تهيأت تهامة منطقة الباحة لاستقبال المتنزهين في موسم الربيع لهذا العام , حيث الأجواء المعتدلة والطبيعة الخضراء التي اكتستها جبالها وسهولها على إثر الأمطار الغزيرة التي شهدتها في الفترة القريبة الماضية . وبالتزامن مع ذلك استعد الكثير من أهالي سراة المنطقة لقضاء إجازة منتصف العام الدراسي في ربوع القطاع التهامي حيث الدفء وجمال الطبيعة ،الأمر الذي حفز إمارة المنطقة لإقامة مهرجاناً ربيعياً يضم حزمة من الفعاليات والبرامج التي تلامس مختلف شرائح المجتمع . ويشهد مهرجان الربيع الذي تنظمه هذا العام محافظة المخواة قرابة ال 50 فعالية تستمر لمدة شهر كامل , منها مهرجانٍ التسوق وبرنامجٍ الأسر المنتجة ومهرجان الطفل وملتقى الشباب والمرسم الحر , والعديد من المحاضرات الدينية والثقافية والأمسيات الشعرية وعروض السيرك والفلكلورات الشعبية , علاوة على تنظيم مجموعة من الدورات التدريبية والبرامج الرياضية والملتقيات الدعوية . وللقطاع التهامي بالمنطقة ميزة فريدة تكمن في التنوع المناخي والبيئي لمحافظاتها الأربع , ما جعل منه محط أنظار الزوار إذ يجمع موقعه الذي يمتد ما بين سواحل البحر الأحمر غرباً وحتى قمم جبال السروات شرقاً العديد من الأودية الجارية والسهول الخضراء التي يقف عليها جبل شدا بشموخه وروعة مطلاته المليئة بالمناظر الخلابة التي تأسر النفوس . وبمتابعة من الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة تعمل الجهات المعنية في محافظات القطاع التهامي على تهيئة أماكن التنزه وتوفير الاحتياجات الضرورية للزوار والمتنزهين , إضافة إلى تكثيف الجهات الأمنية لعملها في المتنزهات وعلى امتداد الطرق لتيسير حركة السير , حرصًا على توفير أفضل وأرقى الخدمات للباحثين عن الدفء بما يكفل راحة المتنزهين . وتعد مشروعات الطرق العملاقة الرابطة بين السراة وتهامة من العوامل الأساسية التي أسهمت في نهوض السياحة الشتوية بالمنطقة , حيث سهلت الوصول لهذه المناطق التهامية وأسهمت في نمو الخدمات السياحية بمختلف أنواعها , ومن بين أبرز تلك الطرق طريق عقبة الملك فهد المنفذ في العام 1404ه بطول يصل لحوالي 46 كيلو مترًا يتخلله 25 نفقاً و 62 جسراً , إضافة إلى طريق عقبة الملك خالد بالمندق وطريقي عقبة حزنه وعقبة الأبناء ببلجرشي . ويمثل القطاع التهامي إرثاً حضارياً وثقافياً مهماً لاحتضانه على العديد من المواقع الأثرية , مثل قرية ذي عين التراثية التي بُنيت على قمة جبل من المرمر الأبيض , يحاط به مجموعة من المزارع التي تسقى من عين القرية العذبة , وكذا قريتا الخلف والخليف اللتان تبعدان قرابة 5 كيلو مترات عن شمال محافظة قلوة , حيث تضمان العديد من النقوش الإسلامية التي أرجعها المؤرخون لأوآخر القرن 8 وأوائل القرن 9 الهجريين . ولجبل شدا الأعلى والأسفل نصيب الأسد في روعة وجمال القطاع التهامي حيث الإطلالة والارتفاع الشاهق الذي يفوق الألفي متر عن مستوى سطح البحر , كما تمثل الأودية المليئة بالمياه والخضرة جزءاً مهماً من الهوية السياحية للقطاع التهامي , ومن أبرزها وادي عليب الذي يبعد عن محافظة الحجرة نحو عشرة كيلو مترات ووادي الخيطان الواقع في أسفل عقبة الأبناء جنوب محافظة بلجرشي وغيرها من الأودية الأخرى المنتشرة في القطاع التهامي . ويعد مركز ناوان الذي يمتاز بسهوله الصفراء وقربه من شاطئ البحر الأحمر متنفساً يقصده الكثير من الزوار , نظراً لاعتدال أجوائه وخصوبة أرضه التي اكتست في ظل الأمطار الأخيرة حُلةً خضراء يعيش زائرها أجواء ريفية تمنحه السعادة والانتعاش . ويشهد شتاء القطاع التهامي عامةً حضور منتوجات أراضيها الزراعية وصناعاتها التقليدية الخفيفة التي تكتظ بها الأسواق ، إلى جانب انتشار المراكز والوحدات السكنية الجديدة والفنادق والاستراحات بشكل ملحوظ , مما يُبرز السياحة كرافد اقتصادي مهم . ومن أبرز ما يميز قطاع تهامة المطاعم الشعبية المنتشرة التي تشتهر بالأكلات الشعبية كالعصيدة والمرق والحنيذ والمندي والمظبي والشواء بمختلف أنواعه ,. وفي هذا السياق كثّفت بلدية محافظة المخواة من جولاتها على المحلات التجارية والمطاعم لمتابعة نظافتها ومدى تقيدها بالأنظمة الصحية , كما جهزت مختلف المتنزهات والحدائق بالجلسات العائلية وألعاب الأطفال حرصاً على تهيئة الأجواء المناسبة لزوار القطاع . ولعل من يهتم بالسياحة وتنوعها في فصلي الصيف والشتاء يجد في تهامة منطقة الباحة ريحُ عِطر الربيع بتراثه وأثريته وثقافته المتنوعة مابين مصادر الطبيعة وشموخ وهيبة الجبال , ليدرك بذلك جمال الطبيعة بشتى ألوانها .