احتفى العالم في الرابع عشر من هذا الشهر شعبان 1424ه الموافق العاشر من اكتوبر 2003م باليوم العالمي للصحة النفسية والذي جاء هذا العام تحت شعار (الاضطرابات العاطفية والسلوكية لدى الاطفال والمراهقين) ولقد اكدت الاستراتيجية الخاصة بصحة الاطفال والمراهقين ونمائهم الصادرة عن الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في دورتها السادسة والخمسين المنعقدة في هذا العام مايو 2003م على حق الاطفال والمراهقين في التمتع باعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه وفي الحصول على الرعاية الصحية، وقد اعربت المنظمة الدولية ومن خلال هذه الاستراتيجية عن قلقها لعدم تلبية الاحتياجات المحدودة للمواليد والمراهقين على النحو الكافي وضرورة بذل المزيد من الجهود لبلوغ الاهداف الدولية المحددة لصحة الامهات والاطفال والمراهقين ونمائهم من حيث ان الاطفال والمراهقين يعدون مصادر رئيسية للتنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، وان الوالدين والاسرة والاوصياء القانونيين وسائر القائمين على الرعاية لهم دور اساسي ومسئولية مشتركة فيما يتعلق بصحة الاطفال وسلامتهم وانه يجب دعمهم لمسئوليات تربية هؤلاء الاطفال، ولقد حثت منظمة الصحة العالمية الدول الاعضاء بتعزيز الجهود المبذولة لبلوغ الاهداف الدولية للحد من وفيات الاطفال وسوء تغذيتهم وتوسيع نطاق هذه الجهود، ومنح الاولوية لتحسين صحة المواليد والاطفال وصحة المراهقين ونمائهم عن طريق تعزيز البرامج وزيادة المخصصات من الموارد الوطنية، والعمل على تحقيق تغطية كاملة للمواليد والاطفال والمراهقين والتدخل لمساعدة الوالدين وسائر القائمين على الرعاية والاسر والمجتمعات على رعاية الشباب، والتدخل لتحسين جودة الخدمات الصحية والنظم الصحية، وتعزيز حصول الاطفال والمراهقين والوالدين والاسرة والاوصياء القانونيين وسائر القائمين على الرعاية على مجموعة كاملة من المعلومات والخدمات لتعزيز صحة الاطفال وبقائهم ونمائهم بما في ذلك النمو النفسي وحمايتهم ومشاركتهم مع الاقرار بأن هناك اطفالا كثيرين يعيشون دون دعم والديهم وبأنه ينبغي اتخاذ تدابير خاصة لدعم هؤلاء الاطفال وبناء قدراتهم وتدعمها... ويمكن القول بأن العلاقات الاسرية بين الزوجين والابناء ترتكز على الروابط الغزيزية الانسانية المعززة من ديننا الاسلامي الحنيف بأقوى الروابط التشريعية مصداقا لقوله سبحانه وتعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) صدق الله العظيم. ويعد الانحراف في الحياة العائلية حقيقة واقعة تنمو وتتطور ضمن اتجاهات عالمية مرتبطة بمتغيرات متوالية ليس في مقدور جهة معينة التصدي لها وحدها، ومن ثم فلا سبيل لمواجهة الظاهرة بكل ما تعنيه من انحراف اجتماعي وخطر امني داهم يترتب على فقدان الفرد والاسرة للاستقرار الا بالتفاعل الصريح مع حقائقها واسبابها وخلفياتها فالعنف واضطراب العواطف والسلوك من الامور التي لفتت نظر الباحثين في الصحة النفسية والاجتماعية منذ زمن غير بعيد.. وتعد ظاهرة العنف عالمية تعاني منها المجتمعات بصفة عامة وتعاني منها المرأة والطفل بصفة خاصة وان اختلفت اشكالها واذا كان العنف العائلي يؤثر من الناحية الاجتماعية او النفسية او الصحية.. فما الآثار والمشكلات التي يتعرضون لها الاطفال والشباب من اضطراب في العواطف والسلوكيات؟. وانني هنا اقول بان البيئة التي تعيشها بعض الاسر في الوقت الراهن يكتنفها العديد من المشاحنات وعدم التوافق العاطفي مع تزايد الرغبات المادية والمعنوية علاوة على الضغوط النفسية الناتجة عن المشكلات اليومية اضافةالى ازدياد واتساع الفوارق الاجتماعية بين فئات وشرائح المجتمع وزيادة افلام العنف ومسلسلات الكرتون والامراض العصبية والكحول والمخدرات, ولذلك كله تأثير في الحياة العائلية حيث تساعد على التفكك العائلي خاصة اذا ما غابت التربية الدينية والاخلاق الحميدة واذا ما تم الانفصال بين الوالدين وزيادة مشاعر الكراهية بين افراد العائلة الواحدة, وانحراف الاولاد, وفقد الابناء الثقة في انفسهم والتأثير في قدرات افراد العائلة في التقدم من الناحية الدراسية. ولقد اولى مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية موضوع الصحة النفسية جل اهتمامه ووضعه من اولى الاولويات خلال المرحلة القادمة حيث تم تشكيل لجنة خليجية لهذا الغرض للتعرف على اكثر الامراض النفسية والعصبية انتشارا بكل دولة والامكانات المتاحة في كل دولة للمرضى النفسانيين والتدابير التي اتخذتها كل دولة او المزمع اتخاذها لمكافحة التمييز ازاء المصابين بهذه الامراض والتشريعات والنظم المتكافئة لضمان الحقوق الشرعية للمرضى النفسانيين. كما افردت مجلة (صحة الخليج) الصادرة عن المكتب التنفيذي عددا خاصا حول هذا الموضوع وطرحت العديد من المحاور على المختصين بدول مجلس التعاون استعرضت فيه لمحة تاريخية عن العنف العائلي وصوره واسبابه وتأثيره على الحياة العائلية بشكل عام, كما استعرضت الخطط والسياسات الموجودة لدى وزارات الصحة بدول مجلس التعاون للتصدي لهذه الظاهرة والدور الذي يمكن ان تقوم به هذه الوزارات في هذا الجانب. وتقوم دولة الكويت حاليا بالاعداد والتجهيز لعقد المؤتمر الخليجي الاول للصحة النفسية تحت شار (خدمات الصحة النفسية في الخليج) وذلك في الفترة من 8-10 ديسمبر 2003م. * استشاري طب الاسرة والمجتمع - زميل الكلية الملكية للطب العام - بريطانيا المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي