لأنها امرأة عربية ناضجة لا تفصل نفسها عن الواقع فهي تتفاعل مع القضايا العربية وفق تصورها الثقافي الخاص تعترف بأنها لا تجيد الكلام لكنها تقول كل ما تريد من خلال (الكاريكاتير) الذي تعبر به عن موقفها تجاه القضايا السياسية والاجتماعية.. إنها دلال العزي رسامة كاريكاتير لبنانية تعيش في الرياض ترفض النظرة السطحية لحجاب المرأة وتؤكد أن حجابها جزء أساسي من خصوصيتها الدينية والعربية وأنه لا يحد من حريتها كما تتوهم بعض النساء. تقول دلال العزي: بدايتي مع الرسم كانت منذ الطفولة استهوتني الأماكن العتيقة، والمباني القديمة التي وقفت فيها وجها في وجه الزمن، تتحدث عن ملامح الحقبة التي شيدت فيها وشهدت عليها. كانت ومازالت تأسرني الأبواب القديمة المشغولة بفنون الفطرة والعفوية، والنوافذ المفتوحة على ضياع لم تعد كما كانت، لذلك وجدتني أميل في لوحاتي إلى محاكاة الواقع عبر هذه الأشياء، أرسمها وكأني في أسجل جزءا من تاريخ المكان وخصوصيته. تنقلت بين اتجاهات مختلفة، لكن ظل ارتباطي بالتعبير عن الأماكن ذا بعد واقعي تراثي أقوى، كما تنقلت بين أساليب ومدارس متعددة، لكن - أيضا - ظلت الأعمال الزيتية أقرب إلى نفسي. فن الكاريكاتير أما عن النقلة التي عاشتها الفنانة دلال العزي، وانخرطت عبرها في التجربة الكاريكاتيرية، فتقول: التحول هذا جاء بالصدفة، والحقيقة انه ليس تحولا بالمعنى الحرفي للكلمة، لأنني أرسم كعادتي، ومن منطلق أني فنانة تشكيلية في الأساس لكن يمكن أن أسمى هذا التوجه رافدا من روافد الذات الفنية عندي. وقد بدأت الرسم الكاريكاتيري مع طفلي الصغير، عندما كنت أداعبه أرسم له رسومات كاريكاتيرية، وهنا اكتشفت إمكانية جديدة عندي، فبدأت استثمارها في التعبير عن بعض القضايا الاجتماعية، والإنسانية، والسياسية، كنت قبل ذلك أجدني أمام موقف استفزازي أريد التعبير عنه، لكني لم أكن استطيع القيام بذلك على مساحة لوحة فنية، والمصادفة وحدها قادتني إلى اكتشاف هذه الخاصية، لذلك فأنا أدين فيها لأمومتي مع طفلي، لأنها - ربما - السبيل الذي كشف عن هذا الجانب الفني من شخصيتي. حرية مغلوطة في الوقت الذي ترى فيه بعض النساء، أن الحرية تبدأ من التمرد على التقاليد الاجتماعية، فإن الفنانة دلال العزي، تعتبر أن الخصوصية الاجتماعية والدينية هي المصدر الحقيقي للحرية، وأنه لا تناقض بينهما، وتقول: ليس بالضرورة أن أخلع حجابي، وأتمرد على العادات والتقاليد، وأرتدي الملابس الغريبة، حتى يقال أني فنانة، أو أشعر بأني أتمتع بحريتي كامرأة، فأنا ارى العكس تماما، وأعتقد أن المصدر الحقيقي لحرية المرأة يتمثل في أنها تسعى لتكريس خصوصيتها الدينية والثقافية والاجتماعية، فهي عندما تفعل ذلك تحقق ذاتها الإنسانية، وإذا فعلت عكس ذلك، إنما تستورد بروازا تقدم نفسها من خلاله. وهنا.. يتدخل زوجها الكاتب أحمد القيسي، أمريكي الجنسية، وكاتب سياسي ليبرالي دخل حالات كثيرة من الجدل مع غيره من كتاب السياسة مثل جهاد الخازن وآخرين، يقول القيسي: استغرب الكثيرون كون زوجتي محجبة، وأنا الذي عشت سنوات طويلة في أمريكا وفرنسا، وكان مصدر دهشة هؤلاء يختلف باختلاف مفهوم كل منهم في الحرية، بعضهم يعتقد أن انفتاحي على الثقافة الغربية سيجعلني أقف ضد حجابها، وبعضهم يعتقد أنها كفنانة يجب ألا تكون ملتزمة دينيا وكأن الفن يقف موقف الضد من الدين، والبعض الآخر يعتقد أن الحياة في مجتمع عربي منفتح مثل لبنان، أو غربي مختلف كأمريكا وأوروبا يفرض نمطه الخاص في طبيعة الملبس، لكني أتصور أن كل هذه التبريرات تغالط مفهوم الحرية. فلو فرضت عليها أن تخلع حجابها، سأكون بذلك غير مؤمن بقيمة الحرية، لأني حاولت قمعها ومنعتها من القيام بشيء هي تحبه وتؤمن بضرورته، وهي من جانبها ستشعر بأني أمارس ضغطا معينا على حريتها الشخصية، لذلك احترمت التزامها وحجابها، أولا لأني أعرف المعنى الحقيقي للحرية، وثانيا لأن من يعرف معنى الحرية لا يمكن أن يقمع حرية الآخرين، حتى لو كانت زوجته. مرحلة انتقال وحول مرحلة انتقالها إلى الرياض، وكيفية تواصلها مع واقع الحياة التشكيلية في المملكة، تقول الفنانة دلال العزي: شاركت في معرض جماعي كبير أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وقد وجدت أعمالي استحسانا من الكثيرين، وأعد حاليا لإقامة معرض شخصي - هنا - بالرياض، لكن لم يأت وقته بعد، وانتظر الوقت المناسب له. أما بالنسبة لنشاطي الفني، فأنا - هنا - في منزلي لدي مرسمي الخاص، أمضي وقتا طويلا فيه، خاصة أني لا أقوم بعمل وظيفي خارج المنزل، لذلك أكون دائما بين لوحاتي، وأنتج بشكل جيد، وأشعر بأني أحقق ذاتي من خلال هذا العمل. فضاء الانترنت @ وماذا عن أصداء موقعك على الانترنت؟ تقول الفنانة دلال العزي: هذا الموقع الذي رأيته، هو - بالمناسبة - من تصميمي، فقد اتجهت مؤخرا لدراسة تصميم المواقع، وحصلت على دبلوم في هذا المجال، وعن أصداء هذا الموقع فقد كانت جميلة جدا، ومن خلاله استطعت أن أتواصل مع العديد من الفنانات، وكذلك الصديقات، وفي أماكن مختلفة من العالم، لقد اختصر المسافة الكبيرة التي تفصل بيني وبينهن، وأعتقد أن الشبكة بشكل عام حققت خدمة مهمة للإنسان، وعلى مختلف المستويات. من أعمال الفنانة