كثر الحديث هذه الأيام عن شركة الكهرباء حتى وصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة باستقالة مدير الشركة وذلك على إثر انقطاع التيار الكهربائي عن بعض مناطق المملكة بسبب الارتفاع الشديد في الأحمال على شبكة الكهرباء وهكذا نحن لا نهتم بمشاكلنا إلاّ اهتماماً موسمياً ثم لا نلبث بعدها ان ننساها عند زوال الأسباب ومع ان مثل هذا الانقطاع يحصل في كثير من الدول المتقدمة وقد يكون هذا الانقطاع لأسباب خارجة عن السيطرة فإن استقالة مدير الشركة لن تؤدي إلى تحسين خدمات الشركة بل ربما تؤدي إلى العكس لأن الرجل يتمتع بخبرة طويلة وكفاءة لا تعوض. إنه لا يمكن المقارنة بما كانت عليه أوضاع الشركة بالأمس القريب وما هي عليه اليوم، حيث تم إنشاء المحطات الضخمة لتوليد طاقة الكهرباء في أنحاء كثيرة من البلاد وتم مد شبكات الضغط العالي بأبراجها الكبيرة ذات الأحمال العالية التي ربطت البلاد من شرقيها إلى غربيها ومن شماليها إلى جنوبيها وتم توصيل التيار الكهربائي فضلاً عن المدن إلى كل قرية وهجرة بل كل مزرعة نائية في قلب الصحراء. ولا شك ان الفضل في ذلك يعود بعد الله إلى الدعم السخي اللامحدود من الدولة إذ كانت الكهرباء في الماضي القريب تنقطع عنا كل يوم وأذكر أنها انقطعت في أول أيام رمضان من الصباح إلى المساء في أشد أشهر السنة حرارة أما اليوم فقد تبدل الحال ولله الحمد إلى الأفضل وأصبح المواطن يتمتع بهذه الخدمة بكفاءة عالية ومريحة ليس المقصود هنا الدفاع عن الشركة فهي مطلوب منها ان تواكب التقدم العمراني والصناعي الذي تشهده البلاد في هذه المرحلة الزاهرة وان تعيد هيكلة نظامها الإداري وتستعين بخبرات البلاد الدول المتقدمة في هذه المجال ويجب ان تعمل على إنشاء محطات كبيرة لتوليد الطاقة تتزامن مع النمو السكاني الهائل وان تختار لها مواقع آمنة داخل البلاد بعيدة عن الشواطئ ويوصل لها الوقود بأنابيب فهو أفضل من نقل التيار عن طريق الشبكات وأكثر أمناً. والواقع أنه مهما توسعت الشركة في خدماتها فإنها لا تستطيع ان توفر هذه الخدمة بشكل يرضي المواطنين إذا لم يتم التعاون وتضافر الجهود من المواطنين فمن المعروف أننا المواطنين مسرفون في استعمال الكهرباء ومسرفون باستعمال المياه ومسرفون في استعمال الهاتف الجوال ومسرفون في استعمال خدمة الإنترنت المحمول (لاب توب) أنظر إلى هؤلاء الأطفال الذين لا يتجاوز عمر بعضهم الست سنوات وقد علق كل منهم جواله في عنقه على الرغم من التحذير المستمر للأطباء من أخطاره على الأطفال. أما جهاز الكمبيوتر المحمول فقد أصبح الشغل الشاغل للشباب المراهقين ذكوراً وإناثاً واشغلهم عن واجباتهم الدينية والتحصيل العلمي وممارسة أي نشاط رياضي مفيد لهم وأصبح رفيقهم في السيارة والمقهى والمطعم وفي غرفة نومهم فأرهق صحتهم واتلف أبصارهم وأبلغ ما شاهدته من أحد رسامي الكاريكاتير في إحدى الصحف لجنين في أحشاء أمه وهو يمارس بعض الألعاب وقد رأيت شاباً يستعمل هذا الجهز وهو يمشي في الليل! ونتذمر من ارتفاع أسعار الأرز واللحوم ونحن نهدرها باسراف في مناسبات الزواج والمآدب الخاصة ونتنافس في كثرة أعداد الأغنام (والقعدان) المقدمة في هذه الحفلات ونعده عنواناً للكرم وفي النهاية نرمي بها في مرمى النفايات وتحت يدي صورة نشرتها إحدى الصحف لأكوام اللحم والأرز تعادل شحنة (قلاب) وقد رميت في الصحراء في إحدى المحافظات الصغيرة. ونشتكي من ارتفاع الاسمنت والحديد ونحن نبني مساكننا بحجم يفوق حاجتنا بحيث يشتمل على الكثير من الأجنحة بعدد البنات والأولاد وفي النهاية تلحق النبت بزوجها ويلحق الولد بزوجته وتبقى هذه الأجنحة فارغة ننفق عليها كثير من المال لصيانتها وتنظيفها وتتطلب زيادة في عدد الخادمات ومصاريف الكهرباء وقد قال لي أحد الأصدقاء أنه لم يبق في منزلهم إلاّ هو وزوجته وأنه سيعرض منزله للبيع وشراء منزل صغير يناسب حاجته. وفيما يتعلق بمشكلة انقطاع الكهرباء فإن هذا الانقطاع يمكن ان يزداد إذا لم نتخذ بعض الإجراءات العاجلة ومنها. - المعروف ان الاختبارات النهائية في المدارس والجامعات تبدأ في أول أشهر الصيف الحارة ومن البديهيات ان الطلاب وكثيراً من الأساتذة والمدرسين يسهرون الليل كله ولا ينامون ويبقون في حالة توتر يزداد كلما ازداد انتظارهم فلماذا لا تبدأ الاختبارات بعد صلاة الفجر مباشرة وقد سبق ان قال أحد المسؤولين في شركة الكهرباء إنه لو قدم موعد الاختبارات لوفر المليارات من قيمة التيار الكهربائي الذي سيتوافر يا اخواني لو نظمنا مواعيد أعمالنا لتتفق مع مواعيد الصلاة لكسبنا كثيراً من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والصحية لأن الله سبحانه وتعالى العليم بمصالح عباده قد وقت هذه المواعيد لتلائم حاجة العباد. فقال سبحانه (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) وقد أدركت في بداية حياتي الناس وهم يستفيقون من نومهم قبل الصلاة الفجر ويباشرون أعمالهم بعد الصلاة مباشرة ويخلدون إلى النوم بعد صلاة العشاء مباشرة وجميع المناسبات كالزواج والولائم تتم قبل صلاة العشاء وكان الناس يتمتعون بصحة جيدة وراحة نفسية يندر ان توجد الآن ومن المؤسف ان الغرب الذي يقدر قيمة الوقت يطبق هذه الطريقة فتراهم في الصباح الباكر يتزاحمون في الطرقات ذاهبين إلى أعمالهم بينما يخلدون للنوم قبل الثامنة مساء وتغلق كل المحلات التجارية وحتى المطاعم لا يبقى منها إلاّ القليل التي يرتادها السياح فقط. فيا أيها الاخوة في وزارة التربية والتعليم اعملوا خيراً وطبقوا هذا الإجراء في العام الدراسي القادم وستكون النتائج إن شاء الله ايجابية. 2- المساجد: يوجد في المملكة حسبما علمت أكثر من خمسين ألف مسجد مرشحة للزيادة فلو كان في كل مسجد عشرون مكيفاً بطاقة 24ألف وحدة موزعة على المساجد ما عدا التي تستعمل (التكييف العمومي) وبعملية حسابية نجد أن الحصيلة هي مليون مكيف فكم يا ترى تستهلك تلك المكيفات من كيلووات الكهرباء هذا نتركه لأحد المختصين مع أن الذي يقوم بتشغيل هذه الميكفات وإطفائها هو عامل وافد ويتصرف بها كيفما شاء دون رقابة أو مسؤولية وتبقى معظم المكيفات تعمل طول النهار من أجل أن يرضى عنه بعض الجماعة وقد قال لي أحد الأصدقاء إنه أتى ليؤدي صلاة الجمعة في أحد المساجد وأنه لم يستطيع من شدة البرد إكمال الصلاة فخرج من المسجد قبل دخول الإمام ليكمل صلاته في مسجد آخر أقل برودة وقد أصبحت المساجد بسبب البرودة الزائدة وسطاً ملائماً لانتقال أمراض الانفلونزا والالتهاب الرئوي (حسب ما أفاد به الأطباء). مع أنه لو كان التكييف في المناطق البعيدة عن الشواطئ بالماء لكان أسلم صحياً وأوفر مادياً وقد شاهدت في بعض دول الخليج في بعض مساجد المنطقة الشرقية حيث يقوم المسؤول هناك بإنشاء حاجز من الالمنيوم في طرف المسجد يكفي لاستيعاب المصلين الذين لا يتجاوز عددهم المائة شخص في أغلب الأوقات مع أن أغلب المساجد يتسع لأكثر من ألف مصل ولكنه لا يستعمل بسبب كثرة المساجد في بلادنا ولله الحمد أما صلاة الظهر (وهي بيت القصيد) لأنها تأتي في وقت الذروة فإن عدد المصلين يقل كثيراً بسبب وجود الكثير من الناس في أعمالهم على أن يتم تركيب مكيفات خاصة لهذا الجزء المحاز ويجب أن يطبق هذا الإجراء على جميع المساجد سواء الجوامع أو غيرها لأن أغلب المساجد كبيرة وواسعة ولا يستعمل إلا جزء صغير منها وعند الحاجة للتوسع كصلاة الجمعة أو صلاة العيدين تفتح الأبواب التي تصل هذه الجزء بالمسجد وسينتج عن هذه توفر كمية هائلة من الطاقة الكهربائية مع وضع رقابة صارمة على إطفاء المكيفات بعد انتهاء الصلاة مباشرة وعدم تشغيلها إلا بعد الآذان ومعاقبة من يخالف ذلك عقوبات شديدة ولذلك فإني أناشد الأخوة المسؤولين عن المساجد المبادرة بإنشاء هذا الحاجز دون تأخير فهذا لا يحتاج إلى تكاليف مادية عالية وتنفيذه سهل ولا يحتاج إلى لجان ودراسات ومناقصات ويمكن أن يساهم في تجهيزه بعض المحسنين من رجال الأعمال. 3- الكثير من المواطنين عندنا يذهبون إلى الإجازة في الصيف ويتركون المكيفات في بيوتهم شغالة من أجل المحافظة على الأثاث من التلف فهل من المعقول أن تهدر هذه الطاقة الكبيرة من الكهرباء من أجل أثاث ونحرم المواطنين الذين هم بحاجة ماسة لها منها الحكم في هذه لضمائر الأخوة الذين يفعلون هذا العمل. 4- تقديم الدوام في أشهر الإجازة المدرسية فقط والتي هي أشد أشهر الصيف حراً تقديمها ساعة واحدة بحيث يبدأ الدوام من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الواحدة ظهراً وحيث إن هذه الساعة التي قد يراها بعض الناس قليلة إلا أنها في الحقيقة ستوفر الملايين من الكيلو وات الكهربائية والتي يعادل ثمنها المليارات من الريالات فالموظف عندما يتأخر في مكتبه ساعة بعد الظهر وهي وقت الذروة يكون المكيف يعمل في المكتب بينما هناك مكيف آخر يعمل في غرفة نومه على أن يتم بعد خروج الموظفين اغلاق كل المكيفات في جميع الدوائر الحكومية فورا لان بعض الموظفين يتركون أجهزة التكييف تعمل في مكاتبهم على مدار الأربع والعشرين ساعة بدون توقف ويكون هناك رقابة صارمة على العمال المسؤولين عن تشغيل المكيفات وهذا التقديم للدوام في الصيف معمول به في الدول الأوروبية وبعض الدول العربية. 5- أخذ التعهد على المزارعين بضرورة إطفاء المضخات الكهربائية في الصيف شديد الحرارة وقت الذروة من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الساعة الثالثة ظهراً وأن استعمالهم للكهرباء مرتبط بالتزامهم بهذا الشرط مع عدم التوسع في استعمال المضخات الكهربائية سواء الغاطسة أو السطحية التي تتجاوز قوتها المائة والخمسين حصاناً لأنه بعد تخفيض أسعار الديزل أصبح استعمال الماكينات أقل تكلفة وأوفر اقتصادياً وفي النهاية أعود وألخص ما قدمته فيما يلي: 1- تقديم مواعيد الاختبارات في الدراسة في جميع المدارس والجامعات بحيث تكون بعد صلاة الفجر مباشرة. 2- بناء حاجز في طرف المسجد من الالمنيوم يكون كافياً لعدد المصلين الذين يرتادون المسجد ويكون مفصولاً في تكييفه عن المسجد. 3- التنبيه على المواطنين بعدم ترك مكيفاتهم في حالة تشغيل أثناء سفرهم في الإجازة الصيفية. 4- إلزام المزارعين بإطفاء المضخات الكهربائية في أشهر الصيف الأربعة من الساعة الحادية عشرة إلى الثالثة بعد الظهر وعدم التوسع في استعمال الكهرباء في الزراعة، إنني أرجو من الأخوة في وزارة المياه والكهرباء وفي شركة الكهرباء دراسة هذه الاقتراحات إضافة إلى ما تقدم به بعض الأخوة من اقتراحات أخرى نافعة والعمل على تنفيذها بسرعة فالوقت لا يحتمل التأجيل وأما الترشيد الطوعي فإنه لن يجدي نفعاً ولا يمكن أن نغلق عليه الآمال وهو الموفق لما فيه الخير.