بدأت المتاجر التي تقدمت خصومات كبيرة على أسعارها في الازدهار في فرنسا. فالمستهلكون الذين كانوا يحجمون عن الشراء نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة يتدفقون الان على تلك المتاجر مما اضطر الشركات الكبيرة للبيع بالتجزئة مثل كارفور الى خفض الاسعار. يقول خبراء: ان هذه المتاجر بدأت في ألمانيا التي كانت تعاني الفقر في السنوات التالية للحرب العالمية الثانية عندما فتح شقيقان متجر ألدي وبعد 30 عاما وفدت المتاجر التي تقدم خصومات كبيرة الى فرنسا ولكنها لم تبدأ في تحقيق نجاح كبير الا منذ ثلاث سنوات. وتدريجيا بدأت هذه الشركات التي تبيع المواد الغذائية في الاغلب تسحب الحركة التجارية من الاسواق الكبرى (سوبر ماركت) والاسواق العملاقة (هايبرماركت) التي عادة ما كان يفضلها الفرنسيون الذين يريدون بضائع وأطعمة ذات ذوق رفيع. قال ايريك مونتازيل مدير مؤسسة تي.ان.اس سيكوديب التسويقية (تجتذب المتاجر التي تقدم خصومات كبيرة اي نوع من المستهلكين...كانوا يجتذبون الاسر ومنخفضي الدخل ولكن اصبح الذين يتوفر لديهم اموال كثيرة يتسوقون هناك ايضا). وتظهر بحوث شركة تي.ان.اس انه في عام 2002 اشترى اكثر من 62 في المائة من الاسر الفرنسية بندا واحدا على الاقل من مشترياتهم من تلك المتاجر. وفي العام الماضي افتتح نحو 322 متجرا جديدا في هذا الاتجاه ليصبح اجمالي عدد تلك المتاجر 3325 في فرنسا. كانت المتاجر ذات الخصومات الكبيرة تجد صعوبة في تحقيق وجود لها في فرنسا ليس فقط بسبب صورتها ولكن بسبب اعجاب الفرنسيين بالفاكهة والخضروات الطازجة. وكانت متاجر ايد التي تقدم خصومات كبيرة والتابعة لكارفور هي الاولى التي تتوافق مع ذوق المستهلك الفرنسي فيما يتعلق بالمنتجات الطازجة. ثم جاءت بعدها متاجر ألدي وليدل الالمانية التي نقلت الميل الى الاغذية المعلبة الى السوق الفرنسية. ويتلاءم التسوق في هذه المتاجر مع تحول اوسع نطاقا الى حياة ذات وتيرة أسرع. فالتنوع في المنتجات أقل حيث يوجد في منتجات الخصومات الكبيرة نحو ألف منتج بالمقارنة مع 100 ألف في بعض الاسواق الكبرى كما أن التعبئة في صناديق بسيطة من الورق المقوى تسهل على المستهلكين شراء ما يريدون فقط ومن ثم انفاق مال أقل على البقالة. وشأنها شأن الاسواق الكبرى فان المتاجر التي تعرض خفضا كبيرا في الاسعار عادة ما توجد في المناطق التي تغلب عليها الاحياء السكنية. وقال تييري فرانسوا المحلل في مؤسسة فورتيس (في المدى القصير ستبقى متاجر الخصومات الكبيرة جذابة للمستهلكين نتيجة بطء النشاط الاقتصادي). ومعدل البطالة في فرنسا الذي يبلغ 6ر9 في المائة أعلى منه في أي بلد آخر في الاتحاد الاوروبي بخلاف اسبانيا. وفي نوفمبر 2003 بلغ انفاق الفرنسيين على الاستهلاك أدنى مستوياته منذ سبع سنوات. لكن العوامل الاقتصادية قد لا تكون هي السبب الوحيد لانتشار متاجر الخصومات الكبيرة في السوق الفرنسية. فهناك قانون يطلق عليه اسم (قانون رافاران) على اسم رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران وهو يتطلب تصريحا خاصا لفتح أي متجر جديد تتجاوز مساحته 300 متر مربع. وعادة ما تكون المتاجر التي تعرض خصومات كبيرة أصغر مساحة مما يعني ان هذا القانون لا ينطبق عليها. وقال مونتازيل (قانون رافاران يجعل من الصعب على الاسواق الكبرى والعملاقة ان تفتح متاجر جديدة). واكتسبت الاسواق العملاقة وهو المفهوم الذي ظهر لاول مرة في اوروبا عندما فتحت كارفور سوقا عملاقة في فرنسا عام 1963 اهمية كبيرة في السبعينيات نظرا لبيعها منتجات مختلفة ابتداء من أجهزة الكمبيوتر الى الكتب جنبا الى جنب المنتجات الغذائية. ولكن في الآونة الاخيرة عانت متاجر كارفور من تغيرات في سلوك المستهلكين. كانت مبيعات هذه المتاجر العملاقة التي تمثل اكثر من نصف مبيعات كارفور في فرنسا متدنية عام 2003. ونتيجة لذلك بدأت ثاني اكبر سلسلة لمتاجر التجزئة في العالم حملة لبيع المنتجات الرخيصة التي تقول كارفور انها من الممكن ان تكون ارخص من منتجات المتاجر ذات الخصومات الكبيرة عشرة في المائة. قال متحدث باسم كارفور (الاسعار الرخيصة هي مفتاح النمو. اسواقنا العملاقة تحاول التنافس مع المتاجر الكبرى الخصومات من خلال اجتذاب المستهلكين بمنتجات مماثلة. وقد نشهد أثر ذلك عام 2004). ولكن بالرغم من هذه المساعي فان استعادة ولاء المستهلك قد تكون مهمة صعبة. فقد أظهر استطلاع اجرته مؤخرا مؤسسة اينوم للاستشارات ان 86 في المائة من المستهلكين الفرنسيين يعتقدون ان المنتجات في الاسواق العملاقة اصبحت اغلى ثمنا ويقول 57 في المائة انهم يسعون وراء المنتجات الارخص ثمنا. وذكر اكثر من ثلاثة ارباع من شملهم الاستطلاع أنهم يعتزمون الحد من الانفاق على المنتجات غير الغذائية. ولم يحن الوقت بعد لتحديد مدى جدوى معركة كارفور لاستعادة ولاء المستهلك لاسواقها العملاقة حيث تعتزم شن حملة كبيرة في ابريل . وسيكون الاتجاه في المدى الطويل هو استمرار نمو المتاجر التي تجتذب المستهلكين بالخصومات الهائلة. وقال مونتازيل (اعتاد المستهلكون على الخصومات الكبيرة وأصبحوا من المستهلكين الموالين لهذا الاتجاه). لكن احتمال قيام حرب اسعار شاملة بين المتاجر محدود في فرنسا نتيجة القانون الذي يحظر على متاجر التجزئة البيع بأقل من سعر التكلفة لحماية تجار التجزئة المستقلين من الخصومات المبالغ فيها.