قال محللون ورجال أعمال ان المغرب يحتاج لتطوير صناعاته التحويلية اذا كان يريد القضاء على العجز التجاري الخارجي. وأظهرت بيانات نشرت الاسبوع الماضي أن العجز التجاري المغربي سجل مستوى قياسيا عند 5ر52 مليار درهم (ستة مليارات دولار) العام الماضي بارتفاع 19 بالمئة عن مستواه في عام 2002. ومن سبل سد العجز تصنيع وتصدير منتجات ذات قيمة مضافة مرتفعة لكن المغرب يبدو بعيدا عن تحقيق ذلك في الوقت الراهن. وقال الاقتصادي نجيب أقصبي ان النموذج الصناعي المغربي يفضل عقودا من الباطن وتصدير المعادن او المنتجات الطازجة وكلها لا تحقق قيمة مضافة عالية. وأضاف من أجل أن نصدر الطماطم (البندورة) نستورد الصوبات الزراعية ونظم الري وحتى صناديق التعليب. ومن أجل المنسوجات نستورد المواد وحتى الابر. فوارداتنا تزيد كلما زادت صادراتنا. واضاف ينتهي بنا الحال في وضع تكون فيه 60 في المئة من تكلفة المنتج المصدر مستوردة. ويمثل قطاع الصناعة الذي يضم الصناعات التحويلية والبناء والتعدين نحو 31 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي البالغ نحو 40 مليار دولار. لكن الصناعات التحويلية لمنتجات ذات قيمة مضافة عالية لا تمثل سوى 3ر17 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي دون تغير منذ عام 1982. ويقول المحللون ان السبيل الوحيد أمام المغرب في المستقبل هو زيادة تصنيع المعدات الزراعية بدلا من استيرادها وتطوير البنية الاساسية الزراعية وتعزيز صناعة المنسوجات بما في ذلك توفير التصميمات والعلامات التجارية. وسيسهم ذلك أيضا في توفير الوف فرص العمل في بلد يبلغ معدل البطالة فيه بين سكان الحضر 20 بالمئة. ويشير محمد لولتيتي رئيس ثاني أكبر شركة لمنتجات الالبان في البلاد على سبيل المثال الى اسبانيا المنافس الرئيسي للمغرب في الاتحاد الاوروبي بصادراتها من المنسوجات والمنتجات الزراعية. وقال الزراعة تمثل أقل من اربعة بالمئة من اجمالي الناتج المحلي الاسباني. لكنها ساعدت الصناعة المحلية على التطور بدرجة كبيرة لضمان توفير المواد اللازمة للمصدرين للحفاظ على قدراتهم التنافسية داخل الاتحاد الاوروبي. وقال حسن شامي رئيس الاتحاد العام للمقاولات المغربية ان دعم الصادرات يتطلب قوة عمل أكثر مهارة وخفض ضرائب الشركات التي تبلغ حاليا 35 بالمئة. وظل المغرب لفترة طويلة مكانا مفضلا للشركات الاجنبية لصناعة المنسوجات بسبب عمالته الرخيصة. لكن تكاليف العمالة المغربية ارتفعت في الاعوام القليلة الماضية. وقال ادريس بنعلي أستاذ الاقتصاد شرق اوروبا يقدم عمالة أقرب وأكثر كفاءة وأرخص لشركات غرب اوروبا. ويقر مسؤولو الحكومة المغربية بالحاجة الى اصلاح التعليم والتكيف مع متطلبات سوق العمل ووقف هجرة العقول والمهارات من البلاد. وقال مكتب الصرف وهو هيئة الرقابة على المبادلات التجارية ان المستوى القياسي للعجز التجاري نتج عن نقص لم يسبق له مثيل في مخزون الاسماك بسبب الاستغلال غير المحكوم وحريق في مصفاة النفط الرئيسية في البلاد في أواخر عام 2002. لكن الخبراء يشيرون الى أسباب هيكلية أعمق. وقالت وحدة التوقعات الاقتصادية التابعة لوزارة المالية ان الصناعات الزراعية والمنسوجات والكيماويات تمثل أقل من ربع الواردات العالمية لكنها تمثل 80 بالمئة من الصادرات المغربية. والمغرب هو اكبر منتج في العالم للفوسفات وحامض الفوسفوريك ومن أكبر منتجي الاسمدة. ويعمل بقطاع الزراعة المغربي نحو نصف قوة العمل في البلاد لكن انتاجيته منخفضة. واداؤه يعتمد على الاحوال الجوية ولا يسهم سوى بنسبة 15 بالمئة في اجمالي الناتج المحلي. وتقول الوحدة انه في حين يحصل الاتحاد الاوروبي على نحو 75 بالمئة من الصادرات المغربية الا ان هذه الصادرات غائبة عن الاقتصادات الاكثر نموا ... مثل آسيا. ويقول مصنعون مغاربة ان الحكومة يمكنها المساعدة في دعم الصادرات عن طريق اتباع اجراءات مثل دعم الشحن للاسواق البعيدة ومكافحة التلاعبات الجمركية وضمان معايير جودة المنتجات.