سوريا من البلاد التي تتمتع بميزات سياحية استثنائية فمن وجود آثار تعود لاكثر من عشرين حضارة الى بادية جميلة وجبال وسواحل آسرة وشعب كريم طيب مضياف. انطلاقا من ذلك ومنذ سنوات قليلة تحول البناء القديم الذي شيد منذ اكثر من قرن الى ورشة عمل حقيقية تعمل على أسس علمية منهجية لرفع مستوى الاداء السياحي في كافة مفاصله، وتشجيعا لذلك بدأت الحكومة السورية تقدم تسهيلات كثيرة للمستثمرين وخصوصا العرب عبر اسلوب الشركة والمشتركة والايجار الطويل الذي يصل لمدة تسع وتسعين سنة. (اليوم) التقت الدكتور سعدالله آغا القلعة وزير السياحة السوري وكان الحوار التالي: يقول: تعتمد السياحة السورية على مقومات كثيرة فسورية متحف كبير يضم آثارا من اكثر من 20 حضارة مختلفة ترسم بمجملها تاريخ الحضارة الانسانية وتحقق تنوعا قل نظيره على المستوى العالمي كما ان الطبيعة فيها متنوعة بشكل واضح، من ساحل وجبال وغابات وبادية وانهار ومغائر وكهوف وبحيرات طبيعية واصطناعية ومنشآت ومصايف، مما يحقق مع تنوع الآثار والمدن القديمة بأسواقها وخاناتها وبيوتها القديمة وحرفها اليدوية وصناعاتها التقليدية منتجا سياحيا مركبا جاذبا وفريدا خاصة ان امكن الجمع بين الزيارة ومشاهدة اشكال الحياة التاريخية واستعراض اشكال الفنون التقليدية وممارسة نشاطات سياحية جاذبة، كما تتميز سورية بموقع جغرافي فريد نظرا لوقوعها على تلاقي دروب العالم حيث تسبب هذا الواقع في ان تكون وعلى مر العصور مقصدا للشعوب والافكار مما جعل تقاليد الضيافة متأصلة لدى شعبها كما جعلها هذا الموقع الجغرافي على مسافة قريبة من اغلب الدول المصدرة للسياح وطبعا يمكن ان نضيف ان سورية دولة مستقرة سياسيا وامنيا وهذا عنصر هام جدا للسياحة كما ان سورية تحافظ على نسيج تراثها الثقافي المميز وطبعا يمكن التنويه بالاضافة الى كل ما سبق ذكره توفر بنية تحتية جيدة في سورية من طرق سريعة وسكك حديدية ووسائل اتصال حديثة كما تجدر الاشارة الى تمتع سورية باسواق سياحية ثابتة تجعل صناعة السياحة فيها لاتتأثر كثيرا بالمتغيرات العالمية فيما لو تم تفعيلها من خلال ملايين المغتربين السوريين اضافة الى كون سورية مقصدا اساسيا للسياحة عربية عموما والخليجية خصوصا مما يحقق استقرارا بالحد الادنى للسياحة في سورية ويضيف: واحب ان اوضح امرا وهو القدوم السياحي الى سورية وتحديد عدد الليالي السياحية والانفاق ومجمل العناصر التي تعطي فكرة رقمية عن تركيب السياحة السورية. وقد بينت الاحصاءات الحديثة التي قامت بها وزارة السياحة مؤخرا والخاصة بعام 2002 ان عدد السياح وصل الى 2ر2 مليون سائح بزيادة 17% عن عام 2001. وقد اظهرت الدراسة ايضا ان نسبة السياح العرب تصل الى 70% وهذه نسبة نعتز بها فيما يحقق السياح من الدول الاسلامية القادمون في سياحة دينية نسبة 16% وتكتفي السياحة من الدول الاخرى بما فيها الاوربية بنسبة تصل الى 14% من عدد هؤلاء السياح وطبعا يشكل السياح السوريون المغتربون قطاعا سياحيا هاما وهم من نقاط قوة السياحة السورية حيث تصل نسبة انفاقهم الى 36% من الانفاق السياحي الاجمالي الذي تم تقديره ب 71 مليار ليرة سورية لعام 2002 (مليار واربعمائة مليون دولار تقريبا). ونحن نعتقد ان الواقع الحالي لايزال بعيدا عن تحقيق الحد الأدنى الذي تسمح به المقومات الكثيرة التي تتمتع بها سورية رغم الجهود الكبيرة التي بذلت سابقا. ويمضي قائلا: ظهر من بداية عملنا انه لابد من تحديد موقع السياحة كصناعة ذات اولوية في سورية اضافة الى ضرورة وضع استراتيجية متكاملة لتنسيق العمل بين الوزارات والجهات المعنية من خلال آليات ملزمة لتحقيق تلك لاستراتيجية اضافة الى ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص السياحي والتنسيق بين مختلف فعالياته في اطار تنظيمي واضح، بما يكفل ضمان سوية جودة الخدمات فيه وتقديم منتج سياحي متكامل ومتنوع وغني بالانشطة السياحية يتوافق مع المقومات السياحية في سورية وتنوعها ويخرج عن الاعتماد على نقاط الجذب التقليدية، كما اظهرت قراءة الواقع الحاجة الى تشجيع الاستثمار بغية زيادة عدد المنشآت السياحية لكي تستجيب لمتطلبات السياحة الحالية والمستقبلية والحاجة لتخصيص الميزانيات اللازمة للقيام بحملات التراويج والتسويق الخارجية. تم وضع الحلول اللازمة من خلال منهج عمل علمي ومدروس بدأ بوضع الخطط والسياسات وصولا الى الاجراءات اللازمة والمطلوبة من وزارة السياحة ومن مختلف الجهات في الدولة والقطاعين المشترك والخاص المعنيين بقطاع السياحة. وعما اعدته الهيئة من سبل للنهوض بالسياحة قال: من المهم ان ننتبه الى ان اعتماد السياحة كضناعة استراتيجية هو هدف لعدد كبير من الدول مما يشعل التنافس بين جميع دول العالم على اجتذاب السياح اعتمادا على اساليب مبتكرة في الترويج ومن خلال توفير الميزانيات اللازمة. مؤخرا وافقت لجنة الخدمات في مجلس الوزراء على مشروع قانون باحداث صندوق الترويج السياحي يمول من قبل موازنة وزارة السياحة وشركة الطيران العربية السورية وغرف السياحة اضافة الى مصادر اخرى للتمويل من رسوم تأشيرات الدخول الى سورية مثلا والليالي السياحية الخارجية للسوريين وغير ذلك كما يقوم على ادارة الصندوق مجلس للادارة يرأسه وزير السياحة ويضم ممثلين عن جميع الجهات الممولة ويتميز بنظام مالي خاص يكسبه المرونة اللازمة في التعامل مع المجالات الاعلامية والاعلانية العالمية. ونحن نعتقد ان احداث الصندوق سيسمح لنا بالانتقال نوعيا الى مستويات منافسة في الترويج السياحي وتنفيذ الخطط الموضوعة للترويج والبدء بتأسيس مكاتب خارجية سياحية للترويج الخارجي حسب الدول المستهدفة. بانتظار ذلك فنحن نعمل على اتجاهات اخرى ضمن اطار الميزانيات المتوفرة حيث تم اعداث مديرية جديدة تختص بالانشطة السياحية ومتابعة النشاطات التي تقوم بها الوزارة مع اضافة تحسينات اساسية عليها كاقامة معرض الزهور الدولي واحياء مسار طريق الحرير واستعادة تقاليد اللقاء التي كانت تتم في سورية من خلال مهرجان طريق الحرير الذي تتم اقامته في 27 من ايلول من كل عام وتجسيد قوافله القادمة من الشرق والغرب والمتلاقية في سورية ومظاهرها الفنية والاجتماعية وتقديمها كمنتجات سياحية مطروحة للسياحة الدولية وتحويل موقع وزارة السياحة على الانترنت الى بنك معلومات سياحي يوثق فيه الرصيد الفكري والثقافي والحضاري والتراثي والفلكلوري السوري يتضمن زيارات افتراضية، بما يسمح بتوظيفه في الترويج السياحي اضافة الى استضافة حوالي 200 اعلامي تابعين لاكثر من خمسة وعشرين جهة اعلامية خارجية وتنظيم جولات اطلاعية في جميع انحاء سورية لانجاز مواد صحفية مكتوبة ومرئية تم نشرها في وسائل الاعلام المختلفة في دول شملت اسبانيا، ايطاليا، بريطانيا، المانيا، اليونان، السعودية، استراليا، لبنان، تركيا، اليابان، البرتغال، رومانيا، اضافة الى ممثلي وسائل الاعلام العربية والاجنبية في سوريا حيث نعتقد ان ما يكتبه اعلامي اجنبي في صحف بلاده نتيجة زيارته يؤثر كثيرا في ابراز الصورة الحقيقية لبلدنا.. تمت كذلك المشاركة في عدة معارض سياحية عالمية بالتنسيق مع مؤسسة الطيران العربية السورية ومكاتب السياحة والسفر وعدد من الفنادق الدولية وبعض اصحاب الحرف اليدوية حيث رفعت الوزارة مشاركتها من 10 معارض الى 15معرضا في العام 2002 وهذه المعارض كانت في الامارات العربية المتحدةولبنان ومصر والسعودية والبحرين واسبانياوايطالياوالمانيا وفرنسا والسويد وسويسرا وبريطانياورومانيا اضافة الى اقامة اسابيع سياحية ناجحة في كل من الجزائر وعمان والمشاركة في مهرجانين في دبي كما تم توزيع اكثر من خمسمائة الف مادة اعلامية شملت نشرات سياحية متنوعة وكتب من سورية وضعت بكافة اللغات بحيث تعالج مواضيع سياحية واثرية متنوعة. ويختتم حديثه قائلا: ويأتي موسم الصيف هذا العام في ظل متغيرات جديدة.. فبعد حرب العراق تأتي استعادة السياحة العربية لحركتها في ظل الواقع الجديد الناجم عن انتشار مرض السارس في بعض الدول مما قد يؤثر على توجهات السياحة خصوصا ويوجهها الى مقاصد اخرى تأتي سورية في طليعتها نظرا لجميع مقوماتها السياحية اضافة الى خلوها من هذا المرض وهنا يجدر التنويه بالاجراءات الفعالة التي اتخذتها وزارة الصحة السورية لتحصين سورية امام مرض السارس وضمان خلوها منه.. من هنا فنحن نتوقع استعادة سريعة للقدوم السياحي وبنسب متزايدة مع قدوم الصيف.. وطبعا لتأمين هذا فقد سعت الوزارة لتحويل موقعها على الانترنت باللغة العربية الى بنك معلومات سياحي يوثق فيه الرصيد الفكري والثقافي والحضاري والتراثي والفلكلوري السوري يتضمن معلومات كاملة عن البنية السياحية السورية اضافة الى زيارات افتراضية للمواقع الهامة، بما يسمح بتوظيفه في الترويج السياحي اضافة الى استضافة عدد من الصحفيين العرب لانجاز مواد صحفية مكتوبة ومرئية تم نشرها في وسائل الاعلام.. تمت كذلك المشاركة في عدة معارض سياحية في الامارات العربية المتحدةولبنان ومصر والسعودية والبحرين اضافة الى اقامة اسابيع سياحية ناجحة في كل من الجزائر وعمان والمشاركة في مهرجانين في دبي تميزت فيهما المشاركة السورية بوضوح منهما المشاركة في مهرجان حياة البادية العربية الذي اقيم في دبي على هامش مهرجان التسوق. اما عن الاسعار فنحن نعتقد انها مسألة عرض وطلب وتنافس وكلما نجحنا في تشجيع الاستثمار وزيادة المنشآت حققنا التنافس بينها وامكن ان نحقق توازنا افضل للاسعار علما بان 70% من الليالي السياحية للسياح الخليجيين تكون في الشقق المفروشة وفي الشاليهات على الساحل وهي ذات اسعار معتدلة عموما. وتعتبر السياحة الخليجية من اهم روافد السياحة في سورية وهي سياحة اعتبرت سورية ومنذ مدة طويلة كأحد اهم المقاصد لها نظرا لاواصر المحبة التي تربط سورية بالاشقاء العرب في دول الخليج وبسبب عدم حاجتهم لتأشيرة دخول وبسبب الارتباط الجغرافي الاجتماعي مما يسمح لهم بالقدوم برا وبشكل عائلي مريح اضافة الى المقومات السياحية التاريخية والطبيعية التي تتميز بها سورية وتحقق استجابة لمتطلبات السياحية الخليجية. ويحقق عدد السياح الخليجيين نسبة 25% من اجمالي عدد السياح العرب والاجانب حيث وصل عدد السياح الخليجيين في عام 2002 الى 530 الفا كما تحقق السياحة الخليجية ما يقابل 30% من اجمالي الليالي السياحية حيث حققت اكثر من ستة ملايين ليلة سياحية في عام 2002 ووصل الانفاق الى 39% من اجمالي انفاق السياح العرب والاجانب أي ما يقابل حوالي 18 مليار ليرة سورية (346 مليون دولار) في عام 2002 فيما وصل وسطي اقامة السياح الخليجيين الى 12 ليلة. بالنسبة للسياح السعوديين فهم يحتلون المرتبة الاولى في عدد السياح حيث وصل عددهم الى 323 الف سائح في عام 2002 ويليهم اللبنانيون فالأيرانيون على التوالي وذلك طبعا مع عدم احتساب زوار اليوم الواحد من اللبنانيين والاردنيين. تقدم سورية تسهيلات كثيرة للسياحة الخليجية وقد اتخذت اجراءات كثيرة لضمان الدخول السهل والسريع في الحدود وخاصة من خلال تواجد ممثلي وزارة السياحة في المعابر الحدودية وعلى مدار الساعة لمساعدة السياح الخليجيين على انجاز اجراءات الدخول كما توفر وزارة السياحة خطا ساخنا مع ممثليها في المعابر الحدودية للتدخل عند الضرورة.