أخي الحبيب .. أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن العظيم على محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ، كان نزوله في اعظم الأزمان وأشرف الشهور في رمضان وفي أعظم ليلة من لياليه ليلة القدر، ولقد بين الله عز وجل عظيم شأنه وجلالة قدره حتى أنه لو نزل على الجبال الصم لتصدعت ، قال تعالى ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله) الحشر: من الآية 21 . ولقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأجر العظيم المترتب على قراءته فقد قال صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه : ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) صححه الألباني . والفرق بين البيت الذي يتلى فيه كتاب الله والبيت الذي لا يتلى فيه كالفرق بين الحي والميت كما في حديث أبي موسى الأشعري الذي في صحيح مسلم . وقارىء القرآن يرتقي في درج الجنة بقدر اهتمامه بكتاب الله ، فعن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم : ( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها) صححه الألباني . والقرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة كما في حديث أبي هريرة والنواس بن سمعان رضي الله عنهما . ولا يزال القرآن الكريم يطلب المزيد لصاحبه من نعيم الله حتى يلبس حلة الكرامة وتاجها يوم القيامة : كما في حديث أبي هريرة الذي عند الترمذي . اخي الحبيب .. إنه لثواب عظيم وموفور يناله المسلم بسبب حبه لكتاب الله وعنايته به، وإقباله عليه، فيا ليت شعري ونحن نعرف ما لقارىء القرآن من الأجر هل نحن نواظب على قراءة القرآن فلا يمربنا يوم إلا وقد قرأنا منه جزءاً وتمعنا بما فيه فانزجرنا بزواجره وأتمرنا بأوامره وابتغينا ما فيه ، أم هجرناه ؟ فهجرناه على ثلاث أنواع : النوع الأول : هجر تحكيم فهل حكمناه في أنفسنا وبيوتنا ومعاملاتنا كلها أم لا ؟ يأمرك بغض بصرك هل غضضت بصرك ؟ يأمرك بعدم أكل الحرام فهل امتثلت لأمره . النوع الثاني : هجر تلاوة فمتى آخر مرة قرأت القرآن فيها قبل أسبوع، وكم ختمة في الستة ختمت ؟ النوع الثالث : هجر تدبر قال ابن مسعود رضي الله عنه : لا تهذوا القرآن هذا الشعر ولا تنثروه نثر الدقل أي التمر الرديء وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة . وقفة : أخي الحبيب .. سمعت هذه الأجور العظيمة من الشفاعة يوم المحشر والتقلب في رياض الجنات ، ولبس حلل الكرامة ، والرضوان، هل عقدنا العزم على المواظبة على تلاوة القرآن ولو جزء في اليوم ولو حزب واحد . اللهم ارزقنا تلاوة كتابك على الوجه الذي يرضيك عنا، واهدنا سبل السلام، واخرجنا به من الظلمات إلى النور، واجعله حجة لنا لا علينا يا رب العالمين. اللهم أرفع لنا به الدرجات، وانقذنا به من الدركات، وكفر عنا به السيئات، واغفر لنا ولوالدينا، ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين . @@ ابو عبد الله خالد البقعاوي