال حق الفيتو ضد الخطة. والقبيلة بدورها لا تملك اي بديل اقتصادي. الغوشوت قبيلة صحراوية، وقد عاش افرادها تقليديا في غرب يوطاه بالتنقل في منطقة مترامية الاطراف بهجمات صغيرة لجمع ثمار الصنوبر وممارسة الصيد والاستفادة من كل النباتات التي تنبت في الصحراء. الا ان مهاراتهم هذه لا تطعم خبزا كثيرا هذه الايام، في حين ان تخزين النفايات النووية سيجلب للقبيلة البالغ عدد افرادها 124 نسمة حوالي 3.1 مليار دولار اذا ظلت منشأة تخزين النفايات مدة 40 سنة. وحتى مدير مكتب يوطاه للشؤون الهندية قال انه لا يعرف اي شيء يستطيع ان يفعله هنود الغوشوت بمحميتهم البالغة مساحتها 18000 فدان اذا فشل مشروع مكب النفايات النووية. وقال فورست كاتش مدير قسم يوطاه للشؤون الهندية انه (هناك الكثير مما كان يمكن عمله، ولكن ليس الآن بعد ان اصبحت المنطقة ملوثة. فأما ان ينضموا الى عملية التلوث او يواجهوا الاندثار او الموت). واذا نجح الهنود في محاولتهم فلن تكون هذه اول مرة يحصلون على ما يريدون رغم انف الحكومة. ففي العام 1864 وقع الرئيس ابراهام لينكولن قانونا يأمر كافة الهنود الامريكيين في يوطاه بالانتقال الى وادي اوينطاه على بعد 170 ميلا شرقي منطقة اقامة الغوشوت والتي تختلف كثيرا عن مراتعهم الصحراوية التي يمارسون فيها الصيد وجمع الاغذية. ورفض الغوشوت الاوامر وظلوا في سكال فالي على مسافة 50 ميلا جنوب شرقي سولت ليك سيتي. ان النزاع بين الغوشوت وحكومة ولاية يوطاه هو جزء من جدل نووي اوسع نطاقا. وفي شهر مارس الماضي وافق الرئيس بوش على خطة لتحويل جبل يوكا في نيفادا مكبا دائما للوقود النووي النافق في البلاد. ويريد الغوشوت وعدد من اصحاب المنشآت النووية تخزين النفايات في سكال فالي ريثما يتم بناء موقع التخزين في نيفادا. وخلال ذلك ستبقى النفايات ذات المستوى الاشعاعي العالي قابعة في المحمية مدة 40 سنة داخل صناديق من الخرسانة والفولاذ بارتفاع 5.5 متر. ان هنود الغوشوت ليسوا غرباء عن المنتوجات الجانبية السامة في المجتمع بل ان المكبات ومنشآت التخزين هي من جيرانهم الدائمين. فالجيش يخزن ويتلف الاسلحة الكيميائية في مخزن تويلي العسكري القريب وفي اتون الحرق. وقاعدة داغواي تجري التجارب على اساليب مقاومة الاسلحة البيولوجية بالقرب من المحمية. والحقيقة ان كمية من النفايات النووية قليلة المستوى الاشعاعي مخزنة اصلا في موقع انفايروكير على بعد 20 ميلا من المحمية. الا ان حاكم يوطاه مايك ليفيت يقول انه لا يجوز ابقاء النفايات النووية ذات الاشعاع العالي في يوطاه، خاصة ان اشعاع مثل هذه النفايات يظل فتاكا لعشرة آلاف سنة. ويخشى المسؤولون في حكومة الولاية من احتمال ان تتعرض القطارات التي تقوم بشحن النفايات لهجمات من ارهابيين، او يقوم حادث يعرض السكان للاشعة. كما يقول هؤلاء المسؤولون ان موقع تخزين النفايات قد تسقط عليه طائرات، خاصة ان طائرات اف 16 التابعة لسلاح الجو تحلق كثيرا فوق الموقع وهي متجهة نحو منطقة تجارب القصف القريبة. وترد مصادر الصناعة النووية على هذه المواقع بالقول ان صناديق النفايات قادرة على الصمود في وجه اي تصادم تقريبا.