تقرير الثمانمائة صفحة والصادر من اللجنة المكلفة من الكونغرس الامريكي بالتحقيق في احداث الحادي عشر من سبتمبر للعام 2001م هذا التقرير الذي ادان المملكة في 28صفحة من صفحاته رفضت الحكومة الامريكية نشرها لاسباب كما ادعت انها تساعد الجماعات الارهابية لحل بعض الشفرات والاستفادة منها في تحقيق اهداف ارهابية ومسألة حجب هذه الصفحات هي من مساوئ الديموقراطية عندما تنتخب الشعوب اشخاصا غير ديموقراطيين فهذا هو العالم المتحضر يهدم ديموقراطيته من خلال الانتخابات وبذلك تكون الحكومة الامريكية وأدت ابسط مبادئ الديموقراطية التي تنادي بها اذ كيف لمتهم ان يدافع عن نفسه وهو لايعلم ما التهم الموجهة اليه. على اية حال لقد نشرت وسائل الاعلام المختلفة ان الصفحات ال 28 تحوي بين طياتها اتهامات للسعودية وانها ذات علاقة بالمجموعات الارهابية ذات الصلة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. وفي اعتقادي ان الاسباب التي دعت هذه اللجنة الى ان تلصق الاتهامات بحكومة المملكة هي متعددة وسأحاول ان استعرض اهمها دون التركيز على الاسباب التقليدية التي تناولتها الاقلام من كافة الاطياف واولها اللوبي الصهيوني الذي اضحى المحرك الرئيسي للسياسة الامريكية الخارجية، اذ وجد هذا اللوبي ضالته التي كان يبحث عنها منذ عشرات السنين في ظل ارهاصات هذه الاحداث. فالهجمة الصهيونية لم تكن مستبعدة في يوم من الايام بل انها كانت متوقعة ولا غرو في ان علمنا بأن اكثر من عضوين على الاغلب هم من الصهاينة في لجنة التحقيق هذه. اما الاسباب التي تعد غير تقليدية فاننا نعجب لماذا لم يتضمن التقرير حسب علمي به الاسباب الداعية الى احداث الحادي عشر من سبتمبر وحسب اطلاعي على ملخصاته فانه لم يشر لامن بعيد ولا من قريب الى هذه الاسباب التي مازالت امريكا تمارس بعضها تحت شعارات سياسية يضعها اللوبي الصهيوني في واشنطن. النقطة الاخرى لماذا الاستياء من اصحاب القرار في امريكا ان كانت المملكة هي الداعمة للارهاب فكيف تكتوي بناره ام ان المملكة تدعم نفسها لترهب نفسها؟ نعم انها مقارنة غريبة ينبغي ان يقف عندها الاصدقاء الامريكان وقفة طويلة جدا ولكن احسب أن السبب الرئيسي في ذلك هو جهل بعض الساسة الامريكان بتركيبة الشعب السعودي وعلاقته بحكومته. فالمنطق يقول اذا كانت امريكا تربط الارهاب بفئة معينة بمعنى انه اذا قام سعودي بعمل ارهابي في بلد ما فان ذلك يعني ان المملكة بلد يدعم الارهاب.. فهذه مأساة وانا لا اعتقد ذلك.. والا اصبح العالم كله ارهابيين واولها امريكا والدول المتقدمة.. اذا ومن واقع ما امتلكه من معلومات حول الهيمنة التي بني عليها التقرير ان معديه استندا على المنهج الاستنباطي في اظهاره والذي يقوم اساسا على جمع المعلومات وتحليلها واستنباط النتائج منها. هذه النتائج عادة تكون مبنية على رؤى شخصية لمعدي هذا التقرير ولعل ذلك هو احد الاسباب التي في اعتقاد الكثير من المتابعين انها اخذت موقفا منحازا ضد المملكة لاغراض قد لايكون لاحداث الحادي عشر من سبتمبر دخل فيها اذا كانت التهمة الرئيسية في ال 28 صفحة المحجوبة هي ان المملكة لها علاقة بدعم جماعات ارهابية فالساسة يعلمون أن لكل عمل ارهابي اهدافا يسعى هذا العمل او ذاك لتحقيقها فلماذا تسعى المملكة للحصول عليه من امريكا بالارهاب وهي التي امتدت علاقاتها بها ستة عقود.. بل وماذا تريد المملكة من امريكا ولم تحصل عليه من خلال علاقات التفاهم المتبادلة على مر هذه العقود. وبالربط بين هذه التساؤلات وفق محاولات معدي التقرير لتوزيع الاتهامات على كل الجهات ذات العلاقة سواء داخلية او خارجية فلقد تم اتهام المخابرات المركزية وكذلك الشرطة الامريكية الفيدرالية وجهات اخرى كانت المملكة احداها اضافة الى التجاهل التام للتقرير عن الاسباب والدوافع التي ادت الى هذه الاعمال اذا امنا بأن الارهاب لا وطن له في عصر العولمة .. العولمة التي اطلقتها امريكا ليتنفس العالم من خلال هذه النظرية أليس احد الاسباب الرئيسية لاطلاق العولمة هو محاربة الآفات المشتركة التي يعانيها العالم وعلى رأسها الارهاب ومن ثم المخدرات وتجارة الرقيق وغيرها من الظواهر المشتركة التي لاتستطيع اية دولة معالجتها بمعزل عن الدول الاخرى مهما كانت قوتها.. اذا ما بال امريكا هل تريد ان تتراجع عن نظرية العولمة والتجارة الحرة بين الدول من خلال اتخاذها موقفا احاديا ومحاولة تقطيب العالم لجعله اقاطبا متنافرة باصادرها مثل هذا التقرير. ولماذا لم يتساءل التقرير عن اهداف الجماعات الارهابية من ضربة الحادي عشر من سبتمبر وما الاسباب والدوافع التي حسب اعتقاد العديد من المحللين هي ضرب العلاقات السعودية الامريكية واجهاضها هل حاول التقرير تحليل هذا الهدف وربطه بالاحداث المتسارعة على صعيد العلاقات بين البلدين ولو كانت هناك ضبابية في الرؤية عن بداية احداث الحادي عشر من سبتمبر فالاحداث الحالية تبرهن على ان المملكة مستهدفة كما هي امريكا وغيرها ان اهداف الجماعات الارهابية ليست موجهة ضد امريكا بمفردها انما العالم بأسره كون هذه الجماعات تمثل فكرا يقوم على تخطئة الآخرين واباحة دمائهم.. ولعل الاحداث التي حصلت في امريكا وغيرها من جماعات ارهابية تبرهن على صدق ذلك. اذا فهمت امريكا الصديقة ان الارهاب لايرتبط بدين او وطن فانه ينبغي في مثل هذه الحالة ان تفهم امريكا الاسلام الصحيح الذي تنتهجه المملكة وليس الاسلام الذي تربطه بممارسات المنحرفين فكريا وهذه هي الفجوة التي ينبغي على السعوديين والامريكان العمل على تجسيرها بل بمشاركة العالم اجمعه تحت منظومة العولمة كما على امريكا ان تعي ان السلوكيات الشاذة لا علاقة لها بالمناهج والتربية والا فانه علينا ان نطلق على كل من يشذ سلوكيا ان هناك خللا في تربيته او المناهج التي استقى منها تعليمه ابدا فامريكا نفسها وغيرها بها من الشاذين سلوكيا وبها من العلماء في ان واحد وان اخذنا المملكة انموذجا ففيها من هو شاذ سلوكيا وبها العالم والاستاذ والمعتدل. فالفكر عملية نسبية من الصعب ربطها بالمنهج او اسلوب تربوي معين.. ينبغي على امريكا ان تفكر وتحكم من خلال ذلك لا من تقارير قائمة على رؤى شخصية اكثر منها حقائق من مصادرها الرئيسية وليس من مصادرها الثانوية.