كنت جالساً مع مجموعة من الأصدقاء القدامى في جلسة جميلة، سيطرت عليها أحاديث الذكريات، وطرح أحدهم استغرابه من حال اثنين من الزملاء القدامى، فالأول: كان صاحب عقلية جبارة ومهارات عالية، ولكن حاله اليوم ليس بحجم قدراته، والثاني: يحقق اليوم نجاحات كبيرة رغم أن إمكانياته أقل من عادية، فتداخلت سريعاً بقولي: الثاني يملك مفتاحاً مهماً لا يملكه الأول، فرد علي الجميع بصوت واحد: وماهو هذا المفتاح؟ فقلت: القدرة على صنع واتخاذ "القرار". حياتك اليوم هي لوحة رسمتها ريشة قراراتك، وحياتك غداً هي لوحة ترسمها قراراتك القادمة حياتك اليوم هي لوحة رسمتها ريشة قراراتك، وحياتك غداً هي لوحة ترسمها قراراتك القادمة، وإذا كانت سيرة حياتك كتابا فأفضل عنوان يطبع على غلاف الكتاب هو "قصة قرار"، وتذكر أن حياتك ليست نسخة تجريبية لحياة أخرى ستكررها مرة ثانية. كثير من المدربين والخبراء يعرفون القرار بأنه: (عملية اختيار بين بدائل لتحقيق هدف)، وأنا في الحقيقة أختلف مع هذا التعريف؛ لأن القرار أوسع من عملية اختيار، وأحياناً علينا خلق البديل غير المتوفر؛ لأنه أفضل من الخيارات المتاحة، وبرمجتنا العقلية نحو البدائل قد تستدرجنا لخيارات خاطئة، فلو سألتك مثلاً :اختر الإجابة الصحيحة، هل عدد أبناء الجيران ثلاثة أو خمسة؟ سأقول لك الجواب خطأ؛ لأن الجواب هو تسعة، وسبب وقوعك في الخطأ لأني حصرتك بين بدائل خاطئة أو ليست الأفضل على أقل تقدير. "القرار" ببساطة شديدة هو: تحديد وتنفيذ ما يجب فعله وما يجب تركه، ولذلك هناك مربعان للقرار الصحيح، الأول: المطبخ الذي يصنع فيه القرار ويتحدد شكله، والثاني: هو الآلية والكيفية التي ينفذ بها القرار، وكثير من الناس يحاول التخلص من مسؤولية اتخاذه للقرار باتباعه للآخرين على طريقة: (مع الخيل يا شقرا)، وهؤلاء غفلوا عن كمية الخسارة التي يرتكبونها بحق أنفسهم، فمن يفرط في قراره لا يملك نفسه، والقرارات غير النمطية هي القرارات الأهم في حياتك. "الخوف" من أهم العوامل التي تسير قراراتنا، وإذا سيطر الخوف على القرار قتله، ولا يعلم صانع القرار حينها أن المبالغة في البحث عن الأمان هي قمة الخطورة؛ لأنه سيعطل القدرات التي يمكن أن يقوم بها بحجة الخوف. الإحجام عن القرار الأفضل، هو قرار أسوأ، والتردد في القرار هو قرار سلبي في النهاية، والمترددون في قراراتهم يحاولون دوماً تبرير واقعهم، والأفضل أن يبدأوا بدراسة المبررات الحالية ليتخذوا القرار الأفضل. في الختام، أقول لك: قرر أن تقرر. تويتر @almodifer