كثيرون هم الأشخاص الذين يجعلون حياتهم نسخة أخرى من حياة أشخاص آخرين يستمعون لكلامهم ويقتنعون به ويتناسون ذواتهم وشخصياتهم .. حيث يجعلون حياتهم كالورقة "يشخبط" فيها كل من هب ودب ليصبحوا في أول الأمر وخاتمته صفرا على الشمال.. وهؤلاء من الناس لا يمتلكون حياتهم لأنهم جعلوا همهم إرضاء الطرف الآخر على حساب ذاتهم. قضى بول نات الأستاذ بجامعة أوهايو طوال أكثر من 20 عاما في الدراسة والبحث بشأن كيفية اتخاذ القرارات وكتب أبحاثا متعمقة فيما يتعلق بالقرارات الناجحة وتلك الفاشلة والأسباب في الحالتين. وتوصل إلى نتيجة مذهلة في كتابه (تفادي الأخطاء) هي أن نصف القرارات من النوع الفاشل على الرغم مما تنفقه المنظمات من أموال طائلة وتخصيصها موارد كبيرة من دون تحقيق أية فائدة. ويمكن إرجاع أسباب القرارات الفاشلة إلى ثلاثة أخطاء فادحة وسبعة شراك يقع فيها متخذو القرارات. وتفادي هذه الأخطاء والشراك يقلل إلى حد كبير معدل القرارات الفاشلة. الكتاب يجعلك تبحر في الأخطاء المحتملة التي يمكن أن يقع فيها متخذو القرارات مثل ممارسات أصول المهنة التي تشوبها أخطاء أو تقديم التزامات قبل الأوان أو التورط في استثمارات غير حكيمة مما يخرج عملية اتخاذ القرار عن مسارها السليم، ويقدم شرحا للأسباب التي تجعل الوقوع في هذه الأخطاء أمرًا سهلاً. ويعرج الكتاب على الشراك الناشئة عن القرارات الخاطئة، ويقول المؤلف إنه ما لم تكن قادرًا على تفادي القرارات الخاطئة، فمن المرجح أن تقع في شرك من سبعة شراك تفضي للفشل. سواء فشلت في إدارة القوى المناوئة لك، أو أصدرت توجيهات غامضة، أو انتقيت من المعلومات والبيانات ما يدعم وجهة نظرك أو وقعت في أي من الشراك الأخرى، فإن القرارات التي ستتخذها سوف تتعرض للتهميش وستكبدك ثمنًا فادحًا في الغالب. وفي محاولة منه كي يتعلم القارئ من أخطاء الآخرين، يقدم نات أمثلة عديدة على الأفراد والشركات التي تسقط في شراك تحولت قراراتها إلى فشل سواء كان ذلك في شركات عملاقة مثل ديزني وفورد أو شركات أقل شهرة. ودراسات الحالة التي يحفل بها الكتاب تقدم دروسا للقارئ يستفيد بها في حياته وفي عمله. لكن ما عمله نات أكثر من أن يكتفي بأن يبين للقارئ ما ارتكبه الآخرون من أخطاء. فهو يقدم تعليمات بشأن كيفية تفادي الأخطاء والعثرات، مقدما معلومات وأساليب بشأن استعمال الأدوات الصائبة باستمرار علاوة على اتباع الإجراءات السليمة لاتخاذ القرارات الصائبة في كل مرة. ويتساءل نات عن السبب في كثرة الإخفاقات التي تمنى بها آليات اتخاذ القرار في الشركات؟ وهل بوسع الشركات أن تقوم بعمل تصحيحي لمنع الإخفاقات في المستقبل؟ إن الإجابة نجدها في ثلاثة أخطاء: ممارسات أصول المهنة التي تشوبها الأخطاء، والاندفاع في إصدار الأحكام، وسوء توزيع الموارد. وتبدأ سلسلة الأحداث التي تفضي إلى الإخفاق بواحدة من هذه الأخطاء، التي تقود بدورها صناع القرار نحو شراك تنتظرهم. ويرصد نات أن اثنين من كل ثلاثة قرارات تستعين بممارسات تشوبها أخطاء. ويبدو أن صانعي القرارات غافلون عن السجل السيئ لتلك الممارسات. وبدون مساعدة في تحديد ما يعمل وما لا يعمل، فإن الاستعمال الشائع لهذه الممارسات سيستمر، لعدة أسباب منها أن: ممارسات صنع القرار ذات التاريخ الجيد معروفة على نطاق واسع، لكنها لا تطبق عمليا بنفس الشيوع. وما من أحد إلا ويعلم أن المشاركة تدفع إلى القبول غير أنه نادرا ما يتم تشجيع المشاركة. وغالبا ما يلجأ المديرون إلى "المَلامة". فمثلا، يتم الحث على الممارسات السيئة منخفضة التكاليف لتجنب اللوم على التكاليف المتزايدة. وغالبا ما يلقى بالفشل على أعتاب أمور خارجة عن نطاق سيطرة المديرين. وتقدم اللوائح الحكومية والتخفيضات غير المتوقعة في الميزانية أعذارًا ملائمة لعدم أتباع إجراءات أفضل. أما فيما يتعلق بتقديم التزامات قبل الأوان، فغالبا ما يتسرع صانعو القرار ويتبنون أول فكرة تخطر لهم، ويقدمون التزامات مبكرة سابقة لأوانها تفتقر للأناة والروية، ثم يمكثون سنوات يحاولون الوفاء بهذه الالتزامات. وصناع القرار- مثل معظم الناس- يخشون المجهول ويسعون إلى إرضاء الذات، وهما أمران يسيران على النقيض من المساعي الفردية لاتخاذ قرارات صعبة. وحين لا تكون الإجابات جاهزة بشأن المجهول وإرضاء الذات يتم التشبث بأول أمر ينم عن توفير انفراجه. وتقع الأخطاء الفادحة حين يقوم صناع القرار باستثمارات خاطئة، تهدر وقت منظماتهم وأموالها، وتزداد الأمور سوءًا حين يقومون بعمل تقييمات غالبًا ما تكون دفاعية الهدف منها دعم فكرة جذبت شخصا ما يتم عمل التقييم ودراسة الجدوى من أجل أن يبين أنها ستنجح. ومثل هذه القرارات غالبا ما تفرخ ريبة لدى من يتشككون في وجود أجندة مخفية في العمل، مما يجعلنا بصدد ظرف أو حالة ينجم عنها مزيد من الإنفاق على التقييم، وتزيد النفقات كلما كانت هناك حاجة لمزيد من التبرير. وفي الوقت نفسه لا يتم إلا استثمار وقت لايكاد يذكر في وضع أهداف وقياس الفوائد والمخاطر أو إدارة القوى التي يمكن أن تعرقل مسار اتخاذ قرار. ويخفق صناع القرار حين يفشلون في رؤية أي من الأمور قمين بالاعتبار والتنفيذ أو الاهتمام. وتقع الكوارث بعد سلسلة من الأحداث التي تتكشف طويتها فيما تتسبب الأخطاء الفادحة في إيجاد شراك وشراك تفضي إلى الفشل. وتقود الأخطاء الفادحة- المتمثلة في الممارسات السيئة لاتخاذ القرار، أو التسرع في إصدار الأحكام، أو سوء استعمال الموارد المتاحة- المديرين غير المتنبهين إلى الوقوع في حبائل سبعة شراك: الفشل في تسوية المنازعات أو التوفيق في الخصومات. الفشل في إدارة قوى يثيرها قرار ما. إصدار التوجيهات الغامضة. محدودية البحوث وانعدام الإبداع. * سوء استعمال عمليات البحوث والتطوير. * تجاهل الأسئلة الأخلاقية. * الفشل في التعلم. وحين يقع المديرون في أي من هذه الشراك، فإنهم يجنحون إلى القيام بعمل خاطئ يمكن أن يتحول إلى كارثة. Avoiding the Blunders and Traps That Lead to Debacles DECISIONS FAIL WHY By Paul C. Nutt