صفت الأجواء في جورجيا للمعارضة الشعبية بعد اعلان الرئيس ادوارد شيفاردنادزه استقالته أمام ضغطها الشديد في الشارع وقد غادر البلاد مساء بعد أن رضخ لموجة الاحتجاجات العارمة التي أعقبت 11 عاما قضاها في السلطة في هذه الجمهورية المطلة على البحر الأسود.ونقلت وكالة ريا نوفوستي الروسية للانباء عن مصدر في مطار العاصمة الجورجية ان الرئيس المستقيل ادوارد شيفاردنادزه غادر تفليس مساء امس الى جهة غير معروفة وعلى متن الطائرة الرئاسية من طراز (ياك 40) تم تجهيزها في المطار قبل ساعات من اعلان استقالته الذي جاء فيه أنه يستقيل عائدا الى منزله دون أن يشير الى امكانية مغادرته البلاد. وقال بعيد استقالته ساعود الى منزلي .. ما زال امامي الكثير من العمل، امور كثيرة اكتبها طالما انني ما زلت على قيد الحياة. وعبرت المعارضة عن فرحتها ونزل عشرات الالاف الى الشوارع للاحتفال بهذا النصر الذي تحقق بعد عشرين يوما من الاضطرابات اعقبت الانتخابات التشريعية التي جرت في الثاني من نوفمبر ورفضت المعارضة نتائجها لأنه شابها التزوير. وبعد حالة التوتر التي سادت الشارع الجورجي، عبر المتظاهرون عن فرحتهم فاطلقوا العنان لمنبهات سياراتهم واضاءت الاسهم النارية ليل العاصمة الجورجية تفليس. وقال شيفاردنادزه من مقره الرئاسي بعد انتهاء لقائه بزعماء المعارضة انني استقيل. وجاءت استقالته بعد لقائه مع وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف كما شوهد السفير الامريكي لدى جورجيا ريتشارد مايلز يدخل مقر الرئيس الجورجي ادوارد شيفاردنادزه قبل اعلانه الاستقالة. وقال السفير للصحفيين إننا نعتقد انه يتعين عدم استخدام القوة والعنف. لابد من بذل جهود سلمية لحل الوضع .. وحتى الآن ليست هناك اعمال عنف على الاقل بالنسبة لاراقة الدماء وانا اوصي الحكومة والمعارضة بانتهاج هذا الطريق. واضاف في حديث الى تلفزيون روست في 2 الخاص رأيت اننا نسير نحو اراقة دماء وانه يجدر التنحي عن السلطة حتى تنتهي الازمة بدون ان تسيل الدماء. وكان شيفردنادزة، قبل استقالته بسويعات، يصر إصرارا شديدا ألا يتفاوض مع المتظاهرين إلا إذا أخلوا المباني التي يحتلونها في المدينة، بل وأصدر إليهم تحذيرا منه شخصيا أن أمامهم يوما واحدا لاخلاء تلك المباني. وكانت القوات المسلحة والشرطة أعلنت حالة التأهب القصوى الليلة الماضية لحراسة منشآت المدينة تنفيذا لحالة الطوارئ انتظارا لاوامر الرئيس شيفردنادزة. ولو كانت لدى الرئيس السابق شيفردنادزة أي نية للجوء إلى القوة لتفريق المتظاهرين، فلم تكن لتفلح بسبب تذمر القوات المسلحة والشرطة ورفض أفرادهما البطش ببني قومهم. وكان شيفاردنادزه برز على الساحة الجورجية منذ مطلع السبعينات عندما عين امينا عاما للحزب الشيوعي في هذه الجمهورية التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي. وفي عام 1992 بعد استقلال جورجيا، تسلم السلطة في تفليس بعد ان كان وزير خارجية الاتحاد السوفياتي في عهد البيريسترويكا. وتابع شيفاردنازه تحدثت الى زوراب وميشا (زوراب جفانيا وميخائيل ساكاشفيلي زعيما المعارضة). واشكرهما على صراحتهما. وابدى قليلا من العصبية حين سئل عن خلفه، فاجاب لم تعد هذه مشكلتي. واعتبر زعيم الحركة الوطنية المعارضة ساكاشفيلي ان شيفاردنادزه تصرف بشجاعة عبر تجنب اراقة الدماء وهو عمل نبيل جدا، مؤكدا ان الرئيس وعائلته سيحتفظون في جورجيا بكل ممتلكاتهم. كما قال الزعيم المعارض زوراب جفانيا رئيس البرلمان السابق انه يقدر كثيرا قرار شيفاردنادزه بالاستقالة. وكان الوضع اتجه نحو التصعيد عندما دعا ساكاشفيلي الحشود المتجمعة امام البرلمان الى السير نحو المقر الرئاسي واعطاء الرئيس مهلة نصف ساعة للاستقالة مددها بعد ذلك ساعة اضافية. وقال ساكاشفيلي ان الرئيس يسخر منا وفات اوان التحدث عن مفاوضات، نحن لا نقبل بالكلام الا عن نقطة واحدة: نضمن له السلامة ليغادر جورجيا. لكن المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف الذي قام بزيارة تفليس أمس دفعت هذا الزعيم المعارض الى الطلب من مناصريه عدم التوجه الى المقر الرئاسي الواقع على بعد كيلومترات عدة من مكان تجمع المتظاهرين امام البرلمان. في المقابل، توجه الوزير الروسي برفقة ساكاشفيلي ورئيس البرلمان السابق جفانيا الى مقر الرئيس حيث عقدوا خلوة انتهت بخروج ايفانوف الذي صرح قائلا لقد انتهى دوري كوسيط. وسرعان ما خرجت رئيسة البرلمان المنتهية ولايته نينو بوردجانادزه امام المتظاهرين المتجمعين امام مبنى البرلمان ورسمت امامهم اشارة النصر معلنة استقالة شيفاردنادزه. وستتسلم بوردجانادزه مهام الرئاسة حتى اجراء الانتخابات المبكرة خلال 45 يوما حسب ما اعلن الزعيم المعارض زوراب جفانيا. كما اعلن زوراب جفانيا وكان رئيس البرلمان الاسبق انه بموجب الدستور، ينبغي تنظيم انتخابات رئاسية في مهلة 45 يوما. ويتنافس ساكاشفيلي وبوردجاناندزة كلاهما بقوة على منصب رئيس جورجيا. ومن المعروف عنهما توجهاتهما الموالية للغرب.