أكد تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية أنّ جميع دول العالم تعمل على اتخاذ تدابير جديدة أكثر صرامة من أجل الحد من العنف الذي يمارسه الناس ضد بعضهم البعض ومن الآثار التي يخلّفها ذلك العنف مدى الحياة. وقالت الدكتورة كاترين لوغاليس-كامو المدير العام المساعد لشؤون الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية، تمكّن مجال الوقاية من العنف من بلوغ منعطف حاسم الأهمية بفضل تحسين فهم الإجراءات الفعالة التي تسهم في الوقاية من العنف في أوساط الأسر والمجتمعات المحلية. وبدأت الجهود الرامية إلى توسيع نطاق الوقاية من العنف تتعزّز مع بدء راسمي السياسات الصحية والممارسين في هذا المجال فهم آثار العنف الطويلة الأجل فهماً تاماً. فقد أفادت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، بأنّ الآثار التي يعانيها الأطفال مدى الحياة جرّاء تعرّضهم للإيذاء الجنسي تكمن وراء نحو 6% من حالات الاكتئاب؛ و6% من حالات معاقرة/إدمان الكحول؛ و6% من حالات معاقرة/إدمان الأدوية على نحو غير شرعي؛ و8% من محاولات الانتحار؛ و10% من اضطرابات الهلع؛ و27% من اضطرابات الكرب الذي يعقب الرضوح . كما كشفت دراسات أخرى عن وجود حالات الإيذاء البدني الذي يتعرّض له الأطفال وإفراط التدخين واضطرابات الأكل والسلوكيات الجنسية التي تنطوي على مخاطر عالية، علماً بأنّ تلك الظواهر مرتبطة بدورها ببعض من أهمّ أسباب الوفاة، بما في ذلك الأيدز والعدوى بفيروسه وأنواع السرطان المختلفة والاضطرابات القلبية الوعائية. وقال الدكتور إتيان كروغ مدير إدارة الوقاية من الإصابات والعنف بمنظمة الصحة العالمية، "يظلّ التحدي الأكبر الماثل أمام عملية تعزيز جهود الوقاية من العنف، على الصعيد العالمي نقص الاستثمار في الدراسات العلمية الرامية إلى تقييم الحصائل على نطاق واسع، وبخاصة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، حيث يبلغ عبء العنف وتكلفة القصور في الاستثمار في وسائل وقائية فعالة أكبر مستوياتهما.واضافت "سنتمكّن إذا ما أجرينا تلك الدراسات من تعزيز الوقاية وضمانها في سائر أنحاء العالم." والجدير بالذكر أيضاً أنّ بين ثلاثة وسبعة ملايين مراهق وشاب يتلقون العلاج في المستشفى كل عام بسبب إصابات ناجمة عن العنف. وقال مدير المباحث جون كارنوشان الذي يشرف على الوحدة الاسكتلندية للحد من العنف لقد كان التقرير العالمي الخاص بالعنف والصحة مفيداً جداً بالنسبة لوحدة الحد من العنف، إذ أتاح أسلوباً ابتكارياً حلّ محلّ الأساليب التقليدية للتحرّي عن جرائم العنف. وتشير البيّنات المتوافرة إلى إمكانية توقيف معظم الوفيات وأشكال المعاناة المتصلة بالعنف من خلال الاستثمار في أساليب إيجابية، مثل تدريب الآباء والزيارات المنزلية والحد من توافر الكحول وإمكانية الحصول على الأسلحة النارية ومساعدة المراهقين المعرّضين لمخاطر عالية على إكمال دراستهم وتغيير القواعد الثقافية التي تصفح عن أعمال العنف؛ وتوفير خدمات الرعاية الطبية الطارئة المناسبة. وتبيّن الدراسات أنّ تنفيذ معظم تلك الاستراتيجيات أقلّ تكلفة من عمليات الاستجابة لمقتضيات العنف.