لاتعني السعودة ان تقوم المؤسسات الحكومية والاهلية بعملية احلال المواطن محل العمالة الاجنبية. ان القضية تتطلب نظرا ذا ابعاد متوازية ومتقاطعة. هل يكفي تحديد الهدف ووضوح المأرب لنقول اننا نجحنا في تحقيق السعودة؟ ايمكن ان يكون تعداد الوظائف التي شغلها المواطنون السعوديون مؤشرا على تحقيق الغايات المرسومة للسعودة؟ أزيادة في العدد تتوخى السعودة ام تنمية القدرات والمهارات، واكتساب الخبرات، واعداد كوادر تنقل ما حذقته وأتقنته الى الاجيال اللاحقة، خبرات تسهم في رؤى ابداعية تدفع بالعملية الانتاجية الى مستويات طموحة تتجاوز الواقع الى المستقبل.؟ قدمت كثير من الدراسات تصورها عن السعودة، وتميزت بعض الدراسات بالنظر العلمي الجاد المبني على دراسة ميدانية لسوق العمل وحاجة المجتمع، واوصت دراسات اكاديمية كثيرة بضرورة اعادة النظر في المؤسسات التعليمية واهمية التوسع بالتعليم الفني والتقني وهذه توصية على اهميتها تقف امامها عقبات وتعرقلها عوائق نذكر منها : التكلفة العالية. الفترة الزمنية الطويلة التي يستغرقها فتح المؤسسات التعليمية ومن ثم انتظار مخرجاتها، ويعقبه الزمن المحتسب لتدريب الخريجين حتى يمكنهم دخول ميدان العمل. الثقافة الاجتماعية التي مازالت تنظر نظرة دونية للطالب الذي سيخرج حرفيا او مهنيا. معايير القبول في المعاهد وكليات التعليم الفني والتقني تقف احيانا حائلا امام طالب لديه مهارة لكنه لا يتمكن من اجتياز تلك المعايير. وفي سبيل تحقيق نتائج فعالة في عملية السعودة في الحقل المهني والفني فان على الشركات والمصانع استيعاب المتقدمين لطلب الوظائف المهنية والفنية بشرط اخضاعهم للتدريب في المؤسسة ذاتها وعلى ان تقوم العمالة الخبيرة بتدريب السعوديين المتقدمين وفق ضوابط ترسمها المؤسسة ولا يتمكن السعودي من الوظيفة الا بعد اجتيازه اختبارات تثبت جدارته، وهذا ليس بدعا جديدا في سوق العمل السعودي فشركة ارامكو كانت تستقطب المتقدمين للعمل وهم بلا خبرات فكانت الشركة تقوم على تعليمهم وتدريبهم بأساليب علمية عملية اثبتت نجاحها وقدرتها على تكوين خبرات تركت بصماتها في مسيرة الشركة فتلكم تجربة ثرية جديرة بأنه يستفاد منها. ولا تخفى ضرورة رسم حوافز للخبرات الاجنبية التي تدرب السعوديين وهي بهذا تحقق مكسبا وظيفيا حتى وان كان ذلك يعني احلال السعودي محلها فكثير من دول الغرب الصناعي تثمن الخبرات التي عملت في السعودية ودول الخليج وتستقطبهم برواتب عالية لانهم تمكنوا من التدريب العملي وحصلوا على خبرات متراكمة في بيئاتنا. اما التوجه الى هذه الاعمال الفنية فيجب ألا يقتصر على الاعمال ذات السمة الوظيفية الرأسية فقط فذلك يعني التخلي عن الوظائف الدنيا في ظاهرها والحيوية في طبيعتها مثل اعمال الصيانة مما يحتاجه الفرد في يومه كله في المنزل وفي المكتب وغيرها من الاعمال التي يجب ان تقوم الشركات بتدريب اجيال من السعوديين عليها فتقضي بهذا على البطالة من جهة وتعمل على تراكم الخبرات محليا. فالفني الاجنبي عندما يغادر تخرج خبراته معه فيحرم منها المجتمع اما الخبرة السعودية فمهما غيرت مكان وظيفتها فخبراتها باقية، ناهيك عن استثمار الثروة محليا فالاجور لن تخرج وتصب في اماكن وبلدان اخرى فهي دائرة يستفيد منها السوق المحلي فينتعش الاقتصاد مما يحقق الاستقرار والامان.