رمضان ، هذا الشهر العظيم، كان له على لسان الشعراء ألوان وطيوف، وسمات وآيات وعلى مر العصور استلهم الشعراء من فيوضات شهر رمضان ونفحاته أفكارهم للتعبير عن فرحتهم بمقدمه، وحزنهم لوداعه، وبدعوتهم المسلمين لانتهاز فرصة حلوله للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالطاعات وفعل الخيرات. ولقد فاضت قرائح الشعراء القدامى والمعاصرين بقصائد الإجلال والتعظيم لهذا الشهر المبارك : يقول الشاعر الكبير محمد حسن فقي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك : ==1==رمضانُ في قلبي هماهمُ نشوة ==0== ==0==من قبلِ رؤية وجهك الوضَّاء وعلى فمي طعمٌ أحسّ بأنه ==0== ==0==من طعمِ تلك الجنة الخضراء لا طعم دنيانا فليس بوسعها ==0== ==0==تقديم هذا الطعم للخلفاء ما ذقتُ قط ولا شعرت بمثله ==0== ==0==ألا أكون به من السعداء==2== كان هناك من الشعراء - عفا الله عنهم - من أظهر تبرمه منه صراحة أو تلميحا فهذا أبو نواس الذي ارتكب الموبقات وعاش عمره في انتهاك المحرمات وكان يتململ من شهر رمضان، تصدمه الحقيقة فيعود إلى ربه ويتوسل إلى خالق الأرض والسماوات بأن يطيل شهر رمضان فيقول : أيامه كوني سنين، و لا تفنى فلستُ بسائم منك وهو القائل في أخريات عمره : يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوَك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ فبمن يلوذ ويستجير المجرمُ أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم يقول الشاعر معروف الرصافي وهو يصف بعض الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب : وأغبى العالمين فتى أكول لفطنته ببطنته انهزام ولو أني استطعت صيام دهري لصمت فكان ديدني الصيام ولكن لا أصوم صيام قوم تكاثر في فطورهم الطعام فإن وضح النهار طووا جياعا وقد هموا إذا اختلط الظلام وقالوا يا نهار لئن تُجعءنا فإن الليلَ منك لنا انتقامُ وناموا متخمين على امتلاءٍ وقد يتجشئون وهم نيام فقل للصائمين أداءُ فرضٍ ألا ما هكذا فُرِضَ الصيام وفي شهر الصيام، تصوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى ، فتصوم العين بغضها عما حرم الله النظر إليه ، ويصوم اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة ، وتصوم الأذن عن الإصغاء إلى ما نهى الله عنه ، ويصوم البطن عن تناول الحرام ، وتصوم اليد عن إيذاء الناس، والرجل تصوم عن المشي إلى الفساد فوق الأرض . قال أحمد شوقي : الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع، ولكل فريضة حكمة ، وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة ، يستثير الشفقة ، ويحض على الصدقة ، ويكسر الكبر ، ويعلم الصبر ، ويسن خلالَ البر ، إذا جاع من ألف الشبع ، وحرم المترف أسبابَ المتع ، عرف الحرمان كيف يقع ، والجوع كيف ألمه إذا لذع. ويرى حجة الإسلام أبو حامد الغزالي أن الصوم ثلاث درجات : صوم العامة : وهو كف البطن والفرج وسائر الجوارح عن قصد الشهوة . وصوم الخصوص : وهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام . وصوم خصوص الخصوص : وهو صوم القلب عن الهمم الدنيئة ، وكفه عما سوى الله تبارك وتعالى.