بعد مرور خمس سنوات على الهجوم الرئيسي للقاعدة الذي ادى الى تدمير سفارتي الولاياتالمتحدة في كل من كينيا و تانزانيا،استمرت دول شرق افريقيا الفقيرة مسرحا للاعمال الوحشية التي ترتكبها جماعات اسلامية. فبعد الساعة العاشرة والنصف صباح يوم 7 من اغسطس عام 1998 دمرت متفجرات كانت وضعت في شاحنة بيك أب السفارة الاميركية في نيروبي بينما حطمت قنبلة اخرى مبنى بعثة الولاياتالمتحدة لدى دار السلام و قد ادى الانفجاران اللذان حدثا تقريبا في آن واحد الى مقتل 231 شخصا معظمهم من الافارقة . ومنذ ذلك الحين حدث مزيد من الهجمات في شرق افريقيا بما فيها الهجوم الانتحاري الذي وقع في نوفمبر الماضي في فندق في مموباسا حيث قتل 15 شخصا وكذلك محاولة تدمير طائرة ركاب اسرائيلية بواسطة صاروخ ارض جو وقد اظهرت هذه الهجمات قوة قبضة هذه الجماعات التي استطاعت الاحتفاظ بها في الاقليم. يصف الدكتور روهان غونارتنا،مؤلف كتاب داخل القاعدة :شبكة عالمية للارهاب فريقيا بأنها ثغرة استخبارية سوداء للحكومات الغربية و نذكر ان عدم الاستقرار فهيا بسبب الصراعات و الفوضى في الاقليم بالاضافة الى الفقر هي الاسباب التي استطاعت من خلالها المجموعات الارهابية العمل هناك بطريقة فعالة جدا. يقول غوناراتنا، هناك اجزاء كبيرة في شرق افريقيا لا توجد فيها قوات للشرطة او الحراسة ونظرا لانها مناطق تعم فيها الفوضى فانها عرضة للاحتراق من قبل الارهابيين و اضاف ان الارهابيين مثل سمك القرش يتحركون بسرعة بحثا عن فريسة جديدة. ووفقا للدكتور غونارانتا فان الارهابيين كسمك القرش يظلون دائمي الحركة وان خلايا القاعدة ليست الوحيدة الناشطة في شرق افريقيا بل ان هناك بضع مئات من الفارين المطلوبين من هذه الشبكة الذين هربوا من افغانستان ربما يختبئون في الاقليم. ويعرف هذا الاقليم بحدوده المليئة بالثغرات خاصة موانئه بالاضافة الى افتقاره الى وسائل الامن الفعالة في بعض المناطق مما يتيح للاهابيين سهولة الدخول و الهرب ايضا. وتكافح كينيا ،التي تبدو حاليا مركز القارة للهجمات المسلحة بعد تعرضها لمذبحتين على ارضها،من اجل السيطرة على الارهاب داخل حدودها. وقد اعلنت الدولة الشرق افريقية في يونيو الماضي ان التقارير الاستخبارية تشير الى ان المتطرفين كانوا يخططون لمزيد من الهجمات في البلاد و هو انذار دفع عدة بلدان الى اصدار تحذيرات بما فيها وقف رحلات شركات الطيران لديها الى كينيا و الذي تم رفعه فيما بعد. و في الشهر الماضي رفضت لجنة برلمانية مشروع قانون مثير للجدل اعدته السلطان الكينية من اجل قمع الارهاب وقد واجه مشروع القانون الذي يسمح للشرطة باعتقال الافراد و تفتيش الممتلكات دون اذن مسبق من المحاكم و يسمح للحمقى باحتجاز ارهابيين محتملين لفترة اقصاها 36 ساعة دون السماح لهم بالاتصال باي احد،معارضة شديدة من قبل مئات المحتجين في شوارع نيروبي بالاضافة الى منظمات حقوق الانسان. ويخشى الحزب المعارض الرئيسي،اتحاد افريقيا الوطني في كينيا ،بأن يشكل القانون الخطوة الاولى لانشاء قاعدة عسكرية اميركية ووجود طويل الامد للاميركيين في الدولة الشرق افريقية في حين ان العديد من مسلمي هذه الدولة المعتدلين (حوالي30% من السكان) عبروا عن مخاوفهم بأن مشروع القانون كان يستهدفهم ويمثل تمييزا ضدهم. ونظرا لوجود حدود طويلة وبعيدة مع تانزانيا، اوغندة ،الصومال والحبشة من الصعب والمكلف مراقبتها من قبل دولة محدودة المصادر البشرية والمالية،فان هناك مناطق تعمها الفوضى يستفيد منها البعض. و يحاول ركس هدسون من قسم الابحاث الفيدرالية في واشنطن والتابعة لمكتبة الكونغرس بأن عملاء القاعدة في كينيا وتانزانيا اثبتوا براعتهم في استغلال الفرص التي توفرت لهم بسبب التدريب السيىء لقوات الامن في هذين البلدين،الحدود المليئة بالثغرات والتعاطف الذي تبديه المجتمعات المسلمة. ولكن الدكتور غونارتنا يعتقد ان اهمال الدول الغربية لاقتصاد هذا الجزء من القارة ادى الى الفقر وسحب الامتيازات مما لعب دورا في ما سماه في تمكين القاعدة من الظهور والعمل والحصول على دعم في الاقليم. ووفقا لتقرير الصليب الاحمر لعام 2003 حول الكوارث العالمية فان الوضع غير آخذ في التحسن في افريقيا كذلك حيث ان مانحي المساعدات ووكالات الاغاثة يركزون جهودهم بشكل متزايد على الصراعات الحديثة في افغانستان و العراق في حين يفتقدون التركيز على الدول الفقيرة في القارة الافريقية . ويقول التقدير انه في حين ان وزارة الدفاع الاميركية رفعت ميزانيتها بمبلغ 1.7 بليون دولار للاغاثة و اعادة اعمار العراق فان الاممالمتحدة تحتاج الى بليون دولار لمواجهة المجاعة في 22 بلدا افريقيا. ويعتقد الدكتور غوناراتنا الخبير في شؤون منظمة القاعدة ان مثل هذا النوع من الاستثمار ليس فقط مهما من الناحية اللوجستيه للحد من الإرهاب في إفريقيا و دول إسلامية أخرى تعاني الفقر و يقول ينبغي على الحكومات الغربية عقد شرا كتين مع الدول الإسلامية من حيث الخبرات و الموارد و على الغرب ان يشارك بقية العالم وليس الحكومات و حسب بل المنظمات غير الحكومية ايضا. وقد قامت الولاياتالمتحدة مؤخرا بإذابة الجليد في علاقتها مع السودان بعد الجمود الذي اكتنف هذه العلاقة إبان فترة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون حين فرضت أميركا عقوبات على السودان وقصفت مصنعا للأدوية بعد الادعاء بأنه كان يستخدم لصنع أسلحة كيماوية. من جانب آخر ووجهت سياسة ادارة بوش الجديدة للتعاون مع الدكتاتورية العسكرية في الخرطوم بالسخرية من قبل سكان شمال و جنوب البلاد التي دمرتها الحرب و يعتقد هؤلاء ان الولاياتالمتحدة متحيزة الى المجلس السياسي الذي يقوده البشير في أطول نزاع إفريقي حتى الآن لان الولاياتالمتحدة تشعر بان حكومة السودان تستطيع تزويدها بمعلومات استخبارية عن القاعدة التي كانت تستخدم السودان قاعدة لها في الفترة بين عامي 1991-1996 قبل الانتقال الى أفغانستان و يعتقد غونايتنا ان القاعدة نجحت في استغلال الفقر و عدم الاستقرار في الدول المجاورة مثل كينيا و الصومال أثناء وجودها في السودان مدة ثلاث الى خمسة سنوات مما مهد لها الطريق للدخول الى شرق إفريقيا. و من المشكوك جدا فيه ان يكون أي تدخل أميركي في إفريقيا مستقبلا مشابها للحملة العسكرية الشاملة التي رأيناها في أفغانستانوالعراق و مثل جنوب شرق آسيا سوف تكون الجبهة من شرق إفريقيا مختلفة بالنسبة للولايات المتحدة ولكن الأهداف ستظل واحدة ويتفق الخبراء على ان الإجراءات يجب اتخاذها وان على دول شرق إفريقيا ان تكون حازمة مع الإرهاب ولكن ايدي هذه الدول مغلولة بسبب مصادرها المالية المحدودة ولذا فان المساعدة الاميركية ضرورية لتوفير الاستقرار والمصادر للاقليم خاصة من الناحية الاقتصادية في الوقت الذي يجب الحرص فيه على المحافظة على الحريات المدنية للسكان في هذه المناطق و تحسين نوعية الحياة التي يعيشونها بقدر الإمكان. و بحسب ما قال بنيامين مكابا،الرئيس التانزاني،حيث دمرت السفارة الاميركية في دار السلام العاصمة قبل 5 سنوات ،مؤخرا ،انه لأمر غير ذي جدوى ان لم يكن طائشا ان نفكر بعدم وجود صلة بين الفقر والإرهاب. جيمي بارتون: صحفي متخصص في شؤون الارهاب