هل غاب عن ذهننا ان هؤلاء الذين لملمت اشلاؤهم في قطار مدريد هم بشر؟ هل نسينا تلك الفصيلة التي ننتمي اليها؟ ها قد تحولنا لامة تمارس التمييز العنصري بكل جدارة, بعد ان اصبح لون الانسان الابيض الغربي مقياسا لاستحقاق الموت و المعاناة و العذاب, لا لانهم ارتكبوا جرما في حقنا (هكذا بالجمع), بل لانهم يعيشون بنمط مختلف عن نمطنا, وهذا النمط لا يعجبنا و نراه نمطا فسقيا و لا يتفق مع رؤيتنا للامور, لذا فان اصابتهم مصيبة قلنا في انفسنا (جهنم .. يستاهلون)!! و الادهى اننا نشتكي من عنصرية الانسان الغربي (هكذا بالجمع) رغم ما نراه من تعاطف للعديد من الجماعات مع قضايانا و مع حقوقنا و ضد حكوماتهم, ثم نقوم نحن بممارسة اشد انواع العنصرية فسقا حين لا نقف لحظة امام ارواح ازهقت و جثث مزقت وهي في طريقها لبيوتها ومدارسها ومكاتبها, و لا نرى ان الموت العبثي هنا يستحق وقفة استنكار لمجرد كون لون اصحاب تلك الجثث ابيض واصولها غربية! هل سمعتم عن احتجاج او اعتصام او مظاهرة تبدي موقفا واضحا و صريحا من تلك الجريمة التي يستنكفها العقل البشري السليم و تأباها المروءة و تلفظها الفطرة؟ حتى العرب والمسلمون الاوروبيون صمتوا صمت القبور و لم يتخذوا الموقف الذي تماشى مع الفطرة الانسانية السليمة. لقد انبرت الاقلام للدفاع عن التهمة, ونلوم من اتهم قبل التيقن, و لا نلوم انفسنا عن الدفاع قبل التيقن! ما هو مطلوب ان يحدد الان و قبل معرفة الجاني و بغض النظر عمن يكون, هو موقفنا الانساني كشعوب لا كحكومات من هذه الجريمة النكراء. وسواء كانت القاعدة او كانت غيرها من المنظمات التي ربما تكون من ضمنها الموساد فاننا نساهم بلصق التهمة على انفسنا حين نتصرف و كأن ما حدث لا يعنينا ولن نقف عنده الا بما يرد التهمة عن منظمة تنتسب للعرب و للمسلمين, اما الموتى و اقاربهم فلا ننتمي لهم و لا ينتمون لنا بالتالي لا يهموننا, انها جريمة اكبر من الجريمة التي وقعت, انها اعتراف ببيئة تفرز قتلة بهذا الحجم! تمنيت ان اشاهد الجماعات العربية التي تعيش بالملايين في تلك القارة تخرج منددة بالجريمة متبرئة من مرتكبها ايا كانت جنسيته, على الاقل مثلما نرى بعضهم يخرجون في مظاهرات منتصرة للحق الفلسطيني و شاجبة للعنصرية الاسرائيلية! * كاتبة بحرينية