مزق انفجاران متتاليان في الأراضي المحتلة عامي 1948 و1967، أسفرا عن مقتل اثنين من الاسرائيليين واصابة عشرة، الهدوء النسبي الذي بدأ قبل نحو ستة اسابيع وأعقبا تهديدات المقاومة قبل أسبوع بأن صبرها بدأ ينفد من مواصلة الجيش الاسرائيلي لعمليات العدوان وعدم اكتراث حكومة الاحتلال برئاسة ارئيل شارون بعملية السلام.وكان متوقعا من شارون أن يعلن عقب الهجومين أنه لن يتقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين بدون توقف تام للارهاب على حد زعمه، متهما السلطة الفلسطينية بعدم القيام بأي شيء لتفكيك منظمات المقاومة ونزع أسلحتها.وقطع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) جولته الخليجية وغادر الدوحة قائلا إنه يشعر بأن الهدنة باتت مهددة بان تتفجر اذا واصلت اسرائيل عمليات القتل والاعتداء ضد الفلسطينيين. وفي الحقيقة، كانت خريطة الطريق وهي خطة السلام الدولية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، متعثرة قبل عمليتي الأمس بسبب عمليات الاغتيال والاعتقال وتجريف الأراضي وهدم البيوت وفرض الحصار والتسويف والمماطلة في الإفراج عن المعتقلين والاستمرار في إقامة المستوطنات، التي لم تتوقف عنها اسرائيل رغم التعهدات التي قطعها شارون للرئيس الأمريكي جورج بوش. هجوما الأمس وقعا بفارق توقيت أربعين دقيقة، الأول في بلدة روش هاعين الاستيطانية شمال شرق تل أبيب فسقط قتيل وأصيب 9 أشخاص والثاني في محطة للحافلات بنابلس بالقرب من مستوطنة ارئيل في الضفة الغربي فقتل شخص وأصيب شخصان واستشهد منفذا الهجومين المنحدرين من مخيم عسكر للاجئين في نابلس، فيما تبنت كتائب شهداء الاقصى المنبثقة عن حركة فتح العملية الاولى وأعلنت أن منفذها هو خميس غازي فيصل جروان (17 عاما) وتبنت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) العملية الثانية وأعلنت أن منفذها هو اسلام يوسف اقطيشات (18 عاما). لكن حماس وكتائب الأقصى أعلنتا في بيانيهما أنهما يعتبران الهدنة قائمة ولا تزال سارية من 29 يونيو حزيران وحتى شهورها الثلاثة كما تم الاتفاق مسبقا مع السلطة الفلسطينية. وكانت اسرائيل قد شنت يوم الجمعة هجوما على مخيم عسكر للاجئين في نابلس قتل فيه اثنان من المدنيين واثنان من اعضاء حركة حماس. ويرى الباحث الاسرائيلي يوسف الفير ان الخطر يكمن في ان الهجمات تتسبب في سلسلة ردود فعل تؤدي الى انفجار. ورأى ان الجانبين يدوران في منطق التصعيد: الجيش الاسرائيلي يضرب في الضفة الغربية لمنع الهجمات، الا انه يتسبب بردود من مجموعات فلسطينية تقوم اسرائيل بالرد عليها مجددا، وهكذا دواليك. ومتحدثا لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية، قال والد اسلام اقطيشات (55 عاما) الذي يملك محلا صغيرا لبيع القرطاسية في نابلس مساء امس رأيت ابني للمرة الاخيرة. تناولنا الساندويشات وشربنا الكوكا مع باقي افراد العائلة ثم ذهب الى النوم، هذا الصباح لم أره، فظننت انه توجه الى العمل في محل القرطاسية. واضاف باكيا: سمعت ابني يتحدث عبر تلفزيون المنار التابع لحزب الله اللبناني، لم أكن أظن انه قادر على تنفيذ مثل هذا الهجوم. وعلى بعد بضعة كيلومترات، تقيم عائلة الفدائي خميس غازي فيصل جروان. وقال والده (65 عاما) باكيا هو الآخر: غادر ابني المنزل مساء امس ولم يعد. واليوم علمت بما حصل من سكان في المخيم كانوا يشاهدون تلفزيون المنار. واضاف: عندما تضعون اناسا في وعاء يغلي وتضغطون، ينتهي الامر بان ينفجر كل شيء في وجهكم. وزعم رئيس الوزراء الاسرائيلي عقب الهجومين ان عملية صنع السلام لن تتحقق الا اذا شنت السلطة الفلسطينية حملة على النشطاء. وقال ايهود اولمرت نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي للتلفزيون: لسنا مستعدين لقبول هذه الهجمات .. لكن لا اعتقد اننا بلغنا مرحلة تقول فيها الحكومة الاسرائيلية انها فشلت في جهودها لتحقيق الهدوء ومحاولة دفع عملية السلام قدما على حد زعمه . وتتابعت الاثار السياسية للهجومين بسرعة مع ارجاء اسرائيل الافراج عن 76 سجينا فلسطينيا كان من المقرر الافراج عنهم امس. وكان بعض السجناء على حافلة تحركت بالفعل في طريقها للخروج من السجن ثم عادت ادراجها بعد انباء الهجومين. وتريد السلطة الفلسطينية الإفراج عن نحو ستة آلاف سجين معظمهم معتقل بدون محاكمة حتى تقنع حركة المقاومة بوقف العمل. وقطع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس جولة خليجية بعد الهجومين ليعود من دولة قطر الى الاراضي الفلسطينية. وادان عباس الهجومين لكنه ندد ايضا باستمرار غارات الجيش الاسرائيلي على المدن الفلسطينية بحثا عن نشطاء مطلوبين فيما قال انه استفزاز لحدوث مثل هذه الهجمات. وقال عباس في مكالمة هاتفية من قطر لرويترز: أندد بالعمليتين التفجيريتين ضد الاسرائيليين كما اندد بالاستفزاز الاسرائيلي المتكرر الذي وصل ذروته بنابلس وغيرها، السلطة الفلسطينية ستواصل جهودها للحفاظ على الهدنة والتهدئة. ودعا البيت الأبيض السلطة الفلسطينية الى التحرك ضد ما أسمته بالارهاب وأدان بحزم عمليتي الأمس، على لسان الناطقة كلير بوكان. وقالت في مؤتمر صحفي في كروفورد حيث يمضي الرئيس جورج بوش عطلة في مزرعته في ولاية تكساس: إن الولاياتالمتحدة تعتقد أن رئيس الوزراء الفلسطيني متمسك بالسلام. وفي واشنطن قال وزير الخارجية الامريكي كولن باول ان التفجيرات لن توقف عملية السلام وسنواصل التحرك قدما بشأن خارطة الطريق، لن توقفنا القنابل، لن يوقفنا ذلك النوع من العنف. وكان باول يتحدث أمام مجموعة من "براعم السلام" وهي منظمة تهدف إلى مساعدة الاطفال والصبية من مناطق الحروب والصراعات خاصة الشرق الاوسط في تجاوز التجارب المؤلمة وتشجيع السلام. كما دانت باريس ولندن الهجومين، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماري ماسدوبوي إن فرنسا تدين باقصى درجات الحزم هاتين العمليتين ووصفتهما بالعمل البربري الذي يعرض جهود السلام للخطر على حد قولها . ووصف الوزير المنتدب للشؤون الخارجية البريطاني دنيس مكشاين هجوم الأمس بأنه عدوان فظيع على حياة أبرياء، لا يخدم مصالح أغلبية الفلسطينيين. وقال: يجب ان لا نترك المتطرفين يهدمون فرص مستقبل سلمي في المعسكرين حسب قوله . وحدها من بين الدول العربية، أدانت مصر العمليتين الفلسطينيتين ودعت اسرائيل الى التحرك بشكل ايجابي. وقال وزير الخارجية احمد ماهر للصحافيين ان مصر تدين بقوة اي حادث يتعرض له مدنيون. وأضاف: حلقة استمرار الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في ايقاع الاذى لبعضهما سببه عدم التوصل الى تسوية عادلة لمشكلة فلسطين .. وممارسات اسرائيل التي تثير ضيق العالم. ودعا ماهر الاسرائيليين الى ان يدركوا أن من الضروري التحرك ايجابا ووقف بناء السور (الأمني في الضفة الغربية)، مؤكدا أن الفلسطينيين ملتزمون بمقتضى خريطة الطريق. المتجر الذي شهد الانفجار في روش حايين