يقول سفاي سيم انه يرى هذه الايام عددا كبيرا من الحيوانات النادرة وهذا مؤشر سيىء.. يعتقد شيخ القرية (66 سنة) ان رؤية النمور والدببة التي تجوس في اعماق جبال كارداموم مؤشر أكيد على أن ارواح اسلافه تضطرب في الغابة. قال وهو يحملق من كوخه الخشبي المتواضع في الاشجار السامقة التي تحيط بقريته: ينسى بعض الناس المعتقدات التقليدية وهذا يجبر الحيوانات على المجيء الى القرية.. النمور والدببة لا تأتي الى القرية الا اذا ارتكب الناس اعمالا سيئة مثل قطع الاشجار لايجاد ارض للزراعة في أماكن تسكنها الارواح. ومهما يكن من امر فمن الواضح ان قوى معادية تعمل للاضرار بالغابة القديمة المحيطة بقرية ثاما بانج القابعة في أحضان غابة مساحتها نحو مليوني هكتار (خمسة ملايين فدان) في جنوب غرب كمبوديا. على مسافة قصيرة من القرية تسمع اصوات المناشير وسقوط الاشجار وصرير الرافعات بينما تصرخ قردة وطيور أفزعتها اصوات الآلات التي تشق طرقا في قلب الغابة الجميلة. ولا يمكن اتهام بول بوت الزعيم الماوي المتطرف صاحب البرنامج الثوري العودة الى الارض الذي ادى الى حرب ابادة مات فيها اكثر من 7ر1 مليون كمبودي في حقول القتل. وبسبب بول بوت والخمير الحمر الذين حكموا اربع سنوات ثم اسقطتهم قوات فيتنامية في عام 1979 باتت كمبوديا من أكثر دول جنوب شرق آسيا بؤسا. ولكنها بلد فريد في منطقة كاد النمو الاقتصادي الذي شهدته في الثمانينات والتسعينات وإيجاد ما يسمى النمور الاسيوية ان يقضي على الغابات البكر وبالتالي الحيوانات والطيور التي تعيش فيها.يصعب الحصول على احصائيات رسمية ولكن تقديرات تقول ان نحو 40 في المائة من مساحة كمبوديا لا تزال تكسوها غابات بكر تعتبر كنزا طبيعيا يضم حيوانات وطيورا ونباتات لم تكتشف بعد. قال الناشط البيئي انتوني سيمز: 30 عاما من الحروب اعاقت البلاد عن استثمار مواردها. وما زالت الغام ارضية وذخيرة حية منتثرة في مساحات كبيرة من كمبوديا خاصة الغابات الكثيفة على الحدود حيث صمدت بقايا قوات بول بوت حتى نهاية 1998. ولكن بمجرد تراجع القتال بعد اتفاق السلام في عام 1991 هجمت شركات الاخشاب وبدأت اشجار كمبوديا تتساقط. قال سيمز: اثناء الحرب استغل العسكريون الغابة الى حد ما. ولكن الشركات الكبرى التي تستطيع اسقاط الاشجار بأعداد كبيرة لم تكن هناك حتى التسعينات. وتواجه كمبوديا الان تحدي الحفاظ على وحوش غريبة وفريدة في جبال وغابات كارداموم مثل قردة الجيبون والتماسيح السيامية وفي الوقت نفسه تلبية احتياجات شعبها وعدده 13 مليون نسمة. وتاريخ ثاما بانج الحديث يعطي فكرة عن مشكلة القرية.. أفرغها الفيتناميون من السكان في عام 1979 لاجتثاث اي تأييد للخمير الحمر واستمرت بدون سكان 18 عاما حتى سمح للاجئين مثل سفاي سيم بالمجيء. ولكن مع حضور هؤلاء جاء الطريق ثم اقبل الصيادون وجرافات جهة لها نفوذ لتحويل مساحة من الغابة الى مزرعة للفاكهة. وثارت جماعات الحفاظ على الطبيعة التي تقول ان الشركة ستحقق ارباحا في فترة قصيرة ولكن على حساب خطط للحفاظ على الغابة لتشجيع السياحة البيئية. ومن اسباب الزحف على الغابات الفقر في منطقة يبلغ دخل البعض فيها 10 دولارات شهريا من العمل بالزراعة ولكنهم يستطيعون الحصول على 5000 مقابل نمر واحد. ولحسن الحظ ينحاز كمبوديون مصممون على الحفاظ على الغابة الى مدافعين عن الطبيعة ضد الجرافات والمناشير وبنادق الصيادين.