لا أحد يرغب في الاهتمام بالفن.. أو ربما لا أحد يولي عناية بالفن مقابل المغريات الأخرى.. هذا ما قاله الفنان عبد الله إدريس خلال المعرض الجماعي الذي أقيم مؤخراً في شاطئ الغروب بالخبر الذي أشرف عليه بنفسه.. كان وحيداً .. لا مشاهدين .. لا مهتمين.. لا فنانين.. فقط هو والمكان وقرابة أربعين لوحة جاثمة على جانبي الممر الضيق الذي خصصه القائمون على المنتجع - الشاطئ.. سألته لماذا أنت وحيد في هذا المكان؟ أجابني دونما أي نبرة (تعودنا يا صديقي على مثل ذلك).. الناس هنا تحضر سباق الزوارق العالمي. أو الذهاب للمطعم.. أو المرافق الأخرى... وحده الزقاق الذي خصص لنا يظل خالياً من الزوار.. إلا منك أنت أو بعض المهتمين الذين يحضرون كل ثلاث أو أربع ساعات.. @ سألته كيف كان الافتتاح؟ * أجاب كان جيداً نوعاً ما.. حضره بعض الفنانين والفنانات وجمهور من المتذوقين والمتطفلين.. ثم انفضوا من حولنا.. اطمئن لسنا متشائمين رغم ذلك، فالفن لا يمكن أن يحضره جمهور كبير.. لسنا بإزاء أمسية شعبية أو حفلة غناء..! بين ماءين هو هذا المعرض الذي نتحدث عنه الذي نظمه بيت الفنانين التشكيليين بجدة شارك في 36 فناناً أغلبهم من أعضاء بيت الفنانين بجدة وبعض فناني وفنانات المنطقة الشرقية. ولئن كان عبد الله إدريس وحيداً، إلا أن لوحاته كانت ومميزة، وكذلك مجموعة أخرى من اللوحات لفنانين سجلوا بصماتهم في سماء التشكيل داخل وخارج الوطن.. حميدة السنان.. طه الصبان.. عبد الحليم رضوي.. بدرية الناصر وغيرهم... ثمة وجوه كثيرة تقف قبالتك وأنت تشاهد المعرض.. وجوه قابلة للصراخ والتحدي.. وجوه تضج بخيبة الأمل.. فإذا قارنت بين وجوه عبد الله إدريس - على سبيل المثال - والتي لا تشي في بعض الأحيان بملامح محددة وبين وجوه شارليمار شربتلي ذات التعبيرات المتعددة.. بعضها مطموس وبعضها واضح.. بعضها تعبيري وبعضها واقعي، فإذا ابتعدت قليلاً عن اللوحة فربما تشاهد معاني أخرى غير التي كنت تفكر فيها وأنت ملتصق باللوحة.. هناك رؤى كثيرة يمكن أن تخرج بها من خلال هذه الوجوه.. إن هذه المقارنة قد تفيدك في تكوين رؤية جمالية لهذا المعرض المتنوع والمتباعد، سواء من ناحية المدارس الفنية أو من حيث التجربة والخبرة لدى كل منهم، فمنهم من قضى عمراً في هذا المضمار بينما البعض مازال يقدم تجربته الأولى أو الثانية. لماذا حشر كل هذا الكم الهائل من الفنانين هذه المعرض؟ إنها رغبة فنية في إعطاء الفنان الفرصة مهما كان مشواره الفني متواضعاً.. هذا ما قالته بدرية الناصر ذات معرض سابق قبل قرابة السنة.. إنها رغبة من قبل الفنان لإعطاء الفنان الواعد فرصته في الظهور. بين ماءين تمكن من حشد مجموعة كبيرة من اللوحات والفنانين في مكان واحد ، ولكنه فشل كما يبدو في استقطاب الجمهور له، في مكان يفترض أن يكون الزوار فيه يتوافدون بشكل يومي، هل كان خطأ في التوقيت، لقد كان سباق (فورميلا 1) الخاص بالزوارق منطلقاً في نفس الفترة، فهل أثر ذلك على مستوى الحضور، الجواب ليس أكيداً، لأن معرضاً للفنون التشكيلية ليس مغرياً بما فيه الكفاية سوى لقلة من الناس.! من الأعمال المشاركة