هل يتعلم الانسان من أخطائه السابقة ؟ يقال في العامية الأردنية " رجعت حليمة إلى عادتها القديمة ." و سؤال الذي يطرح نفسه هل تستطيع الأخت الفاضلة حليمة مفارقة و هجران و الإقلاع و التخلي عن عادتها القديمة المتجذرة ؟ من الناحية النظرية البحتة هذا يمكن تحقيقه ، أما من الناحية العملية الخالصة فإن استقاء الدروس من ارتكاب اخطاء الماضي لتجنب الوقوع في أمثالها مرة آخرى ، نادر الحدوث لدى نسبة راجحة و كبيرة من بني البشر . علينا أن نؤمن و نسلم بقوة جاذبية الأسباب المانعة لحدوث ذلك التي تراوح ما بين السهو المقرون بعدم التركيز وعدم أخذ الحيطة والحذر قبل الشروع في العمل و البدء في الفعل، والاندفاع غير المحسوب الواقع تحت تأثير و أثر وسحر إغواءات النفس الإنسانية وغرائزها الوثابة، مع أن المتاح في الحياة يتخطى فرص التعلم من اخطاء النفس المرتكبة إلى الاتعاظ والاستفادة من أخطاء الآخرين و العاقل من يتعظ بأخطاء غيره . من المعروف بإن الإنسان يرتكب أخطاء كثيرة تعزى إلى الإهمال، أو الجهل، أو النسيان، أو الضعف في القدرة و المقدرة ، أو نقص في الإمكانيات و الخبرة، وإذا علم الفرد أنه أخطأ هدفه المسستهدف ، وضل طريقه المنشود ، ثم لم يبدل و يغير وسيلته و طريقته ليتجه نحو جادة الصواب والسداد، فماذا تنتظر منه ؟ إن هذا الإخفاق قد يكون من الأسباب الرئيسة لبعث الخوف من المستقبل و الرهاب من القادم ، بحيث يحجم الإنسان عن كل فكرة أو مشروع جديد، أو عن كل تجربة مفيدة، لأن النتائج التي يرغب فيها غير مضمونة ، وليس هذا دأب الناجح في الحياة الذي يخطئ ثم يصحح ، ويتعثرثم يقف ، وتوضع العراقيل و التحدييات الكداء في طريقه فلا يتوقف، لأنه دائم التصحيح لحركته ، والتجديد لقدراته ، وهذا يمده بمدد جديد من النشاط والحيوية يجعله يحول الأهداف المتوسط و البعيدة المدى إلى قريبة، والصعاب و المصاعب الكثيرة قليلة. من المفترض إن الأمل يحول الفشل في التجربة إلى مجرد خبرة تعليمية غير ناجحة ، أو مجرد تحديات لتعديل منهجهم في الحياة ، فليس الفشل ملتصقاً و مرتبطاً بذات الفاشلين، ولكنه مرتبط بأسلوبهم في الحياة ووسيلتهم في التعاطي مع التحديات ، فإذا أثبتت الطريقة فشلها، وحققت الوسيلة الإخفاق لأصحابها، فما الذي يمنع من تغييرها أو تبديل منهجها او تعديل طريقتها ، أو تصحيح اعوجاجها ؟ إن سبب الفشل قد يكون نتيجة الخمول الدائم والكسل المطبق وضعف الهمة وفتور العزيمة ووهن البنية ، وقد يعزى إلى الظروف المصاحبة و البيئة المحيطة التي يعيش فيها المرء ، وحينئذ فإن عليه أن يستفيد من هذه الظروف بحيث لا يصطدم بها مرة أخرى في طريق تحقيق الهدف النهائي . السؤال المطروح ، لماذا نتعلم من الأخطاء ؟ وفي رأيي ان التعلم من الأخطاء يعطي مساحة اكبر من التعلم حيث تعدد الأخطاء والمحاولات والتطور التدريجي للوصول الى سدة النجاح ، وقد يتعلم الفرد من دراسة و تحليل و تصنيف لأخطاء اكتساب معارف مهارات وخبرات مختلفة ، وقد يكون لها التأثير الاكبر في تحقيق نجاحات مختلفة ، ومن هنا نحتاج الى تغير في التفكير والفكر و الممارسة ، وبالتالي قد يكون هناك تغير سيكلوجي في السلوك واتخاذ القرار ، فالعمل على انجاح الأفكار المنفذة في خضم الصعوبات والمعوقات تتطلب في احيان كثيرة ان نقوم بدراسة كل الجوانب و كافة المجالات التي تدعم و تعزز فرص تحقيق النجاح ، و تقلل فرص الفشل قدر الإمكان. إن التعلم من حالات الفشل لا يقل اهمية عن التعلم من قصص النجاح ، بل وفي احيان كثيرة تكون اكثر اهمية ، فيتطلب علينا ان نمارس التعلم بطرق ووسائل و اساليب مختلفة وذلك وسط ما نملكه من تجارب ، و علينا أن نوسع دائرة بحثنا واستكشافها للاستفادة القصوى من حجم الاحداث والتجارب الفاشلة ، تذكروا على الدوام القول المتداول " العاقل منا من يتعظ من تجاربه والغافل منا من يكرر أخطاؤه ." الدكتور عويد عوض الصقور كاتب و تربوي أردني