الانتفاضة الثانية او انتفاضة الأقصى دخلت عامها الرابع, ولا يبدو في نفق الأحداث وميض أمل في انقشاع هذه الغمة التي يتكبد الفلسطينيون ويلاتها والعالم يتفرج, واذا تحرك في اوروبا فعلى استحياء, اما اذا تحرك في امريكا فبالفيتو الذي يقصف ظهر اي قرار ادانة في المنظمة الأممية مع ان اسرائيل في البداية والنهاية لا تعترف بأي قرار دولي مهما كان مصدره. هذه الانتفاضة تعمق الأزمة الاقتصادية الخانقة في اسرائيل, ومع ذلك فان السفاح شارون يراهن عبثا على الارهاب لاخضاع الشعب الفلسطيني, وقد اثبتت الاحداث فشل هذه النظرية, لأن الانتقام يجر الى الانتقام, والعمليات الارهابية ستقابل بضربات موجعة في عمق اسرائيل, وكذلك اسلوب الاغتيالات سيزيد من اصرار الفلسطينيين على المقاومة, والثأر لمن اغتالتهم الأيدي الاسرائيلية الملوثة بدماء الابرياء. ولعل استطلاعات الصحف الاسرائيلية خير مؤشر على فشل سياسة شارون القمعية, ومنها استطلاع صحيفة معاريف الاخير الذي يحسم الجدل لصالح الفلسطينيين باعتبارهم الفائزين في هذا الصراع الدموي المرير, ويتمثل هذا الانتصار في تدهور الاقتصاد الاسرائيلي, وهروب الآلاف الى الخارج للنجاة من جحيم الحرب, ورفض الطيارين الاسرائيليين الاشتراك في ضرب المدنيين واضرابهم عن العمل, وكذلك ارتفاع اصوات دعاة السلام في الكيان الاسرائيلي, والخوف الذي يسيطر على المزاج الاسرائيلي العام من العمليات الاستشهادية التي يقوم بها ابناء الانتفاضة والتي يعتبرها شارون العقبة الأصعب في طريق التطور الاقتصادي لاسرائيل, وهو الذي اختار لغة الارهاب بدل المفاوضات, ولغة الحرب بدل السلم, وقابل محاولات الهدنة بالاغتيالات ليثبت انه لا يفهم غير لغة القوة الغاشمة. لقد بدأت الانتفاضة بالحجارة, وامام الارهاب الاسرائيلي المعلن على رؤوس الاشهاد كان لابد من عسكرة الانتفاضة لتؤدي دورها في الردع والرد على سياسة الارهاب واسلوب الاغتيالات, فلم يعد الكيان الصهيوني بمنجاة من العمليات الاستشهادية المظفرة. بعد ان اصبحت الانتفاضة هي الخيار الوحيد, مقابل الصمت الدولي على جرائم اسرائيل في الاراضي العربية المحتلة.