هي من المواضيع الحساسة جداً في مجتمعنا بل في كل المجتمعات سواء كانت شرقية أو غربية وتكمن خطورة مشكلة العنصرية في أن الحديث عنها بأي شكل من الأشكال قد يزيدها تأججا ولذلك تجد المهتمين بالأمر في حيرة إذا تحدثوا وبينوا الأسباب قد يدخلوا في متاهات تمس شعور وأحاسيس البعض .. وإذا لزموا الصمت فأن المشكلة مازالت قائمة وقد تستفحل.. ولذلك عندما نريد محاربة العنصرية في المجتمعات لابد من أفعال وليس مقالات وكلام. العنصرية لا يعاني منها المجتمع الرياضي فحسب بل هي مشكلة المجتمع كافة بجميع قطاعاته و للوقوف في وجه هذه المشكلة والعمل على عدم تفاقمها يجب أن تكون الخطوات والإصلاحات فيها عملية ومن سلطات عليا أو من الشخصيات القيادية المؤثرة والتي تعتبر قدوة لأعداد وقطاعات كبيرة من المجتمع. هناك عدة تعريفات للعنصرية ولكن أبسطها هو (أنها موقف سلبي ظالم تجاه إنسان آخر لمجرد إنتماء هذا الإنسان إلى جماعة عرقية معينة) والسؤال الذي يجب أن نسأله هو مالذي يجعل فئة من الناس تتكبر و تتعالى على فئة أخرى وتعتقد أنها أفضل منهم بسبب لون أو عرق أو إنتماء قبلى. وللتدليل على أن هذا الشعور هو ليس فطري ففي مسألة اللون مثلا اذا خيرت مجموعة من الناس هل تفضل أن تشتري سيارة بيضاء أم أخرى سوداء أو هل تفضل أن يكون لون موبايلك أسود أم أبيض فستجد أن نسبة التفضيل بينهما متساوية أو متقاربة وكذلك أذا سألناهم أيهما أجمل الحصان الأسود أم الأبيض فسنجد أنه ليس هناك أفضلية مطلقة للون بعينه.. اذن نحن من حيث الفطرة لا نفضل لون على آخر في الأشياء الجامدة أو في الطيور والحيوانات ولكن عندما نأتي للبشر يصبح للون البشرة أهمية كبيرة .. ومن ذلك نفهم أن هذه الثقافة هي مكتسبة وليست فطرية. هناك أسباب كثيرة تجعل البعض يشعر بهذا الشعور العنصرى المقيت ويكتسب هذه الثقافة السيئة .. وأهم هذه الأسباب هي التربية والنشأة اللتان تعززان أو تمحيان هذا الشعور كما أن التعليم والثقافة يساعدان كثيراً على إنهاء هذه المشكلة (في الغالب معظم المتعنصرين هم من الأميين ومعدومى الثقافة) لأن الأنسان المتعلم والمثقف يهتم كثيراً بما يحمله الآخر من ثقافة وفكر ومعلومات أكثر من إهتمامه بشكله الخارجي ومظهره فقط .. كما أن السلطات والمسؤولين أحيانا يساعدون على تفشي العنصرية دون أن يقصدوا .. ولذا من أهم الخطوات للقضاء على العنصرية هى أن يتم التعامل من السلطات العليا في أي بلد مع جميع أفراد المجتمع دون النظر للقبيلة أو العرق أو اللون وأن تكون الكفاءة والخلق هما المعياران المهمان لتقييم الأفراد في المجتمع . كما أن ثقافة بعض المجتمعات تعزز روح العنصرية والتمييز العرقى .. وما إضافة إسم القبيلة لأسمائنا إلا نوع من أنواع هذا التعزيز وطالما نحن مازلنا نعرف بعضنا البعض بأسماء قبائلنا فهذا يعنى أننا نعزز هذه التعنصر والإنتماء للقبيلة دون أن ندرى.. والصحيح هو أن يكون إنتمائنا لوطن واحد وموحد. نقاط تحت السطر : * في قضية الهتافات العنصرية الأخيرة في مباريات الهلال لم يكن جمهور الهلال هو وحده الجاني بل أن جماهير الأندية الاخرى كلها تعانى من نفس المشكلة وأرتكبت هذه الحماقة في مرات سابقة ولكن جمهور الهلال هو أكثر من يمارس هذه الهتافات ولذا التصقت التهمة بهم وحدهم. * كنت أتمنى من رئيس نادي الهلال وهو القيادى صاحب الكلمة المسموعة أن يصدر بيانا يدين فيه جمهوره ويطالبهم بالتحلي بالروح الإسلامية ونهج القرآن الذي قال أنه سيعمل بهما عندما إستلم دفة القيادة بهذا النادي الجماهيري بدلا من إصدار بيانات يحتج فيه على العقوبات التي صدرت في حق جماهير ناديه. * بيان من رئيس الهلال يعاتب فيه جماهير ناديه ويطالبهم بالتحلي بروح الإسلام السمحة سيكون له مفعول السحر وخير من الف مقال ومليون محاضرة لنبذ العنصرية. * كل جماهير أنديتنا تتكون من نفس النسيج الإجتماعي وفيهم من كل الأعراق والأطياف ولذا أستغرب أن تسب جماهير نادي ما جماهير نادي آخر بسبب لونهم أو عرقهم فكأنهم يسبون أنفسهم. * مبادرة الامير فهد بن خالد لزيارة جمعية إنسان في رأيي أفضل من تبرع شركة صلة لهم ب 300 الف ريال . هؤلاء الأطفال هم في حاجة للحب والإهتمام أكثر من إحتياجهم للمال. الرمية الأخيرة : أجده طبيعياً جداً في عالم كرة القدم أن تشمت جماهير الهلال من خسارة النصر أو العكس فهذا السلوك موجود في كل العالم ولا أتصور أنه يمكن أن يسعد نصراوي بفوز الهلال أو يتمنى هلالي فوز النصر .. ولو حدث ذلك لأنتهت المنافسة التقليدية بين الجارين اللدودين فلا تصدقوا مدعي المثالية ولا تلتفتوا لمن يقول أن أسباب تدهور النصر هو فرحهم بخسارات جارهم .. فجارهم أيضا يسعد كثيرا بخسارات النصر.