تواجه صناعة السيارات القوية في ألمانيا التي كانت يوما ما رمزا للبراعة الهندسية الالمانية تهديدا متزايدا من آسيا حيث يعطي قادة السيارات الالمان أعلى الدرجات لماركات السيارات اليابانية. ففي استطلاع بشأن ما يرضي المستهلك الالماني نشرت نتائجه هذا الاسبوع احتلت شركات السيارات اليابانية سبعة من المراكز المتقدمة وجاءت تويوتا في المركز الاول على الجميع. شارك في الاستطلاع الذي أجراه نادي السيارات الالماني (أيه دي أيه سي) 000،38 من أصحاب السيارات. وأدلوا بآرائهم تجاه 33 ماركة للسيارات تباع في ألمانيا لكن شركتين ألمانيتين فقط هما بورشه وبي ام دبليو جاءتا بين ماركات السيارات العشر الاولى. ووضع الاستطلاع الذي سمي أوتوماركس فولكس فاجن وأوبل قبل مرسيدس-بنز التي احتلت بدورها المركز قبل الاخير في القائمة. ومما زاد الطين بله بالنسبة لمرسيدس أن الاستطلاع أظهر أن بي ام دبليو أطاحت بها من على قمة أكثر السيارات الالمانية قيمة. وتحل هذا الشهر الذكرى الخامسة لارتباط ديملر-بنز أيه جي الشركة الام لمرسيدس- بنز بشركة كرايسلر الامريكية ذلك الارتباط الذي لم يكن سعيدا تماما. فمنذ ذلك الحين ومديرو مرسيدس-بنز في شتوتجارت يقاتلون من أجل تحصين شركة صناعة السيارات الفارهة من الآثار الناجمة عن الجهود الرامية لاتمام العمليات في مصانع ديترويت التي تواجه مشكلات وميتسوبيشي الفرع الياباني للمجموعة. وتجد مرسيدس التي تواجه بالفعل أعدادا متزايدة من المنافسين في السوق العالمية للسيارات الفارهة أن شركات صناعة السيارات الآسيوية واليابانية منها على نحو خاص تشق طريقها بنجاح داخل السوق الالمانية والاسواق الاوروبية. وتظهر بيانات أذاعها اتحاد شركات صناعة السيارات الاوروبية ومقره بروكسل أن نصيب مجموعات شركات السيارات اليابانية في أسواق غرب أوروبا ارتفع إلى 1.13 في المائة في أكتوبر من 11 في المائة قبله بعام فيما جاء الارتفاع الحاد في المبيعات بصورة واسعة على حساب شركتي فولكس فاجن وبيجو وهما من أكبر شركات صناعة السيارات الاوروبية. وفي نفس الوقت انخفضت مبيعات شركة ديملر-كرايسلر العملاقة على جانب الاطلنطي بنسبة 5.2 في المائة حيث انخفض الطلب على سيارات مرسيدس بنز بنسبة 1.1 في المائة ومبيعات كرايسلر بنسبة 16 في المائة. لقد مر الآن أكثر من عقد من الزمان على بدء شركات صناعة السيارات اليابانية أولى محاولاتها لشق طريقها بقوة داخل أسواق السيارات الاوروبية. غير أنه برغم تكهنات مبدئية عن حدوث انتعاش في مبيعات السيارات اليابانية في أوروبا فإن مجموعات السيارات اليابانية فشلت في الارتفاع لمستوى التوقعات العالية لكثير من المحللين حيث يبدو تصميم سياراتهم متخلفا نوعا ما بالنسبة للمشترين الاوروبيين. وفي نفس الوقت فإن شركات السيارات تستهين بالاساس بارتفاع نجم السيارات التي تعمل بالديزل في أوروبا حيث صارت تكنولوجيا الديزل الجزء الاسرع نموا في سوق السيارات الاوروبية. يقول تيم شولت المحلل ببنك دي زد الالماني أن اليابانيين فقدوا ميزة التواصل مع رغبات المستهلكين. ولكن بعد بداية متعثرة لهجومهم على السوق الاوروبي فإن مجموعات شركات السيارات اليابانية الكبرى مثل نيسان ومازدا وميتسوبيشي يبدو أنها الان تجني ثمار استراتيجية جديدة هي مزيج يجمع بين التركيز على التصميم وتلبية الاذواق ا لاوروبية بشكل أكبر وزيادة استخدام محركات الديزل في السيارات اليابانية. إن محركات الديزل تستأثر الآن بسيارتين من بين كل خمس سيارات تباع في أوروبا حاليا. بل أنه في فرنسا تزيد عدد السيارات التي تعمل بمحركات الديزل على الثلثين مقابل نحو 40 في المائة في ألمانيا. بيد أنه مع تراجع أرباح شركات السيارات الاوروبية بفعل التباطؤ الاقتصادي وحزمة الحوافز التي تقدمها للزبائن لاجتذابهم إلى معارضها فإنه في مجال الاسعار الفاحش يبدو أن شركات صناعة السيارات اليابانية قد أعلنت التحدي لمنافسيها الاوروبيين والالمان. فبينما يبلغ السعر الاساسي للسيارة الجولف أهم وأفضل ما تنتجه شركة فولكس فاجن 990،18 يورو (589،22 دولار) في ألمانيا فإن منافستها تيوتا كرولا تباع ب 350،17 يورو كما تحققت لمنافستيها الكوريتين هونداي وكيا مبيعات قوية في أوروبا. وفضلا عن ذلك فإن كلا من تيوتا ومازدا نقلت معركتها من أجل نصيب أكبر في السوق الاوروبية إلى المستهلك وذلك بإقامة مراكز تصميم في أوروبا ويقول محللو السيارات أنه فيما يتعلق بالتصميم والمعرفة الفنية فإن السيارات اليابانية هي بئر حقيقية للسيارات المنافسة من إنتاج بي ام دبليو وفولكس فاجن. والآن تريد تيوتا مضاعفة مبيعاتها في ألمانيا موطن بعض أشهر ماركات السيارات الاوروبية إلى 000،200 وحدة سنويا في غضون عشر سنوات. وللتدليل على الضغوط المتزايدة على كبريات شركات صناعة السيارات الالمانية مثل مرسيدس بنز فقد أظهرت دراسة أعدتها مؤسسة جي دي باور اسوسويشن للاستشارات البحثية ومقرها بريطانيا أن سيارات مرسيدس بنز تتراجع أمام سيارات تيوتا ليكوس في الاسواق العالمية بالنسبة لمؤشر الثقة. ويزداد الامر سوءا بالنسبة لشركات السيارات الالمانية الكبرى حيث أظهرت دراسة أخرى أعدها جي دي باور أن تيوتا تحتل الصدارة في ألمانيا بالنسبة لمؤشر ثقة المستهلك.