من طبيعة الشعر أنه يستقي مادته من محيطه الذي يتواجد فيه, ويكون نتاج تأثر الشاعر بأحداث مجتمعه, ويمكن استقراء حال مجتمع الشاعر, من خلال القضايا التي يناقشها في أشعاره والصور والإيماءات الشعرية التي تلوح في ثنايا نصه, فالأشعار الجاهلية تصور بدقة متناهية حال المجتمع الجاهلي, وتلمس بسهولة متناهية , كل سمات المجتمع الجاهلي ومشاكله واهتماماته من خلال النصوص الجاهلية , مهما اختلفت أغراضها وينطبق ذلك على العصور اللاحقة , والشعر الشعبي في المراحل المتقدمة لم يشذ عن هذا السياق , كما فعل شاعر الجيل المعاصر , الذي لا تستطيع من خلال نصه أن تفهم توجهاته واهتماماته ومشاغله , بل إنك تبقى عاجزا حتى عن تحديد الأطر الثقافية التي تتحرك داخلها مفردته , فالشاعر الشعبي المعاصر لا يكتب إلا في مناطق ضيقة جدا لا تتجاوز اهتماماته الشخصية , وكأنه في عزلة تامة عن محيطه الذي يعيش فيه , أما أن تتوقع أن يتماس الشاعر مع الأحداث العالمية التي أصبحت تعيد تشكيل حياته صباح مساء , فهذا كمن يطارد السراب بحثا عن الماء , وإثقالا لكاهل شاعر المرحلة الذي لا يجيد الحركة الشعرية , إلا في نطاق الغزل السمج وتمجيد الذات المتورمة وهجاء الآخر لأسباب شخصية , كان يمكن الترفع عنها بقليل من الإدراك. إن من يلقي نظرة سريعة على النص الشعبي المعاصر, ويحاول أن يستقرئ فكر الشاعر الشعبي , يدرك بكل سهولة أن الشاعر الشعبي يعاني من غيبوبة شاملة, فصلته عن عالمه الذي تعصف فيه المتغيرات والأحداث الكبيرة , فخلال العامين الماضيين تغير وجه العالم وبدا هذا التغير يأخذ صفة التسارع في منطقة الشرق الاوسط على وجه التحديد , والأحداث الجسام تحيط بالوطن العربي على كافة المستويات , ومع ذلك بقي النص الشعبي هزيلا , ركيكا , يدور في حلقات ضيقة لا تتجاوز غرائز وانفعالات وردود أفعال الشاعر, تجاه مشاكله الشخصية , ليجسد بصورة لا تقبل النقاش حالة التصحر الثقافي التي يعيشها الشاعر , وعجزه وقلة حيلته عن التماس مع حركة التغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في مجتمعه , بالرغم من أن الكثير من الشعراء الشعبيين قد نالوا قسطا ً جيدا ً من التعليم , ولكنهم ما أن يدخلوا إلى رحاب النص الشعري , إلا ويجدوا أنفسهم قد انساقوا بتلقائية شديدة إلى المناطق القديمة , التي اعتادوا الكتابة فيها . ولكن لماذا يحدث كل ذلك لدى السواد الأعظم من كتبة النص الشعبي .! هل الشاعر الشعبي يعيش عزلة ثقافية . ؟ هل الشاعر الشعبي لا يقرأ .؟ هل الشاعر الشعبي يعاني من أمية فكرية .؟ هل الشاعر الشعبي يفقد كل قدراته الشعرية عندما يخرج من مناطقه القديمة . ؟ هل الشاعر الشعبي جبان ومتردد .؟ هل الشاعر الشعبي يكتب ما يريده الإعلام الشعبي أم أنه يكتب آلامه وأوجاعه واهتماماته وأن هذه القشرية التي يبدو عليه نصه تمثل فهمه للحياة .؟ أم أن النص الشعبي عاجز عن استيعاب حركة المجتمع ولا يستطيع التعبير إلا عن الأمور الصغيرة في الحياة .؟ . أسئلة متشعبة .. مرهقة .. لا تبدو الإجابة عليها بنفس سهولة طرحها ولكنها تضع الشاعر الشعبي الذي بقي جامدا, خاملا, مملا, متناسخا, في زمن المتغيرات التي تعصف في منطقتنا العربية تحت مظلة الاتهام الشامل , و لأنني متأكد أن الشعر الشعبي هو شكل كتابي من أشكال كتابة الشعر الذي يمثل حديث الروح و صدى خلجات الأفئدة , فانني اجزم بأن الشعر الشعبي بريء من كل التهم التي توجه إليه , وتصفه بأنه غير قادر على التناغم مع إيقاع متغيرات حياتنا المربكة . فالإشكالية في الشاعر الشعبي , ولكن توصيف هذه الإشكالية وتحديد مسبباتها يحتاج إلى دراسات متعددة , ربما لا يسمح غرور الشاعر الشعبي واعتداده الأجوف بذاته أن يخضع لها , لأنه بكل بساطة , يعتقد أنه قد أحاط بكل العلوم والمعارف , بل ربما أنه يرى نفسه أكبر من الشعر ومن العالم بأسره . @@ معرج شعر:==1== غن ل.."جراح التراب" وللسنان اللي طعني==0== ==0==ولحزن يطرق بليل الشرق الأوسط كل باب كم شكت يافا لحيفا غيبة اللي ما يثني==0== ==0==وكم بكت بغداد من ذل الخيانه والغياب كان جرحي ما سكن حرفك مثل ما هو سكني==0== ==0==فالشعر رده .. ومن يرتد لازم يستتاب==2==