عادت الطيور المهاجرة من بلاد الشمال بعدما أفرغت ما في جيوبها وميزانياتها على المدن والسواحل التي أمضت فيها إجازة الصيف، لكن التحولات المناخية في العالم جعلت البعض مثلما يقول المثل المصري: (طلع نقبهم على شونة)! فالذين هربوا من الصيف في شهر يوليو الماضي واجهوا طقساً ساخناً في أوروبا! وإقامة في فنادق بلا مكيفات ولا مراوح.. وحتى حين يخرجون في نزهات خارجية سرعان (ما يفطسون) من الحر ويعودون إلى غرفهم قبل أن يصابوا بضربة شمس من العيار الثقيل، حتى إن مدنا جميلة مثل باريس ولندن ومدريد وفرانكفورت وبروكسل وروما بدت كما لو كانت مدنا تقع في القارة الإفريقية وليست في أوروبا! في مقابل ذلك الذين صمدوا في شهر يوليو بالبحرين، ولم يغادروها كان من حظهم طقس رائع في الداخل، حتى أن هناك ليالي كثيرة كانت نسمات الشمال فيها تجعل البحرين في الصيف تبدو كما لو كانت في الربيع.. لكن ما أن دخل شهر أغسطس في يومه الأول حتى أعلن (غضبه)، وارتفعت درجة الحرارة إلى مستويات عالية، وظل أغسطس يضرب العباد في كل مكان.. سواء في البحرين أو في أوروبا.. وقال الكثيرون عندنا في البحرين: إن (أغسطس) جاء لينتقم من (يوليو)! إلا أنه مما يخفف الأمر على أهل البحرين الذين صمدوا في شهر أغسطس أن لديهم مكيفات في كل مكان.. في المنازل وفي المكاتب وفي السيارات وفي المجمعات التجارية وفي أماكن العمل وفي المطاعم والكفتيريات.. ولم يبق سوى أن نغطي شارع باب البحرين بالزجاج ونزرع فيه مكيفات عملاقة! بينما الذين أمضوا إجازاتهم في أغسطس بمدن أوروبا كادت تزهق أرواحهم من شدة الحرارة التي فتكت بالمئات في مدن الزجاج. وعلى الرغم من شدة الحرارة في صيف البحرين فإن تيار الكهرباء لم ينقطع كثيراً، بل حافظ على معدل جيد، وفي ذلك رحمة للعباد، ومع ذلك تجاهلت الصحافة هذا الأمر، لأننا دائماً نصرخ حين تنقطع الكهرباء، لكننا لا نشيد ولا نحيي المسئولين حين يحافظون على توفير الخدمات الجيدة للناس. على أي حال انتهت إجازة الصيف، وعادت الحقائب إلى مرابعها بعد أن ابتلعت مصاريف الإقامة والشوبنك ميزانية كل عائلة.. ومما يزيد الطين بلة أنهم خرجوا من إجازاتهم ليجدوا أنفسهم أمام مصاريف جديدة تتمثل في مشتريات وأعباء بداية العام الدراسي الجديد، والمصاريف تكون أكبر بالنسبة إلى الذين أدخلوا أطفالهم في (مدارس خاصة) وليست حكومية، لأن رسوم وأسعار الكتب في هذه المدارس الخاصة أكثر بكثير من الرسوم الجامعية! وتحولت هذه المدارس إلى مشاريع تجارية بحتة.. كما لو أن هذه المدارس الخاصة تتعهد للأسر بأن تجعل كل طفل مشروع (ألبرت اينشتاين).