تستعد أسواق الاقتصاديات المتقدمة لأن تنهي العام 2013 بأداء قوي مسجلة ارتفاعاً بواقع 20٪ بقيادة أميركا واليابان. وأوضح تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أمس، أن مؤشر داو جونز الصناعي ارتفع بواقع 19٪ في السنة الجارية؛ ليصل الى نحو 16.000 نقطة في شهر نوفمبر. كما ستنتهي السنة بارتفاع اسعار الفائدة، حيث ارتفعت الفائدة على السندات الأميركية لأجل عشر سنوات بواقع 120 نقطة أساس، وارتفع سعر الفائدة على السندات الألمانية بقدر أقل بواقع 40 نقطة أساس. وبقيت أسعار الفائدة الرسمية ثابتة بقرب الصفر في أغلب الاسواق باستثناء منطقة اليورو، حيث قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض سعر الإقراض المستهدف لليلة واحدة الى 25 نقطة أساس. وتتلخص التوقعات لعام 2014 باستمرار الوضع الحالي، أي بمعنى آخر، إن جميع الاقتصاديات في طريقها نحو التحسن والتعافي، وسوف تسجل أوروبا على وجه الخصوص نمواً أكبر بعد أن خرجت من فترة الركود في الربع الثاني من العام 2013. ومن المتوقع أن تحقق اليابانوالصين أداء جيداً نسبيا، مع تسجيل الصين نمواً بين 7٪ و 8٪، وتسجيل اليابان نمواً بين 1٪ و2٪، (بالأسعار الثابتة). وكان انخفاض التضخم أحد أهم العوامل التي طرأت في النصف الثاني من العام 2013 وما بعد. وقد فاجأ معدل التضخم المنخفض أغلب المحللين، حيث تراجع الى ما دون 1٪ في أوروبا وأمريكا، ومقتربا من 3٪ في الصين في اواخر العام، وبالكاد مستقرا عند 1.0٪ في اليابان. وتحاول البنوك المركزية بقدر المستطاع أن تتفادى سيناريو الانكماش الذي شهدته اليابان سابقا، وها هي اليابان نفسها تقوم بما تستطيع لتجنب ذلك السيناريو مجددا (مع سياسات حكومة آبي التي تتضمن سياسات مالية ونقدية جريئة جدا). وقد أسهم هذا التراجع في التضخم في زيادة الضغط على البنوك المركزية لكي تقوم إما بالإبقاء على سياسات التيسير الحالية (لا تخفيف من عمليات شراء السندات من قبل مجلس الاحتياط الفدرالي)، أو المزيد من التخفيض في أسعار الفائدة (كما البنك المركزي الأوروبي) أو تبني سياسات جديدة على نسق برنامج التيسير الكمي (كما في اليابان). ومن الواضح أن تلك السيناريوهات تضعنا في منطقة متوسطة، حيث يبدو المستثمرون سعيدين بالنمو الثابت والمخاطر القليلة وأسعار الفوائد المعتدلة نسبياً. كما تبدو البنوك المركزية مطمئنّة على المدى القصير. ولكن عليهم التطلع الى المرحلة القادمة. فقد يبدأ مجلس الاحتياط الفيدرالي بالتخفيف من برنامج التيسير الكمي في القريب العاجل، ما قد يتسبب بتوتر الأوضاع نظرا الى ما حصل في شهر سبتمبر من ارباك بعد تصريحات المجلس. وقد يلجأ البنك المركزي الأوروبي الى حل مغاير ويقوم بالتخفيف بشكل أكبر، ولكن مع بقاء الأسعار عند الصفر، من الممكن أن يلجأ الى برنامج التيسير الكمي أو يخفض أسعار الفائدة دون الصفر على احتياطيات البنوك. لكن هذين الإجراءين غير اعتياديين، وبالتالي من الصعب أن يتخذ البنك المركزي الأوروبي أيا منهما. أما الأسواق الناشئة التي عانت من ضعوطات في التدفقات وأسواق الصرف خلال شهر سبتمبر عند الحديث عن تخفيف التيسير الكمي من قبل مجلس الاحتياط الفدرالي، تبدو اليوم أكثر استعدادا لأي تخفيف متوقع في العام 2014، والذي يجب أن يأتي متدرجا (متوقع في الربع الأول من العام 2014). حتى أن الأسواق المتقدمة أيضاً تبدو مستعدة لعمليات التخفيف. وعقب البيانات الجيدة في التوظيف في نوفمبر (203 آلاف وظيفة جديدة والبطالة عند 7.0٪) شهدت الأسهم الأميركية ارتفاعاً، فيما لم تشهد أسعار الفائدة تغيرا يذكر. وقد بدأت تلك التوقعات بالتأثير على الصادرات الأمريكيةوالصينيةواليابانية بشكل متدرج، الأمر الذي قد يكون في صالح معدل النمو. وذلك قد يعني تسارع النمو في أوروبا، ولكنه قد يعني أيضاً تأخير الدول الأخرى، ما قد يزيد الضغط على اليورو وخاصة اذا كان مسار البنك المركزي الأوروبي مغايراً لمسار مجلس الاحتياط الفدرالي.