أناس تهرب من حرارة الصيف وأناس تقاوم أشعة الشمس الحارقة وسمومها هؤلاء هم فئتان تعيش في نفس المدينة ، تشاهد منازل في أحياء الطبقة المخملية خالية من الحركة مطفئة الأنوار لمدة شهرين أو أكثر ، ومنازل بأحياء أخرى تسمع أصوات مكيفاتها المتهالكة والقديمة تدوي ليل نهار وحركة الشوارع والممرات الضيقة والخانقة لاتهدأ ..تلك هي ملامح الشهرين المقبلين في الرياض حيث يحزم الأثرياء حقائبهم متوجهين الى البلدان والمناطق السياحية سواء كان ذلك خارج أم داخل المملكة ،وعلى النقيض تماما يتحرز سكان الأحياء الفقيرة من شدة ارتفاع درجة الحرارة وعمل الصيانة اللازمة للمكيفات حتى يقاوموا صيف الرياض (السالخ) ، شمس كعادتها في تلمس المجتمع ومتابعة الشارع واجهت بعض النماذج التي تمثل كلتا الطبقتين فخرجنا بهذا الحديث... محمد الخمعلي أحد سكان حي النظيم :»الرياض معروفة بمناخها القاري الصعب فهي حارة صيفا باردة شتاء ولهذا من الطبيعي أن يذهب الشخص المقتدر الى الأماكن السياحية والباردة سواء كان ذلك داخل السعودية أم خارجها وطبعا ذلك حسب المقدرة المالية التي تتمتع بها الأسرة ،ولا أجد حرجا في ذلك مادام أن لدى الشخص الإمكانية فلماذا لايسافر ويبعد عن هذه الأجواء الحارة المتعبة ،أما أنا فلا أستطيع الذهاب الى أي مكان سياحي لعدم مقدرتي وكذلك للغلاء المبالغ فيه في هذه الأماكن السياحية وما عملته هو صيانة لمكيفات البيت فقط». أما مهنا الشمري أحد سكان حي الروضة ذكر أن السفر للسياحة مكلف جدا :»الوضع الاقتصادي والمالي بالنسبة لي لايسمح بتاتا ولهذا أجد في الرياض (صيف بلا إجازة) لأن تكاليف السياحة عالية (سلخ حرارة الرياض ولاسلخ الأسعار السياحية) ، ومايجعل الإنسان يتعجب ويتحسر هي التفاخر والتظاهر أمام الناس بأني سافرت الى الدولة الفلانية أو للمدينة الفلانية وكل ذلك بسلفة أو قرض قد يكلف رب الأسرة أشياء كثيرة في حال عودته والدلائل على هذه الأمور كثرة». فهد الغزاوي أحد سكان حي الشميسي أكد أنه لم يسافر بغرض السياحة نهائيا :»أنا راض بما كتبه الله لي من نعمة وعمل واستقرار عائلي وهذا أهم من كل شيء في هذه الحياة فالسعادة هي في الراحة النفسية والعائلية وأما المظاهر الزائفة فلا أريدها نهائيا خصوصا إذا كان ذلك على حساب ميزانيتي المالية ،وفي النهاية لكل شخص مقدرة معينة وهو أعلم بإمكانياته إذا كان يستطيع السفر أم لا». من جهتها أكدت سلمى محمد أنها لن تستطيع البقاء في جو الرياض الحار جدا :»بصراحة لن أستطيع البقاء لشهرين في هذا الجو الحار ودائما أذهب للسياحة إذا لم يكن ذلك خارج السعودية ففي داخلها وعموما أقضي الصيف داخليا في أبها أو الطائف أما خارجيا فتجذبني أوروبا بدولها وطبيعتها الخلابة ولاسيما النمسا ،ولا أجد هناك حرجا في أن الذي ليس لديه استطاعة يبقى في الرياض وعدم تحمل مصاريف باهظة من أجل السفر ،أما أنا وعائلتي فنعمل ميزانية ضخمة لكل صيف بعيدا عن القروض أو السلفيات والفيزا». في حين أشارت ريم السليمان إلى أن السياحة لها طابع خاص بالنسبة لها:»لا أتخيل بقائي في دون سفر طوال العام حتى ولو لدولة عربية المهم الخروج والبعد عن أجواء العمل وحرارة الرياض وزحمتها التي نتحملها عاما كاملا فلابد من السفر وتغيير الأجواء والراحة لوقت معين بعد ذلك نعود من جديد للعمل ولزحمة الرياض». علي الرضي طرحنا عليه تساؤلا عن السفر للسياحة أو البقاء في الرياض طوال الصيف فجاوب بكلمات مختصرة:»ينبغي على الإنسان أن يعي ويدرك تماما حاجاته والتزاماته وفي النهاية (مد لحافك على قد رجليك).