اقتحمت حشود المعارضة في جورجيا مبنى البرلمان في العاصمة تفليس مطالبين باستقالة رئيس الدولة ادوارد شيفرنادزه الذي كان يلقي كلمته في أول جلسة يعقدها أعضاء البرلمان الجديد وسط اتهامات المعارضة له بتزوير نتائج الانتخابات. وفي نفس الوقت احتل أنصار المعارضة مكتب الرئاسة ومباني حكومية أخرى مساء أمس، الأمر الذي استدعى نشر قوات مسلحة حول مقرات الوزارات الرئيسية واعلان الرئيس حالة الطوارئ في البلاد وإدانة روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة لتحرك المعارضة. وكان حوالي ربع مليون جورجي قد احتشدوا خارج مقر البرلمان بينما كان منعقدا قبل أن يقرر مئات منهم اقتحامه، فلجأ الحراس الى دفع شيفرنادزه من منصة الخطابة ليخرجوه من باب جانبي إلى سيارة كانت في الانتظار. كما انسحبت وحدات شرطة مكافحة الشغب من الميدان الذي يطل عليه مقر البرلمان. وقال شيفرنادزة قبل مغادرة القاعة انه برلمان، لسنا في الشارع فليشهد الجميع في جورجيا ما يجري. ودبت مشاجرات بين انصار الرئيس وعناصر المعارضة. وندد المكتب الصحفي لشيفردنادزه باستيلاء نشطاء المعارضة على مبنى البرلمان واصفا اياه بانه انقلاب عسكري. وقال المكتب في بيان انتهى الهجوم المسلح على الرئيس دون ضحايا، الرئيس شيفرنادزه حي، مضيفا ان انقلابا مسلحا وقع في جورجيا. واقتحم انصار المعارضة يتقدمهم الزعيم ميخائيل ساكاشفيلي مبنى البرلمان ولوحوا باعلام بيضاء وحمراء. وقال ساكاشفيلي نعقد اجتماعا سلميا للبرلمان، نريد من رئيسة البرلمان نينو بورجانادزة ان ترأسها وان تقوم بتغيير سلمي للسلطة، نحن مسالمون .. الشرطة لم توقفنا. لم نستخدم أسلحة .. رفعنا أيادينا لنظهر اننا لا نحمل اسلحة وتركونا ندخل. وقالت زعيمة المعارضة ورئيسة البرلمان السابقة نينو بوردزاندزه إنها تولت اعمال الرئيس بدلا من شيفرنادزة. وأضافت للصحفيين سأتولى بوصفي رئيسة للبرلمان الجورجي ووفقا للدستور اعمال الرئيس حتى يتضح ما اذا كان بوسعه الاستمرار في منصبه. كما ناشدت وزير الدفاع ديفيد تيفزادزه عدم اللجوء إلى القوة العسكرية في مواجهة المحتجين وقالت إن أي شخص يبدد السلام ويحاول زعزعة استقرار الوضع سيكون مسئولا أمام الشعب. وتوترت الاوضاع في جورجيا منذ الانتخابات البرلمانية في الثاني من نوفمبر التي تقول المعارضة انهامزورة. وقال تيدو جاباريتزه وزير الامن القومي أمس انه يخشى من ان تدفع المواجهة بالبلاد الى هوة عنف اسوأ من الحرب الاهلية التي مزقت جورجيا في اوائل التسعينيات. وبعد استيلاء المعارضة على البرلمان، أعلن الرئيس ادوارد شيفرنادزة حالة الطوارئ في جورجيا، حسبما نقلت عنه وكالة انترفاكس الروسية للانباء. وقال إنني مضطر لاعلان حالة الطوارئ وإذا ما أظهرت الضعف الان فلن يغفر لي الشعب مطلقا. وأضاف أن الجميع ستبعون الان لوزارة الدفاع. وصرح أنه لا يستبعد احتمال استقالته، وقال من مقر إقامته في أطراف العاصمة تفليس ليست لدي مشكلة بالنسبة للاستقالة لكن ينبغي أن يتم ذلك في إطار الدستور. كما أعرب الرئيس البالغ من العمر 75 عاما عن ندمه على إتاحة فرصة كبيرة للغاية للمعارضة التي تطالب باستقالته منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المثيرة للجدل التي جرت في الثاني من نوفمبر الجاري. وقال زعيم المعارضة ميخائيل ساكاشفيلى في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن) التليفزيونية الاخبارية إن شيفرنادزة يمكن أن يستمر في منصبه لفترة انتقالية حتى يمكن الدعوة لاجراء انتخابات رئاسية. ومن ناحية أخرى احتل أنصار ساكاشفيلي مكتب الرئاسة في تفليس. وأصبح حكم الرئيس الجورجي إدوارد شيفرنادزة القائم منذ 11 عاما في كفة الميزان أمس. وأظهرت الصور التي عرضها التليفزيون أعضاء البرلمان وهم يتشاجرون داخل المبنى في الوقت الذي كان يلوح فيه أعضاء المعارضة بالاعلام ويطرقون على مكاتبهم بقوة. وذكرت شبكة (سي.إن.إن) التلفزيونية الاخبارية أن شيفرنادزة قال في وقت لاحق أنه ليس لديه النية للاستقالة كما تطلب المعارضة وأنه أمهل المتظاهرين 48 ساعة لاخلاء مبنى البرلمان. وقال ميخائيل ساكاشيفلي الزعيم المعارض البارز ووزير العدل السابق إن ثورة سلمية حدثت في جورجيا. وقال ساكاشفيلي أمام حشد قوامه 30 ألف محتج إنه سيمهل الرئيس الجورجي ساعة واحدة ليقدم خلالها الاعتذار لشعبه ويعلن استقالته. وهدد ساكاشفيلي بأن تتوجه الجموع إلى البرلمان لو لم يفعل شيفرنادزة ذلك خلال المهلة المحددة. وقد اتهمت المعارضة شيفرنادزة بتزوير الانتخابات وهو ما اعترفت به أيضا اللجنة المركزية للانتخابات. وكان قد تم إعلان فوز حزب من أجل جورجيا الجديدة الذي يتزعمه شيفرنادزة رسميا يوم الخميس الماضي. ويشكل الحزب مع شريكه حزب أجاريا الاقليمي أغلبية لكن المعارضة أعلنت أنه كان هناك تزوير وطالبت باستقالة الرئيس. ورغم أن جورجيا كانت من أغنى الجمهوريات السوفيتية فإنها تعيش في حالة من الفساد والفقر منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991. ويبلغ معدل الاجور دولارا واحدا في اليوم. ويبلغ معدل معاش التقاعد 25 سنتا يوميا. وإزاء الأزمة التي تمر بها جورجيا، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارسال وزير خارجيته ايغور ايفانوف الى تفليس وقد غادر فعلا الى هناك، وفق ما اعلن الناطق باسم الكرملين الكسي غروموف لوكالة ايتار تاس الروسية للأنباء. واوضح المصدر ان بوتين بحث مع قادة مجموعة الدول المستقلة (الاتحاد السوفياتي سابقا باستثناء دول البلطيق) تطورات الوضع في جورجيا. وقال غروموف انه تم الاتفاق مع الرئيس الحالي لمجموعة الدول المستقلة رئيس اوكرانيا ليونيد كوتشما بشأن مهمة ايفانوف، من دون ان يحدد تاريخ مغادرة الوزير الروسي. لكن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بما فيها روسيا ادانت حركة المعارضة للاستيلاء على السلطة وقالت إنه تصرف غير مقبول ودعت جميع الأطراف للجوء الى السبل القانونية لتسوية الخلافات. وفي بيان نيابة عن دول الكومنولث المستقلة قال الرئيس الاوكراني ليونيد كوتشما بناء على الانباء الواردة من جورجيا فان قوى سياسية مختلفة مستعدة للاستيلاء على السلطة في البلاد بوسائل غير دستورية. ومن لاهاي (هولندا)، دعا وزير الخارجية الهولندي ياب هوب شيفر الرئيس الحالي لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا الى تسوية ديمقراطية في جورجيا. ونشرت ناقلات الجنود المدرعة في شوارع العاصمة الجورجية عقب سيطرة أنصار المعارضة على البرلمان والمباني الرئيسية الاخرى. وذكرت وكالة أنترفاكس الروسية للانباء أن الاليات ووحدات الامن تجمعت في ساحات وزارة الداخلية بأطراف المدينة كما انطلق العديد منها تجاه مقر إقامة الرئيس إدوارد شيفرنادزة. ويرابط مئات الجنود بجوار الوزارة داخل حافلات. كما ذكرت قناة (روستافي 2) التليفزيونية أن الدبابات تنتشر حول منشآت وزارة الدفاع. الرئيس شيفرنادزه في لقطة تعود للتاسع من نوفمبر لدى مغادرته البرلمان وسط غضب المعارضة