عندما كنا في عمر 14 سنة كان البحر جاراً رائعاً لنا في منطقة رأس الرمان مقابل بيت المستشار البريطاني.. وكنا نذهب الى الحداق فوق رصيف الفرضة القديمة او نضع (طوس) صيد (الميد) في المكان الحالي الذي يقف عليه مبنى السكرتارية (رئاسة الوزراء) يومها كنا احراراً في كيفية صيد السمك بأي وسيلة من الوسائل القديمة التي كانت حديثة في ذلك الوقت ونعود كل مساء ونحن نحمل معنا ما يزيد على 10 كيلوات من الميد او الزمارير او المنجوس او القباقب الزرقاء وبعض الاصناف الاخرى من الاسماك الصغيرة مثل (الفسكر) و(الشحاديد) و(الربيب) و(السلوس) و(النيسر) و(الكركفان).. الخ وبعد تغير الظروف والاحوال وزحف حضارة الاسمنت والترحال من رأس الرمان ابتعد البحر عنا وصار جاراً بعيد المنال وانحرمنا من لذة الصيد وحريته ومتعة مداعبة الامواج واستنشاق الهواء العليل. الآن تم اكتشاف ثروات البحر وخيره.. ومثلما تم تقسيم الأرض وتوزيعها اصبح البحر مقسماً وتم ترسيم حدود المالكين له بحيث لا يمكن لأي انسان يعشق البحر والصيد ان يقترب من المناطق المحظورة حتى لو أخطأ وذهب لمكان ما سيجد نفسه محاطاً بالزوارق تدعوه الى الرحيل او المساءلة وهو لا يعلم من هم هؤلاء وفي بعض الاحيان يفتش تفتيشاً دقيقاً ويسلب منه ماصاده من سمك صغير أو كبير لمجرد أنه أخطأ الطريق وكأنه سرق مال غيره مع ان البحر مشاع للجميع دون استثناء! اليوم يعاني البحارة البحرينيون من ظروف صعبة وارزاقهم قطعت وتعطلت مراكبهم وهم لا يعرفون ماذا يفعلون.