يشكل قرار الحكومة الامنية الإسرائيلية التخلص من ياسر عرفات بطريقة وفي موعد تقررهما لاحقا ثمرة اتفاق ملتبس اختيرت كل كلمة فيه بعناية فائقة. وكان هذا القرار المبدئي اتخذ مساء الخميس في اجتماع للحكومة الامنية التي تضم 11 وزيرا يعتبرون الأكثر أهمية في الوزارة. ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون الى الاجتماع الذي عقد في تل ابيب، بعد عودته من زيارة الى الهند اختصرها 24 ساعة اثر وقوع عمليتين فدائيتين داخل الدولة العبرية اسفرتا عن مقتل 15 شخصا. وعادة تكون المناقشات سرية لكن تم تسريب البعض منها الى الصحف الإسرائيلية الجمعة.. وقالت مصادر هذه التسريبات ان شارون الذي يطارد عرفات منذ سنوات، هاجم بشدة الرئيس الفلسطيني. وقال :ان عرفات هو احد اسوأ القتلة الذين واجههم الشعب اليهودي في تاريخه. انه سبب كارثة لشعبه ولا شك في اننا لن نستطيع انهاء النزاع الحالي بدون انهاء سلطته. واسهب المستشار القانوني للحكومة الياكيم روبنشتاين في الحديث في الاتجاه نفسه، واصفا الرئيس الفلسطيني بانه مجرم حرب. لذلك، طلب شارون من الحكومة الموافقة على نص بيان اعده يعتبر ان عرفات يشكل عقبة على طريق السلام ستعمل اسرائيل على التخلص منها في الوقت المناسب. واقترح بعض الوزراء عبارات اقل تهديدا مثل استخدام كلمة ابعاد عرفات بدلا من التخلص منه العبارة التي يمكن ان توحي بان اسرائيل تريد تصفية الرئيس الفلسطيني جسديا. لكن شارون اعترض على اي تعديل للنص وايده في ذلك الجناح اليميني المتطرف للحكومة. وقد اتسمت لهجة وزير الدفاع شاوول موفاز خصوصا بالحدة. وقالت صحيفة معاريف ان موفاز اكد انه علينا طرد عرفات من اجل امن مواطنينا (...) في رأيي يجب ان نفعل ذلك ولا يهم اذا قمنا بتصفيته. لكن شارون قاطعه قائلا: لا اريد اي حديث عن امور من هذا النوع هنا فالقتل والتصفية غير واردين. ووافق المسؤولون العسكريون وبينهم رئيس الاركان الجنرال موشي يعالون ورئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال اهارون زئيفي على مبدأ فكرة ابعاد عرفات، لكنهم رأوا ان الوقت ليس مناسبا. في المقابل لم تلق الفكرة قبول رئيس جهاز الامن الداخلي (الشين بت) افي ديشتر الذي قال ان بقاء عرفات تحت مراقبتنا (في رام الله) افضل من نقله الى المنفى في العالم بدون ان نعرف كيف يمكنه ان يضر بنا، ملمحا الى القيود التي تفرضها الدولة العبرية على تحركات الرئيس الفلسطيني منذ عشرين شهرا. وفي نهاية الامر وافق اعضاء الحكومة باستثناء وزير الداخلية افراهام بوراز العضو في حزب شينوي العلماني على نص البيان. وقالت مصادر حكومية: ان كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الاميركي جورج بوش لشؤون الامن القومي اتصلت هاتفيا بدوف ويغلاس مدير مكتب شارون لتعبر عن معارضة واشنطن لابعاد عرفات. وبعد ان تبنوا القرار، استبعد المسؤولون الاسرائيليون تنفيذه بدون موافقة على الاقل ضمنية من واشنطن. وذكرت احدى محطات التلفزيون الاسرائيلي الخميس ان وحدة كوماندوس اسرائيلية تتدرب منذ اشهر على اسر عرفات لابعاده. وكانت الحكومة الاسرائيلية فكرت خلال عملية السور الواقي في الربيع الماضي ياسر عرفات في هجوم كوماندوز، على الرغم من خطر قتله، لكنها تخلت عن هذه الفكرة.