من الضحكات أن يلمح شارون عن انسحابات وشيكة لقواته من الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي يسابق الزمن فيه لإتمام بناء جداره العنصري الذي يلتهم مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين، فكيف تتفق اقواله المشكوك في صحتها عن انسحابه من المستوطنات التي انشأها لليهود او تفكيكه لها (لتحسين الأوضاع الأمنية) كما ادعى مع مشروعه العنصري بانشاء الجدار العازل الذي يظن أنه قد يكفل أمن الإسرائيليين؟ وادعاء كهذا لا يمكن ان يكون بديلا عن خطة خارطة الطريق الذي ما زال شارون يسعى لتعليقه كما علق من قبل سائر المبادرات السلمية لتسوية الازمة الفلسطينية الاسرائيلية، ويبدو ان الطرح الجديد جاء لرغبة شارون في ان يكون متزامنا مع (موسم المبادرات/الاسرائيلية) كلما اقترب خريف كل عام، وفي الوقت الذي تحوم فيه الشكوك حول الانسحاب الاسرائيلي الوشيك من الأراضي الفلسطينية التي تحولت الى مستوطنات يهودية تحوم شكوك مماثلة عن إمكانية ان تكون هذه الخطة بديلا لخطة خارطة الطريق، ويبدو أن الأمر لا يعدو كونه رغبة في كسب مزيد من الوقت لممارسة سياسة المراوغة والفلتان كعادة شارون من مستلزمات مشروع السلام الرباعي ومحاولة الانقضاض عليه وتذويبه رغم علمه يقينا بأن العقلاء من شعب اسرائيل يدركون انه المشروع الأنسب والأفضل للتسوية لاسيما وهو يطرح أهمية قيام دولتين فلسطينية واسرائيلية في المنطقة تتمتعان بالسيادة والاعتراف الدولي المطلق، غير أن ذلك لا يروق لشارون الذي تعود على القفز على مبادرات السلام لاسيما تلك التي تنادي صراحة بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وحدود، ولن تنطلي على المتوازنين من الاسرائيليين الاعيب اولئك الذين رفضوا الفكرة الشارونية الجديدة على اعتبار ان الانسحاب من المستوطنات خيانة في حق الوطن الاسرائيلي، فتلك اهتراءات قديمة ما عدا يصدقها أولئك المتزنون الميالون الى صناعة سلام حقيقي في المنطقة، وما عادا يصدقها عقلاء العالم التواقون الى انهاء ازمة الشرق الاوسط بشكل عادل ودائم.