تعريف المشعوذ إذن هو: من يرينا الشيء على غير ما هو عليه. وحين نطلق العنان لهذا التعريف نجد ان الشعراء هم أكثر الناس شعوذة وأضل سبيلا فالشاعر الذي يريك الشمطاء القبيحة قمرا والذي يريك الجبان أسدا هصورا والبخيل سحابة ماطرة.. ما هو إلا مشعوذ، وكذلك الوعاظ الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم. اما إخواننا الصحفيون الأفذاذ فحدث عنهم دون انقطاع. معروف عن الشعراء (أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) لذلك هم أقل خطرا من غيرهم على الوعي العام فخطر الشاعر مهما كان كثير الشعوذة أقل من خطر الواعظ ومن خطر الصحفي الذي ينقل للناس خلاف الحقيقة او نصفها. غير ان هناك فئة من الناس أخطر من كل الفئات الأخرى وأعني بهم فئة المنتحلين للثقافة, والذين يطلق عادة عليهم مفهوم (المثقفين) فهؤلاء أقدر على تزييف الوعي العام من غيرهم, ذلك لأنهم يملكون القدرة على الإقناع, واللعب بأذهان البسطاء من الناس, وهم الأغلبية في مجتمعاتنا. ان في كل مجتمع ثقافتين: ثقافة تستنهض الوعي وتفتح أمامه نوافذ للتفكير المتطور وثقافة أخرى تشده الى الوراء وتترك على وعيه ظلمات بعضها فوق بعض. ومنتجو هذه الثقافة هم الأكثر عددا على ساحاتنا كلها. ان (ثقافة التسول) حسب تعبير الاستاذ تركي السديري ليست مقتصرة على الشعر الشعبي, بل خطرها الأشد في الشعر الفصيح: فكم من قصيدة قيلت في مدح صدام حسين, والأمض انها من شعراء كبار مثل عبدالرزاق عبدالواحد وصالح بحر العلوم, صاحب القصيدة التي تغنى بها الركبان طويلا وهي قصيدة (أين حقي؟). هل يمكن التخلص من الشعوذة والمشعوذين؟ سؤال لاجواب عليه ما دامت ثقافتنا راكدة ركود الماء الآسن, وما دامت هناك جيوش من مدعي الثقافة ينعقون مع كل ناعق ويقفون على جميع الأبواب.==1== ودهر ناسه ناس صغار==0== ==0==وإن كانت لهم جثث ضخام==2==