أظهرت دراسة لوزارة المال والاقتصاد المغربية أن عولمة التجارة وتحرير المبادلات الخارجية وانخراط الاقتصاد المغربي في الاقتصاد العالمي من خلال «منظمة التجارة العالمية»، وإبرام اتفاقات مناطق تجارة حرة مع دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وتركيا وبعض الدول العربية، كان لها نتائج سلبية على ميزان المدفوعات الخارجية للمغرب. ووفق الدراسة فإن عجز الميزان التجاري تضاعف خمس مرات في أقل من عشر سنوات وزاد من 44 بليون درهم (حوالى 5.3 بليون دولار) عام 2001 إلى 201 بليون درهم (24 بليون دولار) عام 2012 نتيجة زيادة الواردات من السلع والخدمات المختلفة، في مقابل ضعف الصادرات التي تضررت من الأزمة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي، والتي كانت تمثل 70 في المئة من التجارة الخارجية، قبل أن تنخفض إلى ما دون 60 في المئة العام الماضي. واعتبرت الدراسة أن من أسباب عجز الميزان التجاري المحلي انفتاح الاقتصاد المغربي على التجارة العالمية، وزيادة الاستهلاك الداخلي للسلع الدولية، وحاجة الاستثمار إلى المواد الأولية ونصف المصنّعة التي ارتفعت أسعارها في السوق الدولية في السنوات الأخيرة، فضلاً عن التحسن المعيشي للسكان وظهور أنماط جديدة من الاستهلاك. وصدّرت الرباط العام الماضي ما قيمته 182 بليون درهم من السلع الصناعية والزراعية واستوردت بحوالى 383 بليوناً. وتقدّر التجارة الخارجية للمغرب بحوالى 0.21 في المئة من إجمالي التجارة العالمية، وتقوم أساساً على صادرات الفوسفات والمنتجات الغذائية والزراعية، والملابس الجاهزة والنسيج والأحذية والصناعات اليدوية. وحققت الرباط في السنتين الأخيرتين تطوراً كبيراً في مجال صناعة السيارات وأجزاء الطائرات والتكنولوجيات الحديثة والإلكترونيات، التي صدّرت منها العام الماضي ب97 بليون درهم، وهي من المهن الجديدة التي يراهن عليها الاقتصاد لمعالجة خلل الميزان التجاري. وُيعزى جزء من الخلل التجاري إلى الأزمة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي التي قلصت مشترياتها من المغرب منذ عام 2008 بسبب ضعف الطلب والاستهلاك، ما دفع الرباط إلى البحث عن شركاء جدد ضمن الأسواق الناشئة. وأشارت دراسة وزارة المال إلى أن مبادلات المغرب زادت مع الولاياتالمتحدة وروسيا والصين والبرازيل والهند وباكستان وماليزيا وتركيا وسويسرا، لكنها تراجعت مع الاتحاد الأوروبي. و «بعدما كانت منطقة اليورو تمثل حوالى 76 في المئة من مجموع التجارة الخارجية تراجعت إلى 55 في المئة فقط في عقد من الزمن، وأصبحت إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب بحوالى 21 في المئة من المبادلات، قبل فرنسا التي تراجعت إلى المرتبة الثانية بنسبة 18 في المئة، على رغم وجود حوالى ألفي شركة فرنسية تعمل في المغرب». وأصبح الدولار العملة الأولى للتبادل التجاري المغربي على رغم ارتباط الدرهم باليورو منذ عام 2004. واعتبرت الدراسة أن تغيراً جوهرياً حصل في الخريطة الاقتصادية العالمية انعكس على مواقع الشركاء التقليديين للمغرب، حيث تراجعت حصة فرنساوإسبانيا معاً من 50 في المئة إلى 38 في المئة من المبادلات الخارجية، في وقت تضاعفت التجارة مع الدول الصاعدة، نتيجة اتجاه الإنتاج الصناعي من الغرب الأوروبي إلى شرق آسيا، وهو تحدٍّ فرض على الصادرات المغربية البحث عن أسواق جديدة وتغيير أنماط الإنتاج لاختلاف ثقافات الشعوب في الاقتصادات الناشئة. وأظهرت المؤشرات زيادة في الصادرات المغربية نحو تلك الدول، بخاصة الفوسفات ومشتقاته والمواد الغذائية والصناعات التقليدية.