توجت الموافقة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على انشاء الجمعية الوطنية لحقوق الانسان مسيرة الاصلاحات التي تشهدها المملكة في المرحلة الحالية والرامية في المقام الاول الى تحديد آليات النهوض بالفرد والمجتمع وفقا لما جاء في الشريعة الاسلامية. ولم يشكل الاعلان عن انشاء اللجنة الوطنية لحقوق الانسان مفاجأة لاحد ولم يكن مستغربا باعتبار ان هذه الخطوة جاءت في السياق الطبيعي للتطورات التي يشهدها العالم وفي وقت رأت فيه السعودية انه مناسب تماما لانطلاق هذا النشاط مع الوضع في الاعتبار ان المملكة لم تتجاهل قبل حقوق الانسان فالجمعية سوف تعتمد في نشاطها ماجاء في المادة السادسة والعشرين من النظام الاساسي للحكم التي نصت على ان (تحمي الدولة حقوق الانسان وفق الشريعة الاسلامية). واذا كانت مسيرة الاصلاح التي تتبناها القيادة قد اجازت انشاء العديد من الجمعيات والهيئات التي تعزز الحريات وتحافظ على حقوق الانسان الا ان السماح بانشاء الجمعية الوطنية لحقوق الانسان وهي جمعية مستقلة غير حكومية جاء ليعزز الخطى الجادة لهذه المسيرة فالجميعة ستتبنى مسؤولية التعريف بحقوق الانسان وحمايته وتدعم جهود الدولة ومؤسساتها المعنية بحقوق الانسان وذلك تفعيلا لمبدأ المشاركة الوطنية للاسهام في خدمة المجتمع عن طريق بناء مؤسساته المدنية.. كما ان انشاء الجمعية التي تضم نخبة من ابناء الوطن المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة يؤكد الرغبة الصادقة للدولة في تأسيس المجتمع المدني وهو بلاشك مؤشر على جدية التحديث المجتمعي والسياسي بالمملكة. وهنا أستبعد تماما ما قد يعتقده البعض من ان المملكة اقدمت على هذه الخطوة نتيجة لضغوط خارجية بل انها تطور طبيعي لمسيرة الاصلاح وقبول المجتمع للرأي والرأي الآخر وتشجيع المرأة السعودية على القيام بدور فاعل في كافة نواحي الحياة. وتدعم هذه الخطوة اهتمامات المملكة بحقوق الانسان فنظام الحكم في المملكة قائم اساسا على الشريعة الاسلامية التي أقرت حق الانسان في الحصول على حقوقه وصون كرامته، سبق هذه الخطوة صدور النظام الاساسي للحكم ونظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق كما صدر عدد من الانظمة المرتبطة بحقوق الانسان والحريات العامة مثل نظام المرافعات الشرعية ونظام الاجراءات الجزائية ونظام المحاماة بالاضافة الى قيام مجلس الشورى بادراج حقوق الانسان وكذلك حقوق الاسرة ضمن اختصاصات واهتمامات لجان المجلس. واذا كان هناك حوالي مائة اتفاقية دولية تتعلق بحقوق الانسان نجد ان معظمها جاء ليؤكد على الاسس والمبادئ التي تعلمها المسلمون من نبي الامة قبل 14 قرنا حين اكد في خطبة الوداع على المبادئ الاساسية لحقوق الانسان اذ قال: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وان اباكم واحد فكلكم لادم وآدم من تراب.. ان اكرمكم عند الله اتقاكم.. ليس لعربي فضل على اعجمي الا بالتقوى).. وان كان نشاط الجمعية الوطنية لحقوق الانسان لا يتعارض مع خصوصياتنا كمجتمع اسلامي فهذا يعني عدم وجود اي تحفظات في ان تمارس الجمعية نشاطها بشفافية ووضوح تام فلا حرج من معالجة الجوانب الاجتماعية وعدم السكوت على اي ممارسات خاطئة والتصدي بكل قوة لمن يريد النيل من حقوق اي مواطن او المساس بكرامته خاصة في ظل تشجيع ودعم القادة وحرصهم على ان تؤدي هذه اللجنة دورها على اكمل وجه.. * عضو مجلس الشورى