تركي العسيري -الجزيرة السعودية تنشر الصحف بشكل شبه يومي أخبار السحرة والمشعوذين ومس الجان الذي يتلبس بعض الأفراد، مما يدل على انتشار هذه الظاهرة المزعجة، وبات علينا مواجهتها دراسة وتحليلاً وتوعية.. السبت الماضي نشرت (الوطن) خبراً مؤلماً عن إقدام شابين في المنطقة الشرقية على طعن أمهما، حيث أشار مسؤول السحر الذي استدعته الشرطة إلى أن الشابين مصابان (بمس الجان) مع وجود سحر وشعوذة، وقبلها تحدث أحد الرقاة بأن قاضي المدينة - الذي ذاعت قصته - مصاب بالسحر, وقبلها نشرت الصحف قصة الرجل الذي ادعى أن (الجان) أحرق منزله وشرَّد أطفاله، وغيرها من القصص والحكايات التي تذيعها وسائل الإعلام المختلفة! ترى.. هل نحن واقعون تحت تأثير السحر والشعوذة فعلاً؟ أم أن الأمر لا يعدو عن أن يكون حالة مرضية معينة؟.. أظن وإن كنت لست من المتخصصين في إخراج الجان من أرواح البشر وبيوتهم - رغم هوايتي القروية القديمة في حضور بعض تلك الحالات - أن الأمر لا يعدو عن أن يكون حالة نفسية يمر بها الشخص لأسباب مرضية بتأثيرات مختلفة.. وهو الأمر الذي قاله أحد الأطباء النفسيين الذين استوضحتهم إحدى الصحف!.. ثمّة في تقديري حالة من الانصياع المرضي لدى فئات من شرائح المجتمع بلا استثناء في تصديق الخرافة، وما عليكم إلا أن تقرؤوا الصحف حتى تلحظوا كيف يصدق البعض منا المشعوذين والسحرة، ويرتمي في أحضانهم طمعاً في «بركاتهم», وما قصة ذلك «المليونير» الذي لهف منه المشعوذ ثلاثة ملايين ريال للكشف عن الكنز المدفون الذي يقبع تحت داره.. إلا أحد الأمثلة، وهناك قصص وحكايات مضحكة عن أولئك الناس «الطيبين» الذين سلَّموا مئات الألوف من الريالات للسحرة والمشعوذين طمعاً في أن تتوالد على أيديهم حتى تصبح ملايين!.. أتساءل بصدق: هل يُعاني البعض منا حالة مرضية غير سوية تجعله ضحية لخرافات السحرة والمشعوذين في القرن الواحد والعشرين المدجج بالعلم والنور والحقائق العلمية الساطعة؟.. من هنا فإنني أُطالب وسائل الإعلام، والوعاظ، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني أن يقوموا بدورهم في توعية الناس، والبحث عن أسباب الظاهرة ومعالجتها، وإيضاح الحقيقة للناس.. الجن موجود بنص القرآن الكريم، ولكننا لم نسمع أو نقرأ أنهم قد تسببوا في إحراق منازل في أمريكا أو أوروبا أو اليابان وغيرها.. وفي تلك المنازل ما فيها مما يشجع على ذلك.. اللهم إلا إذا افترضنا أنهم متخصصون في إيذائنا وتنغيص معيشتنا - والدنيا تخصصات - مع أننا أصدقاؤهم والمؤمنون بأنهم ونحن خُلقنا لعبادة الواحد القهار.. آخر «بركات» هؤلاء المشعوذين جاءت من «سوريا» هذه المرة، فقد قام أحدهم - أي المشعوذين - بهتك عرض فتيات أسرة أحضرته طلباً لعلاجهم، وحين افتضح أمره، وقُدم للمحاكمة، سأله المحقق: لماذا أقدم على هذا العمل المشين؟ ادعى أن الجن هم من قام باغتصاب الفتيات! جن يغتصبون؟.. ليه ما اغتصبوك يا شيخ.. وفكوا الناس من شرك!.. إلى الله المُشتكى.