يُمثل المغرب إحدى حواضر العرب، المزدهرة بقوامها الحضاري والثقافي، وتراثها الضارب في جذور التاريخ. والمغرب دولة متوسطة الحجم بالمعيار الجغرافي، كما أنه ذو كتلة ديموغرافية متوسطة. وقد واجه، في السنوات الخمس الماضية، ظروفاً مالية واقتصادية متباينة. وتأثرت قطاعاته الإنتاجية، بمستويات متفاوته، بالأزمة المالية العالمية. وبدلاً من النفط، يُشكل الفوسفات، المحرّك الرئيسي للصادرات المغربية، ومصدر الدخل الأهم لديه. وفي الوقت ذاته، يُمثل المغرب إحدى الدول الرئيسية للصادرات الزراعية على المستويين الأفريقي والعربي، سيما على صعيد الثروة السمكية والصناعات المرتبطة بها. وعلى الصعيد الاستراتيجي، دخل المغرب في برنامج بناء عسكري، متأثراً ببرامج التسلّح الدائرة في الجزائر. مؤشرات عامة وفقاً لمؤشرات العام 2010، يبلغ عدد سكان المغرب 31.9 مليون نسمة. وهو يحتل على هذا الصعيد المرتبة 38 عالمياً، بعد أوغندا (33.3 مليون نسمة)، وقبل بيرو (29.9 مليون نسمة). وكان عدد سكان المغرب يبلغ 9.3 ملايين نسمة عام 1950.ويتوقع أن يصل إلى 34.9 مليون نسمة عام 2020، وإلى 37.8 مليونا عام 2030، و 40.2 مليون نسمة عام 2040. وتعتبر الكتلة الديموغرافية المغربية الثانية من حيث الحجم على مستوى إقليم المغرب العربي، بعد الجزائر (34.9 مليون نسمة)، وقبل تونس (10.6 ملايين نسمة)، وليبيا (6.5 ملايين نسمة) وموريتانيا، ( 3.3 ملايين نسمة). ووفقاً لمؤشرات العام 2010، يبلغ معدل النمو السكاني في المغرب 1.08%. وهو يقع في المرتبة 121 عالمياً على هذا الصعيد، بعد فيتنام (1.1%)، وقبل الأرجنتين (1.04%). تفعيل مواقع الإنتاج الصناعي والاقتصادي .. وعلاقات دبلوماسية متميزة مع العالم على مستوى المؤشرات المالية والاقتصادية، أفاد تقرير جرى تقديمه في لشبونة، في السادس من حزيران يونيو من العام الجاري، حول "الآفاق الاقتصادية في أفريقيا عام 2011"، بأن مواصلة الإصلاحات الهيكلية التي انخرط فيها المغرب منذ عقد من الزمن، تؤشر على فرص نمو إيجابية للاقتصاد المغربي. وقد ارتفع حجم الموازنة العامة في المغرب من 60 مليار درهم (7.1 مليارات دولار) عام 2007، إلى 167 مليار درهم (نحو 20 مليار دولار) عام 2011. ويبلغ حجم الاحتياطي النقدي في المغرب 69.25 مليار دولار، وفقاً لمؤشرات العام 2008. ويقع المغرب على هذا الصعيد في المرتبة 22 عالمياً، بعد كوريا الجنوبية (73.16 مليار دولار)، وقبل الجزائر(60.91 مليار دولار). وقد أفاد تقرير مغربي رسمي، بأن نمو الاقتصاد الوطني سوف يرتفع بمعدل 4.3% عام 2011، مقابل 4% عام 2010 و5.9% عام 2009، بحيث يتحسن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب على مستوى السلع والخدمات، وينتعش تدفق رؤوس الأموال، مما يتيح للاقتصاد فرصاً لتحسين حصته من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في الأسواق العالمية، والموجهة إلى الدول الصاعدة، التي ستحقق نمواً بمعدل 6.5%. ويبلغ معدل الدين العام في المغرب 55.1% من الناتج القومي الإجمالي، وذلك وفقاً لمؤشرات العام 2009.ويقع المغرب على هذا الصعيد في المرتبة 41 عالمياً بعد غانا (55.2%)، وقبل الإمارات العربية المتحدة (54%). ويبلغ المعدل العالمي 56%. وقد سجل أعلى معدل في العالم في زيمبابوي وهو 282.6%، وأقله في موزمبيق (3.7%). وعلى صعيد موازنة العام 2011، خصصت الحكومة 6.5 مليارات درهم لتمويل الطرق، و3.9 مليارات درهم للموانئ، و7.1 مليارات درهم للسكك الحديدية، وثلاثة مليارات درهم للأعمال اللوجستية للعام الحالي، من أصل 63 مليار درهم للفترة 2010 - 2015 بالنسبة للاستراتيجية اللوجستية الوطنية. وحصل قطاع التعليم على أكثر من 48 مليار درهم، والصحة 11 مليار درهم، والطاقة 7.8 مليارات درهم. ويتضمن القانون المالي للعام 2011 إجراءات كثيرة لجلب وتشجيع الاستثمار الخارجي، منها إحداث صندوق يوَجه حصرياً للاضطلاع بدور رافعة لاستقطاب الاستثمارات. وثمة اعتقاد بأن الوضع في المغرب قد تأثر بتقلص الاستثمارات الأجنبية ومنها العربية، إلا أن وضعية بعض المؤسسات العامة الاستراتيجية مكنت البلاد من تدارك العجز الحاصل في بعض المشاريع الاستثمارية، وبالتالي تعويض الرأسمال الأجنبي. وقد انخفضت الاستثمارات والقروض الداخلة للبلاد في العام 2009 بنسبة 26% إلى 26 مليار درهم (3.2 مليارات دولار)، كما تراجعت تحويلات المغتربين المغاربة خلال العام ذاته بنسبة 5.3%، لتتوقف عند خمسين مليار درهم (6.2 مليارات دولار)، وعلى الرغم من ذلك، هناك من يعتقد أنه مما خفف من تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية، و"بنك المغرب"، والإصلاحات التي استفادت منها المقاولات المتوسطة والصغرى. وكذلك بفضل ثقة المستثمرين العرب والأوروبيين في المغرب كوجهة استثمارية. التجارة الخارجية على صعيد المبادلات التجارية، ارتفعت تجارة المغرب الخارجية بنسبة 23% خلال الربع الأول من العام 2011، وذلك بفضل نمو الصادرات، ووزيادة حجم الواردات، وتحسن أسعار المواد الأولية والزراعية في السوق الدولية. ووفقاً لما لمكتب "الصرف" المشرف على التجارة الخارجية والقطاع الأجنبي، فقد ارتفع عجز الميزان التجاري الخارجي للبلاد الى 44.3 مليار درهم (5.4 مليارات دولار)، بزيادة قدرها 29%. وأوضحت الاحصاءات بأن مبادلات المغرب بلغت 123 مليار درهم (15 مليار دولار) حتى نهاية آذار مارس الماضي، نتيجة ارتفاع الأسعار الدولية، وعودة الطلب على المنتجات المغربية في السوق الأوروبية، وبخاصة الملابس والمواد الغذائية. ويتوقع أن يحقق الفوسفات إيرادات بنحو ستة مليارات دولار نهاية العام الجاري، علماً بأنه يُمول في العادة واردات مصادر الطاقة، ويتأثر بالأسعار العالمية كونه مُقوماً بالدولار، على خلاف صادرات المغرب الأخرى، المقوّمة باليورو. ويُعد المغرب أكبر مصدر في العالم للفوسفات، الذي يستخدم أساساً في صناعة الأسمدة والمواد الكيماوية الأخرى، كما يعد ثاني دولة من حيث إنتاج الفوسفات بعد الولاياتالمتحدة الأميركية. وتصل جملة احتياطات الخام فيه إلى 70% من إجمالي الاحتياط العالمي، بعد استرجاع الصحراء المغربية. ومن أهم الموارد الأخرى، التي يمتلك منها المغرب احتياطات كبيرة خام الحديد، كما يُعد الكوبالت أحد أهم المعادن في المغرب، وهو تحتل المركز الرابع عالمياً من حيث الانتاج، كما يُعد المغرب ثاني دولة في العالم من حيث إنتاج الرصاص. ويستخرج من المناجم المغربية أيضاً الزنك والفحم الحجري والألومنيوم، والنحاس والقصدير والنيكل والبوكسايت، كما يتم تعدين المنغنيز والملح والفضة والفلور. انتاج النفط بلغت مشتريات المغرب من النفط الخام 6.5 مليارات درهم (802 ملايين دولار) في الربع الأول من العام 2011، بزيادة قدرها 28%. وكان سعر النفط العالمي قد ارتفع بنسبة 25% منذ مطلع العام الجاري. وينتج المغرب 4.3 آلاف برميل يومياً من النفط، وفقاً لمؤشرات العام 2008. وهو يقع في المرتبة 97 عالمياً بعد اليونان (4.8 آلاف برميل)، وقبل تشيلي(أربعة آلاف برميل). ويستهلك المغرب 187 ألف برميل يومياً، وفقاً لمؤشرات العام ذاته. وهو يقع في المرتبة 60 عالمياً على هذا الصعيد، بعد أيرلندا (188 ألف برميل)، وقبل بيرتوريكا (185.3 ألف برميل). وتبلغ احتياطات النفط المؤكدة في المغرب 750 ألف برميل، وفقاً لمؤشرات العام 2009. وهو يقع في المرتبة 97 عالمياً على هذا الصعيد، بعد الأردن( مليون برميل )، وقبل إثيوبيا (430 ألف برميل).وتقع إثيوبيا في نهاية سلم الدول المصنفة على أنها ذات احتياطات نفطية مؤكدة. على صعيد الغاز الطبيعي، ينتج المغرب 60 ألف متر مكعب سنوياً، وهو يقع في المرتبة 81 عالمياً، بعد الغابون (90 ألف متر مكعب)، وقبل مولدافيا (50 ألف متر مكعب).وذلك وفقاً لمؤشرات العام 2008. ويستهلك المغرب 560 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً، وفق مؤشرات العام ذاته.وهو يقع في المرتبة 94 عالمياً، بعد تنزانيا(560.7 مليون متر مكعب)، وقبل جمهورية الدومينيكان (470 مليون متر مكعب). ويصل حجم الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي في المغرب 1.501 مليار متر مكعب، وهو يحتل المرتبة 97 عالمياً على هذا الصعيد، بعد اليونان(1.982 مليار متر مكعب)، وقبل بنين (1.133 مليار متر مكعب). ويحصل المغرب على 90% من الطاقة اللازمة له من الواردات، وبخاصة النفط. وتأتي بقية احتياجات الدولة من مواردها الخاصة من الفحم الحجري والغاز الطبيعي والمساقط المائية، إلى جانب النفط الخام المنتج محلياً. وقد ازداد إنتاج الطاقة الكهربائية بفعل سياسة بناء السدود على الأنهار الهابطة من جبال أطلس منذ عام 1928، خاصة سد بين الويدان على نهر العابد، وعلى رافد نهر السبو، ونهر الملوية في الشرق. آفاق الصناعة المغربية يمتلك المغرب قاعدة صناعية جرى تطويرها بفعل توطين التكنولوجيا. وتتخصص معظم صناعات المغرب في سد حاجات الاستهلاك المحلية، وهي تشمل صناعة الأغذية، والمنسوجات، والسلع الجلدية، والإسمنت، والمواد الكيميائية، والورق، والمعادن، والمطاط، ومنتجات البلاستيك، والأسمدة، ومنتجات تكرير النفط ، كما تعدّ منتجات الفوسفات ذات قيمة كبيرة في الإنتاج المغربي. وتعدّ الدارالبيضاء المركز الصناعي الرئيسي في المغرب، كما تُعدّ مدينة آسفي على ساحل المحيط الأطلسي المركز الرئيسي لصناعة تعليب الأسماك. وعلى مستوى الخطط المستقبلية، يستعد إقليمالجديدة كي يصبح أكبر قاعدة صناعية في المغرب من خلال منطقتيه الصناعيتين (الجديدة وأزمور) والجرف الأصفر، إضافة إلى 49 مقراً مهنياً. وتصل مساحة المنطقة الصناعية بالجديدة، التي صممت لاستيعاب الوحدات الصناعية من الفئتين الأولى والثانية، إلى 117 هكتارا مجهزة بشكل كامل، في حين تمتد المنطقة الصناعية بأزمور، على ثمان هكتارات، موزعة على 53 مقراً مهنياً. أما المركب الصناعي بالجرف الأصفر فيعد الأول من نوعه في المغرب، والذي يمتد على مساحة 500 هكتار، مخصصة للصناعات من الفئة الأولى (الصناعات الثقيلة مثل المعادن والمواد الكيماوية والشبه كيماوية، واللوجستيك الصناعي) . كما تضم هذه المنطقة خدمات الدعم ذات الصلة بالصناعة (الصيانة، مكاتب الدراسات والمراكز التجارية) . علاقات المغرب الخارجية على صعيد علاقاته الخارجية، يُمكن ملاحظة أنه إضافة إلى روابطه التقليدية الراسخة بالفضائين العربي والأفريقي، فإن المغرب يتمتع بعلاقات مزدهرة مع عدد كبير من دول العالم الأخرى، وخاصة الجوار الأوروبي، والولاياتالمتحدة الأميركية، التي يرتبط بها بنسق متطوّر من الروابط الاقتصادية والسياسية والأمنية. على المستوى الأوروبي، يُنظر إلى العلاقات المغربية الأسبانية باعتبارها علاقات ذات طبيعة خاصة، رسمتها معطيات الجغرافيا والتاريخ، والتداخل البشري بين البلدين. إن هذين البلدين، اللذين لا يفصلهما جغرافياً سوى مضيق جبل طارق، قد عرفا مداً وجزراً في روابطهما عبر التاريخ ، بدءاً من دخول العرب الى الأندلس، وما تلا ذلك من محاولات الأسبان طرد العرب، وسيطرة إسبانيا بعد سقوط غرناطة على جيبي مليلية عام 1479 وسبتة عام 1580، ومروراً بالفترة الاستعمارية، مع بداية القرن العشرين، حيث سيطرت إسبانيا على شمال المغرب وجنوبه. وعلى الرغم من ذلك، يرى المغرب أن إسبانيا الراهنة جار استراتيجي لا غنى عنه، خاصة على مستوى التعاون الاقتصادي. كما أنها سوق مهمة للعمل بالنسبة للمهاجرين المغاربة، الذين يفوق عددهم 600 ألف مهاجر شرعي، يشكلون ثاني جالية أجنبية في إسبانيا. وهذا فضلاً عن عشرات الالاف من المهاجرين المغاربة بطريقة غير قانونية. وخارج الجوار الأوروبي، تُمثل الولاياتالمتحدة الأميركية شريكاً رئيسياً للمغرب، على الصعيدين السياسي والاستراتيجي. وهي مصدر التسليح الأول لقواته العسكرية، كما يحصل منها على مساعدات منتظمة في مجالات مختلفة. التسلّح والإنفاق العسكري على صعيد قدراته العسكرية، تفيد مؤشرات العام 2010، بأن عدد القوات المسلحة المغربية يبلغ 195.8 ألف جندي، ويبلغ تعداد قوات الاحتياط لديه 150 ألف جندي. ويمتلك المغرب 380 دبابة قتال رئيسية، و282 قطعة مدفعية، و89 طائرة حربية، و92 مروحية عسكرية. ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فقد ارتفع الإنفاق العسكري في المغرب من 1.79 مليار دولار عام 1988 إلى 3.25 مليارات دولار عام 2010. وهو أعلى رقم يسجله خلال 22 عاماً. وعلى الرغم من ذلك، فقد انخفضت نسبة الإنفاق العسكري المغربي قياساً بالناتج القومي الإجمالي، خلال الفترة ذاتها، من 4.1% إلى 3.4%. وسجلت أعلى نسبة على هذا الصعيد في العام 1993 وقدرها 4.7%. فيما شهد العام 2000 أقل نسبة وقدرها 2.3%. واستناداً لقاعدة بيانات (SIPRI)، فقد استورد المغرب، خلال الفترة بين 2005 – 2010، أسلحة ومعدات عسكرية من كل من روسيا، فرنسا، بلجيكا، الولاياتالمتحدة، إيطاليا، سويسرا وفنلندا. ووفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن (CSIS)، فقد استورد المغرب من الولاياتالمتحدة، خلال الفترة بين 2007 – 2009 أسلحة ومعدات عسكرية بحوالي ثلاثة مليارات دولار، أبرزها صفقة طائرات حربية بقيمة 2.4 مليار دولار، وقعت في العام 2007، وقوامها 24 مقاتلة متعددة المهام من طراز (F-16C/D )، مع الأسلحة المرتبطة بها، وخدمات التدريب والصيانة. كذلك، تعاقد المغرب، مع الولاياتالمتحدة، في العام ذاته، على شراء 24 طائرة من طراز (T-6B ) بقيمة 200 مليون دولار. وتعاقد معها في العام 2009 على مروحيات عسكرية من طراز (CH-47D CHINOOK )، بقيمة 134 مليون دولار. وتعاقد المغرب مع روسيا، في العام 2004، على شراء صواريخ من طراز (Tunguska-M1 )، بقيمة 100 مليون دولار، وتعاقد مع فرنسا في العام 2006 على طائرات (Mirage F1CH/EH ) بقيمة 460 مليون دولار. وتعاقد مع هولندا في العام 2008 على ثلاث فرقاطات من طراز (SIGMA ) بقيمة 824 مليون دولار، وتعاقد في العام نفسه مع فرنسا على فرقاطة من طراز (FREMM ) بقيمة 676 مليون دولار، ومع إيطاليا على أربع طائرات نقل عسكري من طراز (C-27J ) بقيمة 166 مليون دولار. ويتكون الأسطول الجوي المغربي من 24 مقاتلة من طراز (F-16C/D) و23 مقاتلة من طراز (F-5E/F) و10 مقاتلات من طراز (F-5A/B) و 33 مقاتلة من طراز (Mirage F-1).