يبقى النص الشعري المميز كزمردة ملقاة في العتمة , إذا لم يوضع تحت الضوء فلن يأخذ وضعه من التألق واللمعان والبريق بل إن بقاءه في الظلام قد يعرضه للدهس بالأقدام التي تنتعل الأحذية الغليظة , وإذا سلمنا بهذا التصور الذي أظنه يتماس مع الحقيقة المعاشة بطريقة أو بأخرى , يحق لنا أن نتساءل من المسئول عن إضاءة الشموع في زمن العتمة حول النصوص المتفردة . هل هو الشاعر أم العاملون في المطبوعات التي تهتم بنشر الشعر . في الظروف الطبيعة المحتكمة إلى المرجعية المنطقية تبقى مهمة الشاعر الانكباب على تجربته الشعرية بكل معطياتها ومكوناتها , للخروج بأعمال ٍ شعرية تستحق الاحتفاء هذا في حالات التجلي الشعري , أما في زمن الهدنة مع الاجتياحات الشعرية فإن الشاعر (الحقيقي) مطالب بتنشيط تجربته بالقراءات والتأمل والتجريب والاستعراض والتقييم . ومحاولة اكتشاف ذاته الشاعرة . وتبقى مسئولية إيقاد الشموع حول نصوصه مهمة المشتغلين بالمطبوعات التي تعمل باحترافية مهنية ملتزمة , تجعلها تعرف رسالتها تجاه الشعر وتؤديها بأمانة والتزام شديدين هذه الرؤية الأفلاطونية ( الفاضلة ) هل هي موجودة في زمن الهوس الشعري الذي اجتاح فكر واهتمام الجيل . واجبر المطبوعات على تخصيص ميزانية كبيرة للورق المستخدم في أجهزة (الفاكس) المستقبلة لقصائد جيل ٍ مريض ٍ بوهم الشعر تعادل ميزانية ورق طباعة آلاف النسخ من كل إصدار . هذا الزمن الذي اجبر الشاعر الحقيقي على ترك الكثير من مهامه الأدبية والفكرية والثقافية بين فترة وأخرى , ليسعى إلى تسويق شاعريته في هذه الأجواء الصاخبة حتى يصل بنصه إلى ضفاف أحبار المطابع في منافسة خارج حدود الإبداع و غير متكافئة مع كتبة النصوص الباهتة التي هي نتاج بطالة فكرية تمنح أصحابها مساحات مترامية الأطراف من أوقات الفراغ يقضون اغلبه على أجهزة الاتصال بالمطبوعات والجزء المتبقي يخصص لزيارة مقار هذه المطبوعات تكون نتائجها عرقلة العمل في مكاتبها حتى يأخذ هذا الزائر الثقيل وعدا ً قاطعا ً بنشر نصه المنطفئ وهذه الأساليب البدائية من اللجاجة والحصار والتضييق يلجأ إليها المشردون في طرقات الساحة الشعبية أما ( المترفون ) فلهم وسائلهم الأخرى التي تتبع نفس المسار ولكن بأساليب إخضاع القناعات على طريقة ( شراء كافور للمتنبي ) . ويبدو أن هذا الوضع غير السوي بالرغم من أضراره المدمرة للشعر في طريقة للزوال ليحل بدلا ً منه زمنا ً اكثر ظلما ً للشعر وهو ما يمكن تسميته زمن ( بيع المساحة ) وقد بدأت ملامح هذا الزمن تلوح في الأفق فخلال الشهر المنصرم نشرت جريدة محترمة وتطبع نسخة دولية قطعتين من أكوام ( الجمل غير المفيدة ) مكومة على شكل النظام البيتي المتبع في كتابة الشعر إحداهما على صفحة كاملة في الوسط والأخرى على الصفحة الأولي في توجه غير مسبوق خصوصا ً أن هذه الجريدة لا تهتم بالشعر الشعبي ولا تنشره . ولكن يبدو أن سطوة المال أطاحت بالمنهجية والمهنية معا. غدا ً عندما تسيطر ( قصيدة الإعلان ) ماذا سيكون مصير الشعر وهو على مر تاريخه كان قرين الجوع والفقر والعوز وماذا سيكون مصير الشعراء الذين يكتبون بلغة الوجع من متاعب الحياة . هل سيرميهم ضيق ذات اليد إلى المجهول بعد أن تعبوا من الركض في طرقات التسول بحثا ً عن حقهم المشروع في التواجد على مساحات الضوء أم أن الفجر قادم بعد استحداث وزارة للثقافة و إلحاقها بوزارة الإعلام . لننتظر الغد وماذا سيحمل .؟ لنعرف من سيضيء الشموع حول النصوص المسجونة خلف قضبان الظلام .. هل هو المال المدمر للأدب ..؟ أم القيمة الفنية للنص . همسات مكتوبة : * للشاعر الأمير خالد بن سعود الكبير لم تكن زيارتك للمنطقة الشرقية زيارة عادية ولم تكن أمسيتك أمسية عادية .. يكفي أنها أسقطت الكثير من المفاهيم الخاطئة في الساحة الشعبية والتي بنيت على قانون المصالح المتبادلة بين صحفي مغمور له وبين شاعر باهت ولكنه قادر على الدفع .. شكرا ً لك أيها الأمير الشاعر وأنت تعيد للشعر شيئا ً من هيبته المهدرة بين الجياع .. @ للزميل سالم صليم .. أهنئك من كل قلبي على توليك رئاسة المنتدى الشعبي بالدمام .. تأكد أيها الصديق أن اختيار الرجال لك له مدلولات جميلة .. ثق أننا معك لأننا نعرف توجهاتك ومبادئك .. أتمنى لك التوفيق فالمهمة ليست سهلة ولكنك أهل لها.