في هذه الأيام المباركة، تحتفل بلادنا الغالية بذكرى عزيزة على نفس كل سعودي وهي ذكرى (اليوم الوطني). والاحتفال بمناسبة غالية مثل هذه هو في المقام الأول اعتراف بنعمة الله عز وجل على هذا الوطن، فقد قيض له قائدا عظيما ومجاهدا كبيرا هو جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي وحد هذه البلاد تحت راية (لا إله إلا الله.. محمد رسول الله)، ومكنها من تجاوز أعتى الصعاب وأصعب المشاكل، وأخرجها بإذن الله من البؤس والفقر والتشتت الى الأمن والطمأنينة والتوحد. وغرس روح الانتماء للوطن والكفاح من أجل تطوره في نفوس المواطنين جميعا. وفي هذه الذكرى الغالية تتوارد الى الذهن خواطر وذكريات كثيرة. نتذكر كيف كنا وكيف أصبحنا، فتلهج ألسنتنا بشكر الله سبحانه وتعالى على هذا التحول التاريخي الضخم، الذي قاد خطواته المظفرة البطل المؤسس، حين استطاع بعد قصة كفاح عظيمة أن يضع البلاد على أعتاب نهضة كبيرة.. كما نتذكر كفاح أبنائه الميامين الذين حافظوا على ما تحقق من انجازات وصانوا مكتسبات الوطن ومقدراته، وأضافوا الى المسيرة الخيرة لبنات جديرة بالتسجيل والرصد. نتذكر بكل الجلال والفخر هذا العهد الزاهر.. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله ، وماتحقق فيه من منجزات بمؤازرة من سمو ولي العهد الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله جميعا يضيق المقام عن ذكر تفاصيلها. ويكفي أن نشير إلى التوسعة التاريخية الكبرى للحرمين الشريفين، التي يسرت لضيوف الرحمن أداء مناسكهم بيسر وسهولة، وأكدت أن هذه البلاد تتصرف دائما من منطلق أنها مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين. وفي مجال التعليم واعداد الكوادر البشرية نتذكر كيف تعاملت حكومتنا الرشيدة مع الانسان على أنه ركيزة التنمية وهدفها، وعلى أنه هو الأغلى بين كل الثروات التي تمتلكها بلادنا، وهوالاستثمار الأنفع والثروة الأهم والأبقى. وتطبيقا لهذا التوجه ازدان جبين الوطن بثماني جامعات بالإضافة الى ثلاث جامعات جديدة تبدأ هذا العام تؤدي رسالتها على صعيد التعليم بتخريج الكوادر المدربة وعلى صعيد البحث العلمي بإثراء المعرفة الانسانية، وعلى صعيد خدمة المجتمع حين تحولت الى منارات إشعاع حضاري وساهمت في تبصير الناس وتنويرهم وفي ترقية المجتمع وزيادة وعيه بالمشكلات المحدقة به. وانتشرت آلاف المدارس في كل القرى والهجر وخصصت للتعليم ميزانيات هائلة تتناسب مع أهميته في اعداد الثروة البشرية ومع رسالته التنموية المهمة. وعلى الصعيد السياسي، أصدر هذا العهد الزاهر الأنظمة الأربعة للحكم وهي النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق ونظام مجلس الوزراء، وحظيت المملكة باحترام العالم وتقدير المجتمع الدولي واكتسبت مكانة مرموقة بفضل مواقفها الداعمة للحق وحرصها على اغاثة الملهوف ومساعدة الضعيف وتنقية الأجواء بين الأشقاء وحل الخلافات بالطرق الودية استنادا الى المبدأ الاسلامي العظيم الذي يحض على التواد والتراحم والتآزر، فضلا عن دبلوماسيتها المتوازنة والهادئة التي تتخذ من الموضوعية شعارا، ومن الصدق والشفافية في التعامل مع الأحداث دليلا وهاديا. وعلى الصعيد الاقتصادي، نجح هذا العهد الزاهر في تثبيت دعائم اقتصاد شامخ من خلال تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل وبناء سياسة بترولية متوازنة تقلل من خطر التقلبات الجامحة في سوق النفط وإنشاء مشاريع صناعية وزراعية عملاقة حققت نموا كبيرا في هذين المجالين ودخلت منتجاتها كل بيت. واذا كان المقام لا يتسع لنحصي انجازات هذا العهد الزاهر، فإننا ندعو الله أن يديم على هذه البلاد عزها وشموخها واستقرارها، وأن يحفظ لها قادتها الميامين، وأن يظل هذا الكيان العظيم شامخا.. إنه سميع مجيب الدعاء. * مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن