عزيزي رئيس التحرير انطلقت منه زفرة حارة وكأنه يلقي معها بهمومه واحزانه.. لم يذق طعم السعادة منذ فترة طويلة, بدا حزينا ومنكسرا, اختفت ابتسامته التي كانت تبين عن ثغره, فقدنا ضحكاته وهمساته الظريفة, كلنا نعلم سبب حزنه وكدره الذي ضاق به صدره فصار منطويا على نفسه قليل الكلام والمحاورة مع الآخرين, قليل التعامل معهم, كلنا نعلم قصته والحوادث التي يعيشها, فقد ابتلي (عبدالله) بامرأة صارمة قاسية لا تحمل في نفسها اي معنى من معاني الاحساس والمشاعر والوفاء, من يعرف طباعها وسوء تصرفها يجزم يقينا بأنها ليست من النساء, اللاتي عرف عنهن صفاء النفس وسعة الصبر وحسن العشرة وطيب الخلق. قد تجردت من كل تلك المعاني السامية والنبيلة, فألحقت الهموم والاحزان بالرجل الطيب الذي اشتهر قبل زواجه بروحه الخفيفة وطرائفه اللطيفة, وحركاته الممتعة, فقد كنا نعشق مجالسته ونهيم حبا بمنادمته, ولكن بعد زواجه المشئوم سكنت تلك الضحكات واختفت تلك الابتسامات, وانقلب حاله رأسا على عقب, صرنا لا نشاهده الا نادرا كلامه قليل وحضوره اقل انقلبت حياة رجل كاملة بسبب طيش امرأة عنيدة متعنتة, وهذا يؤكد يقينا ان للمرأة تأثيرا كبيرا في تسيير حياة اسرتها بل ان هذا التأثير قد يطال حضرة (سي السيد) الزوج, والذي يفترض فيه سلطته القوية وقبضته المحكمة لشؤون الاسرة ومسيرتها الحياتية وها نحن اليوم نشاهد احد النماذج التي تدل على مدى قوة وسلطوية المرأة, ومدى قدرتها على تغيير كثير من الامور الجذرية المتفق عليها والمسلم بها في شؤون الاسرة, فكما ان للرجل مسؤولياته في رعاية اسرته, فان مسؤولية المرأة اكبر واعظم بكثير من مسؤوليات الرجل, كونها المربية والحاضنة والمعلمة لابنائها فهي التي تغرس في نفوسهم الاخلاق وحسن الطباع, وهي التي تنمي في حواسهم حب الدين, وتعمل على تطوير تعاملهم مع الآخرين, ومسؤولياتها لا تقتصر على تربية الابناء فقط, بل تتعدى ذلك الى رعاية زوجها والقيام بحقوقه, وزرع الهدوء في قلبه والسكينة في نفسه, وان تغرس في قلبه محبته لبيته, وكثير من رجال الاعمال واساتذة الجامعات والناجحين في اعمالهم, لو حاول احدنا ان يستقصي سر هذا النجاح وما اهم عوامله فسيعلم ان كثيرا منهم وراءهم نساء تدعمهم وتؤيدهم وتشد من ازرهم في احلك الظروف واصعبها, وكما يقولون وراء كل رجل عظيم امرأة, والمرأة اما ان تكون عونا لزوجها فتعينه في كل اموره, واما ان تكون محطمة لكل طموحه واحلامه فتزرع في نفسه البؤس والشقاء, ولو ركزنا انظارنا في قصص النساء اللاتي خدمن ازواجهن بأنفسهن وارواحهن وجوارحهن بطيبة نفس, وسعة خاطر لشاهدنا مدى حب وهيام ازواجهن لهن والتعلق بهن فهم لا يستطيعون ان يقوموا بأي امر ولو كان بسيطا دون مشورة زوجاتهم واخذ آرائهن, فان الزوج عندما يعامل تلك المعاملة الخلوقة الرائعة فقد اجبره حسن خلقها ودماثة طبعها على ان يؤدي سائر حقوقها ويلبي جميع طلباتها. واذكر قصة رواها لي احد الزملاء عندما تزوج احد اصدقائه بفتاة لا تحمل قدرا كبيرا من الجمال وقد كان في بداية حياته متضايقا من ذلك وصادف ان التقى به بعد فترة فسأله عن حاله بعد الزواج, وكان يتوقع انه سيشتم الزواج بكل ظروفه ولكنه فوجئ عندما اخذ يصف السعادة التي يعيشها ومدى الراحة الكبيرة التي يمر بها فقال له: ولكن زوجتك؟ فرد عليه بسرعة رهيبة متناهية وبأريحية كبيرة: انها عندي ملكة جمال, فهي تقوم بخدمتي وتحقق جميع رغباتي, قائمة بجميع حقوقي ومتطلباتي حاجاتي عندها مستجابة, مشاكلي عندها لها الف حل واجابة. لن اعلق على هذا الكلام الذي يبين في الحقيقة اثر المرأة الطيبة على نفس زوجها واسرتها, فلا تحتقر بعض الزوجات نفسها في نظرتها للامور التربوية في بيتها, بل عليها ان تكون فعالة والا تجعل دورها هامشيا بل عليها ألا تجعل دورها يتعدى اكثر من ذلك فهل تعقل النسوة اللاتي يمشين عكس التيار هذا المفهوم الانساني الرائع والمرغوب والمحبب. @@ احمد بن خالد العبدالقادر