مع بداية هذا الاسبوع بدأ مؤتمر اللقاء الفكري الثاني للحوار الوطني أعماله في مكةالمكرمة وعلى مدى خمسة ايام يناقش هذا المؤتمر العديد من البحوث وبحضور عدد كبير من المثقفين حيث تتركز محاور المؤتمر في الغلو والاعتدال لتناول الجوانب الدينية والتربوية والنفسية والاقتصادية والسياسية والاعلامية. وهذا المؤتمر اضافة هامة لانجاز مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وهو خطوة تليها خطوات باذن الله لترسيخ مبدأ الحوار ليس بين المثقفين فقط ولكن بينهم وبين الدولة ايضا وليس ثمة فرق في واقع الامر بين الدولة ومواطنها، لكن مثل هذا الحوار يؤصل هذا المفهوم الهادف الى مزيد من الشفافية في الطرح والمناقشة بل وفي اتخاذ القرار خاصة أن عوامل استجدت ولاتزال تستجد تستوجب المزيد والمزيد من هذه الشفافية والحوار الصريح المنضبط بقواعد الموضوعية، هو الوسيلة لتلافي بعض اوجه القصور في اداء جميع القطاعات الحكومية منها والاهلية، ولرسم استراتيجية البناء والاصلاح المنشود ووضع سد منيع في وجه الفكر الضال والغلو الذي لن تكون ثماره مقبولة من احد. الحوار الثقافي جزء من الحوار الوطني لذلك حظي بهذا الاهتمام، لان المثقفين هم في الطليعة بالنسبة لوطنهم ومواطنيهم لذلك فان الوطن والمواطن لا يزالان يطلبان من المثقفين ترجمة حقيقية لآمالهم في تطهير رياح الفكر والثقافة من أي سموم وافدة. ومسئولية المثقفين واضحة في هذا الامر من خلال مختلف المنابر التي يمثلونها الدينية والتربوية والاقتصادية والاعلامية وغيرها من منابر الثقافة المختلفة التي تسعى الى بلورة نظرياتها الاصلاحية وترجمتها الى عمل يحمي الوطن والمواطن من غوائل التطرف ويؤصل مبدأ الحوار الحر وصولا الى آفاق أوسع للاصلاح والتطوير وبقدر المساحة المتاحة من الحرية لمؤسسات المجتمع المدني تستطيع هذه المؤسسات ان تؤدي دورها بدعم المؤسسات الرسمية دون تعارض في الصلاحيات والاهداف، ومثل هذا الحوار يوسع دون شك قاعدة الحرية التي هي مسئولية في الدرجة الاولى لابد ان تسير وفق المنظومة الانسانية الشاملة في حركتها التنموية الدؤوب وتعطيل هذه الحرية هو تعطيل ليس لكفاءة المواطن فقط، بل لانسانية الانسان نفسه، وهويته وانتمائه الوطني فهو ركيزة التنمية وأداتها وغايتها وأي نظرة تتنافى مع هذا التوجه تحتاج الى اعادة النظر. والحوار الوطني اولا واخيرا وسيلة الاصلاح المنشود على كل المستويات.