بعد سنة على سقوط نظام صدام حسين، بدأت حرب التحالف فعلا، وعليه الآن أن يخوضها على امتداد العراق، ويفسر ذلك انطلاق آلاف العراقيين من الشيعة والسنة أمس سيرا على الاقدام من بغداد باتجاه مدينة فلوجة المحاصرة التي تمثل نجمة المقاومة العراقية وتبعد 50 كلم عن بغداد.ورافق المشاة العراقيون سيارات مليئة بالمواد الغذائية والادوية يريدون توزيعها على السكان في المدينة التي تتعرض لأخطر العمليات العسكرية الأمريكية بعد أن شهدت مقتل أربعة مقاولين أمريكيين يوم الأربعاء من الاسبوع الماضي و5 جنود أمريكيين في مكان ليس بعيدا عنها في نفس اليوم.وتقدمت القافلة التي تضم عشرات الشاحنات الكبيرة والصغيرة والسيارات المحملة بالمواد الغذائية والادوية باتجاه ابو غريب على بعد عشرين كلم غرب بغداد في حين تعرضت آليات عسكرية وصلت على الخط المعاكس للهجوم بالقذائف المضادة للصواريخ. حرب فلوجة والحرب في فلوجة ويطلق عليها الفلوجة أيضا، ضارية بكل معنى، حيث تبدي المقاومة العراقية شراسة في الهجوم والدفاع من خلال تضحية المجاهدين بأرواحهم لتحقيق مكاسب في المعركة، كما تفيد مصادر المقاومة خارج المدينة الثائرة التي لدرجة فورانها اضطر الجيش الأمريكي للاستعانة بمشاة المارينز للتصدي لها، بل إن المارينز بدأوا فعلا بتشبيه المعارك بحرب فيتنام التي أذلت بلادهم في القرن الماضي. وأعلن ضابط أمريكي أمس عن مقتل عنصرين من المارينز برصاص قناصة كمنوا لهما في مدينة الفلوجة. واوضح الضابط لمراسل فرانس برس ان احد العنصرين قتل برصاصة قناص بينما كان يحاول ان يتسلق السلالم، في حين قتل الثاني اثر اصابته برصاصة في العنق عندما كان يحاول المرور امام نافذة. واضاف: ان عنصرا ثالثا في المارينز اصيب بجروح في ساقه، موضحا ان اطلاق النار هذا حصل في المنطقة الصناعية في الفلوجة. ويشن الجيش الامريكي منذ الاثنين عملية واسعة النطاق وتبدي حجة تتمثل في سعيها للقبض على المسؤولين عن الهجوم الذي اودى بحياة الأمريكيين الأربعة وتم التمثيل بجثثهم وتعليقها أمام الملأ. وقد اسفرت المعارك الضارية عن سقوط 105 قتلى واصابة اكثر من 200 بجروح منذ مساء الثلاثاء في الفلوجة، كما اكدت قناة الجزيرة نقلا عن مصادر طبية. ومساء أمس، اعلن الجيش الامريكي ان 40 مسلحا قتلوا منذ الاربعاء في محافظة الانبار غرب بغداد خلال معارك مع القوات الامريكية بينهم 10 في الفلوجة امس. وافاد بيان للجيش ان مشاة البحرية تعرضوا لهجوم من عدد غير محدد من قوات معادية مزودة اسلحة رشاشة واخرى خفيفة وقنابل يدوية وقذائف مضادة للدبابات. واضاف: ان عناصر مشاة البحرية طلبوا تعزيزات وشنوا هجوما على مواقع العدو فدمروا شاحنة على متنها مدفع رشاش والمبنى الذي اطلق المسلحون منه النار. وقد قتل عشرة من الاعداء (المقاومة). وتابع البيان: ان ما لا يقل عن 30 مسلحا قتلوا في محافظة الانبار في مواجهات اخرى مع مشاة البحرية خصوصا في الرمادي. المقاومة تتجه للاستراتيجية وأعلن الجنرال الامريكي ريكاردو سانشيز في مؤتمر صحفي ببغداد أمس أن قوات التحالف تقوم بجهود لتجنب حصول تنسيق بين ما وصفه بالمقاومة السنية والشيعية (الوسطى والجنوبية). واعتبر ان الدعوة للوحدة بين قوات مقتدى الصدر والقوات السنية ليست امرا غير مرتقب، انها بوضوح محاولة للاستفادة من الوضع. واضاف: ان تزايد الانشطة في انحاء البلاد هو ايضا بوضوح مؤشر على ان السنة يحاولون ايجاد مشكلة اكبر للتحالف لكننا على استعداد لمواجهتها. وقال: هناك خطر ونعتقد انه على ادنى المستويات يمكن ان تحصل انشطة بين السنة والشيعة وسيكون علينا العمل بشكل شاق للتاكد من بقاء ذلك على مستوى تكتيكي. بغداد وفي بغداد، اكدت ميليشيا الصدر أمس انها على استعداد لاستئناف المعركة ضد التحالف بعد تدمير القوات الامريكية مقرها العام في مدينة الصدر. وذكر مراسلون أن دوي انفجار قوي هز وسط بغداد مساء امس ولم تعرف اسباب الانفجار على الفور. وحلقت مروحيات امريكية فوق وسط المدينة. وسمعت اصداء انفجارت وطلقات نارية خلال الايام الثلاثة الاخيرة في العاصمة العراقية. ولم يكن في وسع متحدث باسم الائتلاف تحديد اسباب الانفجار. وقتل خمسة عراقيين واصيب 18 آخرون بجروح في انفجار قنبلة يدوية الصنع صباح امس في بلدروز شمال بغداد وفق ما اعلنت الشرطة العراقية. وقال الملازم احمد نجاح: ان العبوة الناسفة الموصولة بقارورة غاز خبئت في رف للفاكهة في احد المتاجر وانفجرت في الساعة 11.30 ما ادى الى مقتل خمسة من المارة واصابة 18 بجروح في احد شوارع بلدروز الواقعة على مسافة 40 كلم جنوب غرب بعقوبة (60 كلم شمال بغداد). كذلك ادى الانفجار الى تدمير ست سيارات بحسب المصدر. الكوت في قبضة المقاومة واعلن الجنرال الامريكي ريكاردو سانشيز ان قوات التحالف ستستعيد في وقت وشيك مدينة الكوت التي انسحبت منها القوات الاوكرانية امس الاربعاء والخاضعة لميليشيا مقتدى الصدر. وقال سانشيز سنستعيد السيطرة على مدينة الكوت في وقت وشيك. وكانت القوات الاوكرانية التي تسيطر على المدينة غادرت مواقعها اثر هجمات عنيفة شنتها ميليشيا الصدر. وافاد مراسل فرانس برس الذي كان امس في الكوت ان المدينة خاضعة تماما لسيطرة جيش المهدي كما يطلق الصدر على الميليشيا المناصرة له. الجبهة الجنوبية وعلى الجبهة الجنوبية، تتواصل الانتفاضة الشعبية الدامية التي يقودها انصار الزعيم العنيد مقتدى الصدر في عدد من المدن العراقية. ففي كربلاء، استولى جيش المهدي (ميليشيا الصدر) على مراكز الشرطة. ووجهت الميليشيا انذارا لقوات التحالف بالانسحاب من هذه المدينة التي يتدفق اليها عشرات الآلاف من الزوار. واصيب ستة من عناصر ميليشيا الصدر بجروح ليلا اثناء مواجهات مع القوات البولندية والبلغارية، بحسب مستشفى الحسين في كربلاء. وفي النجف، اكدت الميليشيا الصدرية احتجاز رهائن اسبان وتعتزم مبادلتهم باحد مسؤوليها في النجف مصطفى اليعقوبي الذي اوقفه التحالف فجر السبت ،لكن قائد اللواء الاسباني الموجود في العراق كارلوس هيرادون ينفي ذلك. وقتل عراقيان وجرح عشرون آخرون في اشتباكات وقعت الاربعاء بين الميليشيا الصدرية والقوات الاسبانية والسلفادورية في النجف، كما افاد مستشفى المدينة أمس. واعتبر الجنرال سانشيز ان قوات التحالف لم تغادر مدينة النجف لكنها لا تزال متحصنة في قواعدها فيما تسيطر المقاومة على وسط المدينة. وقال لا تزال هناك قوات للتحالف في المدينة وفي القواعد التي نحتلها، ولم نغادر المدينة. هناك قاعدتان وقواتنا لا تزال فيهما. واضاف ما تسيطر عليه عناصر جيش المهدي هو المنطقة في وسط المدينة ومراكز الشرطة والمباني الحكومية. واشار الجنرال سانشيز الى واقع ان قوات التحالف تتروى نظرا لوضع مدينة النجف المقدسة حيث يوجد ضريح الامام علي وذلك قبل ايام من حفل ديني. وقال كقوات تحالف، نحن حريصون جدا على مراعاة الدين والوضع المقدس للضريح والوضع الخاص لمدينة النجف. سامراء وافاد مراسلون أن مواجهات اندلعت امس في مدينة سامراء (120 كم شمال بغداد) بين مسلحين وقوة الدفاع المدني العراقي وسط المدينة. وقال شهود عيان: ان المسلحين كانوا على متن شاحنات صغيرة هاجموا صباح امس مقر قوة الدفاع المدني في وسط المدينة بالاسلحة الرشاشة وقذائف صاروخية. وقال علي محمد الياسري احد سكان سامراء: ان المسلحين كانوا ملثمين يرددون شعارات دينية ووطنية وهم يقودون شاحناتهم بسرعة فائقة وسط دهشة الاهالي. واضاف ان هذه الاوضاع دفعت بغالبية اصحاب المحلات الى اقفالها والعودة الى منازلهم خوفا من تدهور الاوضاع في المدينة. ومن جهته ، اكد الشاهد نجاح الياسين ان المسلحين اقتربوا من مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري وسط سامراء وهم يطلقون النار في الهواء. وبدت المدينة ظهرا شبه خالية الا من عدد قليل من المارة. مقاوم عراقي يحتفل باحراق مركبة امريكية