من الخطأ الاعتقاد السائد بأن الفشل هو عكس النجاح، لكنني أعتقد أنه بداية النجاح، وبخاصة عندما يتعلم الواحد منا الطريق إلى النجاح من عثراته التي تضيف الكثير من الفوائد إلى تجربته مهما كانت صعبة ومريرة. ولماذا دائماً ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس ولا ننظر للنصف المليء ؟. البشر بطبيعتهم ينظرون إلى النصف الفارغ من الكأس وينسون النصف المليء، وهذا تحيز فكري ناتج عن التربية سواء خلال مراحل الطفولة أو بعد نموهم. وهذا يعكس الجانب السلبي للشخصية التي تتغير عبر مراحل النمو التي تتخللها تجارب كثيرة يتعلم منها الإنسان التكيف مع من وما حوله من البشر والحيوانات والأشياء الأخرى التي لا تتصف بالحياة البيولوجية. وما المحاولات الشاقة التي قامت بها النملة لصعود الجدار إلا واحدا من الأمثلة العديدة على النجاح، حيث تكللت المحاولات نصف الناجحة في النهاية بالنجاح الكامل لأنها تعلمت من أخطائها وصبرها الطريقة الصحيحة لصعود الجدار أو الشجرة. الطفل يتعلم المشي بالتدريج عندما يبدأ في الحبو ثم المشي المتعثر إلى أن يكسب الثقة في نفسه ويمشي بتوازن وثبات، فكيف نلصق بهذه المحاولات الفشل!!. لماذا لا نسمي الفشل بداية الطريق إلى النجاح، وهذا هو التفكير السليم. فالفشل يمثل النصف المليء من الكأس عندما نفكر بطريقة إيجابية صحيحة. وهنالك وجه شبه كبير بين مراحل نمو الشركات ومراحل نمو الإنسان، بل أن المتخصصين في الإدارة يعتقدون إلى حد كبير أن حياة الشركات كحياة الإنسان تمر بمراحل مختلفة تبدأ بمرحلة التقديم ثم النمو والنضوج، وتنتهي بالشيخوخة التي لا تتجدد فيها الخلايا، لكنني أرى أن الشركات الناجحة تستطيع العيش إلى الأبد السرمدي بالسياسات والاستراتيجيات الصحيحة الواضحة المنافسة بينما يعيش الإنسان فترة يعلمها الله، وقد لا تتجاوز المائة عام. النجاح مقرون بالتفاؤل والعمل الجاد والرؤية الواضحة بينما الفشل لا يعتمد على أي عنصر لتحقيقه، فالإهمال وحده يحقق الفشل. ولم يقل الحديث النبوي الشريف توكل فقط وإنما قال (أعقلها وتوكل)، أي اعمل بالسبب واترك نتيجة عملك للخالق سبحانه وتعالى. فالنجاح يحتاج للعمل بالأسباب لتحقيقه، لذلك يجب أن نعمل لأن التمني وحده لا يحقق الأهداف المنشودة. ويجب أن نعمل دائماً على تطوير الجانب الإيجابي من تصورنا للحياة، فلننظر للكأس على أنه نصف مليء وليس نصف فارغ. والفشل نصف النجاح الذي ينجز بالعمل الجاد لتحقيق أعلى درجات النجاح لأننا نتعلم من أخطائنا كيف ننجح. * أستاذ إدارة الأعمال والتسويق المساعد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن