يستحي البعض من فقره، الذي قد يكون مانعاً له دون النبوغ، لكن الحال مع مها السنيني (21 سنة) بخلاف ذلك، فهي تعترف بفقرها الذي لم يحل دون تفوقها وحصولها على المركز(الأولى مكرر) على محافظة الأحساء في الثانوية العامة العام الماضي. تحلم مها بإكمال دراستها في قسم الصيدلة، ثم الخوض في العمل بأمانة ومصداقية، لتحقق مستوى معيشيا أفضل لأسرتها، بالإضافة إلى فتح معرض تشكيلي خاص بها، تمارس فيه هوايتها التشكيلية. (اليوم) استضافها وأجرى معها هذا الحوار: @ بداية حدثينا عن تفوقك؟ تفوقي الذي حصلت عليه والحمد لله كان بالنسبة لي مشاعل مضيئة موضوعة في أعلى جبل، أنظر إليها وأنا في الأسفل، متمنية الوصول إليها والإمساك بها. فكنت في أيام الدراسة أصعد هذا الجبل وأتحمل العثرات وأصبر، وكلما تعبت وتعثرت وسقطت، أرفع رأسي وأنظر إلى تلك الشعلة، فأزداد شوقا إليها، وأجعل ناظري دائما إلى الأعلى. فكانت فرحتي في التفوق والنجاح فرحة عظيمة. @ كيف تلقيت خبر نجاحك وحصولك على المركز الأول مكرر؟ كنت في غفلة من أمري، فسقطت على الأرض ساجدة لله، شاكرة وحامدة له على هذه النعمة العظيمة. @ كيف تستطيع الطالبة تطوير نفسها دراسياً؟ تستطيع أن تحقق كل ما تحلم به دراسيا بالعزيمة القوية، والجدية في المذاكرة، والتفكير في مستقبلها، وكيف أنها تطور نفسها مستقبلا، وتحقق عملا يشكرها عليه الجميع. وأنا أعتقد شخصيا أن الحلم بالمستقبل والتفكير فيه هو الدافع للإنسان نحو تقديم أفضل ما عنده، ونصيحتي لها عدم التفكير بالماضي أو في خسارتها فيه، لأن ذلك كالقيد الذي يقيد الأمل الذي يعيش في داخلها، ويحبسه في داخل زنزانة اليأس. @ كيف تستثمرين وقتك الدراسي؟ استثمره في تطوير نفسي دراسيا، محاولة الاندماج مع المواد الدراسية التي أدرسها، حتى أصبح معها كالمحلول، ولا أتوقف عند هذا الحد، بل أحاول البحث خارج الإطار المدرسي عن الأشياء المفيدة، التي أشعر أنها تنفعني ثقافيا ودراسيا، واخذ من كل بستان زهرة، كما يقولون، حتى تزيد ثقافتي، وأحاول أيضا من جهة أخرى تطوير موهبتي، وهي الرسم، والحمد لله وجدت من شجعني على ذلك. @ إلى أين سيأخذك الطموح؟ طموحي وتفوقي سيوصلني إلى خير. وأنا أتمنى وأطمح في أن أحقق كل ما فيه مصلحة وخير للمملكة، لأنها بلادي الغالية، التي لا أستطيع أن أفارقها/ والأحساء لأنها مكان نشأتي وخدمة مجتمعي. والمرأة اليوم لم تعد كما كانت فقد أصبح لها مكاناً بارزاً ومرموقاً، وكلمة مسموعة في المجتمع، وأصبحت تعمل، وتطمح أن يكون لها دور في بناء الدولة وتطويرها. فأطمح أن أكون دكتورة صيدلانية على أعلى مستوى، وفنانة تشكيلية، وأما مثالية لأولادها. @ حدثينا عن أول تكريم لك.. وكيف كان شعورك آنذاك؟ أول تكريم كان مثل الحلم أو الخيال الجميل، الذي طالما تمنيته من أعماقي، رغم صغر سني آنذاك، فكان حلم طفولي رائع، رأيت فيه فرحة معلماتي وكل من يحبني منهن، وفرحة أهلي، وبالذات أمي، لأنني بالنسبة لها أول فرحتها، وأول ثمرة زواجها، وأول حفيدة في العائلة. فأشعر بفرحة أهلي وحبهم لي، وتمنياتهم لي بالأفضل. ولا يمكن تصوير مشاعر طفلة في الثامنة من عمرها، حيث كان أول تكريم لي في مدرستي الابتدائية 26، وكان هذا التكريم للطالبات المتفوقات والمثاليات على مستوى المدرسة، ومن تم توالت حفلات التكريم حتى الآن. @ هل كان للأسرة دور فعال في تشجيعك على التفوق؟ نعم، هذا الشيء مؤكد، لأنني كما قلت سابقا البكر في العائلة، فكان الاهتمام زائد. فالفضل راجع لله تعالى، ثم لوالداي، حيث كانا مثالين رائعين بالنسبة لي. وأتمنى أن أرفع رأسهما عاليا أكثر فأكثر، بنجاحي مستقبلا إن شاء الله. @ ماذا أضاف لك حصولك على المركز الأول مكرر على المحافظة؟ الكثير، فهذه نعمة عظيمة، لو أشكر الله سبحانه وتعالى عليها ليلا ونهارا وحتى مماتي لا أوفي حق الشكر، فشكري إياه يحتاج إلى شكر، هذا النجاح وهذه المرتبة العالية جعلتني أفكر بالأفضل، وأن أنظر دائما للأمام، فأحلم بالتفوق الجامعي والتفوق في العمل. @ كرمت من قبل دار (اليوم) للصحافة والطباعة والنشر وأيضا من الإدارة العامة للتربية والتعليم بالأحساء لحصولك على المركز الأول.. كيف تصفين هذا التكريم؟ أولا أتقدم بالشكر والامتنان لحكومتنا الرشيدة، الداعمة لنا في كل شيء، وأشكر الإدارة العامة للتربية والتعليم على التكريم الذي عملته لنا، فهي السباقة في كل شيء، وعملها هذا يعكس لنا اهتمام مولاي خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله وأدامه لنا) وولي عهده الأمين وباقي الأمراء وأفراد الأسرة الحاكمة (أدامهم الله)، فأنا فعلا عاجزة عن شكرهم، وأتمنى أن يتقبلوا منى كلمة الشكر، هذه الكلمة البسيطة التي تحمل معان كثيرة. وأشكر أيضا جميع المسئولين والعاملين في الإدارة العامة. كما أشكر دار (اليوم)، وهذه المفاجأة التي قدمتها لنا، والتي أثرت في نفوسنا، وإن شاء الله نقدم الأفضل مستقبلا. والأمر المهم بالنسبة لي، وربما هو ليس بذي أهمية لغيري، فقد حصلت على تهنئة وشهادة تقدير وتكريم من جمعية البر الخيرية في الأحساء مركز الفضيلية، التي ساعدتنا في بعض أمور حياتنا، وقدمت لنا الكثير، وشجعتني على دراستي، فأشكر مدير الجمعية والعاملين فيها، وجزاهم الله خير الجزاء. @ لمن تهدين تفوقك؟ بصراحة أهدي تفوقي لوالدي ووالدتي، لأنهما الأساس لي في كل شيء، ومن ثم لباقي أهلي. وأهديه لمدرستي الغالية، بمن فيها من المديرة الفاضلة نورة المقبل وجميع المعلمات المربيات، ولا أنسى الأحساء الحبيبة. @ ما الطرق الصحيحة التي من شأنها تستطيع الطالبة الوصول إلى التميز؟ لن أتكلم عن الطرق الروتينية العملية، التي دائما نسمعها ونكررها في المدرسة، لأنني أشعر بأن الطالبة قد فهمتها وربما حفظتها. الطالبة بحاجة إلى أن تعرف أشياء وجدانية تحرك أعماقها، بحاجة أن تعرف الطرق السليمة التي تربطها بالله تعالى، وكيف تستفيد من هذه الطرق في دراستها، حتى تصل إلى التميز. أعتقد أنه يجب عليها أن تثق بالله، وتتوكل عليه في كل شيء، وتجعل الأمل بالنجاح والتفوق يعيش بداخلها، ويجري في عروقها، فكلما نبض فيها بالأمل تذكرت نهاية المطاف، وما ستلقاه هناك. أشعر بأن ذلك سيدفعها لأن تسير وتسير حتى تصل. وأنصحها بأن لا تنتظر التشجيع من أي أحد كان، بل تشجع نفسها وترضى بنصيبها في هذه الحياة، فالله سبحانه وتعالى مقدر كل شيء، وموزع الأرزاق، وأحب أن أقول كلمة بسيطة: النجاح والتفوق يعتمد على جهد الطالبة، واعتمادها على نفسها. @ هل تسعين للتميز في كل مراحل الدراسة؟ بالتأكيد أسعى لذلك، وإن شاء الله أستطيع أن أحقق التميز والنجاح. فطموحي كبير وأحلامي كثيرة. أحلم بالدارسة في كلية الصيدلة بتفوق، وأتخرج منها عن جدارة وكفاءة، تؤهلني للعمل، وإفادة مجتمعي وأهلي، وأن أحقق لأسرتي مستوى معيشي أفضل مما نحن فيه، فنحن أسرة محدودة الحال جدا، نحاول أن نحصل على احتياجاتنا الضرورية فقط، دون النظر إلى الأشياء الأخرى، فأنا صحيح كنت فقيرة، لا أملك الكثير ولا زلت، لأن مهما أصبح عندنا من الملايين نحن بني البشر نبقى كلنا فقراء والله الغني، لكن فقري واحتياجي لم يمنعني من الحلم بالتفوق والنجاح، والحمد لله استطعت أن أحقق الطموح الذي كنت أصبو إليه، وحصلت على مركز الصدارة والامتياز التي تتمناه بنات تملك أسرهن الملايين. @ ما الدافع لاختيارك قسم الصيدلة؟ كلية الصيدلة لم تكن في تفكيري بتاتا، بل كنت أفكر في طب الأسنان، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. حيث لم أقبل فيها، بل قبلت في كلية الصيدلة ورضيت بما قدر لي، وربما يكون مستقبلي فيها أفضل من كلية طب الأسنان، فلا أحد يعلم ما تحمل الأيام. ورضيت بالصيدلة لأنها تتعلق بالطب، والوظيفة فيها مضمونة بإذن الله، ومجال الصيدلة يحوي شيئا من الكيمياء والاحياء، اللذين تربطني بهما ولله الحمد علاقة طيبة.