كنت قد تطرقت في مقالة سابقة الى الاصلاح الشامل، وكان عنوان تلك المقالة (لماذا لا يكون الاصلاح شاملا؟!) ونشرت هنا في جريدة اليوم بتاريخ 19/5/1424ه وفحواها الاصلاح الواجب ان يتم في بعض مناحي الحياة الغربية والشرقية على حد سواء، وبعد نشرها تلقيت بعض الاتصالات عبر الهاتف والانترنت، منها مايقول: ان الفرق بين الحضارة الغربية والحضارة الشرقية جوهري دون ادنى شك، ويسبب ذلك بقوله: ان الحضارة الشرقية قامت في مراحل عديدة منها على (القرآن الكريم) ومن قبل لم تكن شيئا مذكورا، حيث كانت الجاهلية والديانات المحرفة تسود العالم، فأسهمت الحضارة الشرقية برقي العالم في شتى الميادين، بفضل الله ثم بفضل القائمين على تبليغ الرسالة السماوية الخالدة. بالطبع اتفق مع هذا الطرح، ولا شك ان الفرق بين الحضارة الغربية والحضارة الشرقية جوهري، واضيف هنا ان الحضارة الغربية قامت ايضا في مراحل عديدة منها على التوراة والانجيل، لكنها قامت على المحرفين منهما، لا على التوراة والانجيل اللذين نؤمن بهما قبل ان يصيبهما التحريف، والغربيون كافة يعترفون بوجود مئات التحريفات في الانجيل، وقد دونت اعترافاتهم في الكثير من المناظرات المعروفة، الا انهم يعتبرون تلك التحريفات داخلة في باب (السهو)، اي ان الاخطاء الموجودة في كتبهم السماوية كانت من قبل الكاتب الذي نقلها، وفي زعمهم انها قد تكون اخطاء عن جهل او عن غلط وربما عن قصد، وهي جميعها في نظرهم حصلت سهوا من الكاتب، وتعريفهم للسهو يختلف عن تعريفنا له، فهم يعتبرون التحريف والخطأ والجهل وغير القصد (سهوا) بينما تعريفنا له يختلف وهذه حقيقة ربما يجهلها البعض، ثم اننا نؤمن بأن القرآن الكريم هو كلام الله جل وعلا، ولم ولن يصيبه الخطأ او التحريف او الجهل او السهو، وهو محفوظ بإذن من الله، وبهذا فاننا نختلف جوهريا بلا شك، والاعمدة التي ترتكز عليها حضارتنا تختلف تماما عن اعمدة حضاراتهم، والامثلة كثيرة على ذلك، ذكرت البعض منها في مقالتي السابقة، وهنا اضيف على سبيل المثال ان الغربيين يعاملون الاخطاء التي تقع في الصحيفة اليومية، او في كتاب الطبخ، او في المجلات بأنواعها، بل يعاملون كل خطأ في كل ماينشر تماما مثلما يعاملون الانجيل، اي انهم ينسبون مايشوه هذه الاعلام الاعلامية الى سهو الكاتب، وهذا متأصل في الحضارة الغربية منذ بعد تحريف الكتب المقدسة كالانجيل ، بينما نحن الشرقيين ليس لدينا تحريف في كتابنا المقدس (القرآن الكريم) وله مكانة عالية لا يمكن ان يصل اليها اعلى مافي الحضارة الغربية، والشرقي قد يقدم روحه فداء لكتاب الله، بينما الغربي لن يقدم على تقديم روحه في سبيل الانجيل، لانه ببساطة يعتبره كباقي المطبوعات ويعتبره مقدسا بالفعل لكنه يعتقد بانه ممكن التحريف، وفيه الاخطاء التي يعترفون بوجودها، لذا لن تجد واحدا منهم يقدم شعرة من بدنه فداء لهذا الكتاب المحرف، ونحن الشرقيين نعامل كافة المطبوعات بما يجب ان تعامل فنحن نفرق بين الخطأ والتحريف كما نفرق بين الغلط والسهو. وايضا تجد اصحاب الحضارة الغربية يقرأون الانجيل، لكن اثناء شرب قليل من النبيذ في داخل الكنيسة، وهذا امر طبيعي لديهم، اللهم لاشماتة، وفي جميل الاحوال (لكم دينكم ولي دين) وهم يقرأون الانجيل من غير وضوء بينما اصحاب الحضارة الشرقية يتوضأون قبل ان يلامسوا القرآن الكريم وجميعهم لا يمسون القرآن الكريم الا وهم على طهارة، لانهم امروا ب (لايمسه الا المطهرون) صحيح ان هناك الكثير من الشرقيين الذين يتقيدون بالشكليات والمظهر اكثر من تقيدهم بالجوهر لذا لانعجب اذا وجدنا احد الشرقيين يسرق ويزني ويشرب الخمر ويتعاطى المخدرات، لكننا لن نجد شرقيا واحدا يلامس القرآن الكريم دون وضوء بينما في الحضارة الغربية من الممكن ان يلامس الانجيل في غير طهارة وقد يضعون الانجيل في اي مكان غير طاهر ويتناولون المشروبات الكحولية داخل دور العبادة لديهم، فالاختلافات بيننا وبينهم كثيرة جدا وما يهمنا هنا هو اثبات الاختلافات التي بيننا وبينهم في باب (السهو) فقط واحسب انني قد بينت ذلك وان كان فيما اوردت من قصور فانني انتظر اتمام النقص منك عزيزي القارئ الكريم.