هل سألت نفسك يوما متى تتكلم؟ ومتى تلتزم الصمت وهل اعددت لذلك جوابا؟ فإن كنت ممن يسرح بلسانه في اعراض الناس ويتتبع عوراتهم ويتحدث عن نقائصهم ويخدش كرامتهم وينسى فضائلهم فقد وقعت في المهالك والقواصم وأما ان كنت ممن حمى لسانه وحفظه عن السقطات والعثرات وآثر الصمت والتزم الأدب واستقام على الصلاح فاعلم أنك ملكت أمرك وأنصفت نفسك وارحت غيرك وكنت حكيما وغنمت كثيرا ولا ادل على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (رحم الله من قال خيرا فغنم او سكت فسلم). وكما قال لمعاذ انت ما سكت فاذا تكملت فعليك أو لك) ومن العجب العجاب أن بعض الناس يتخلى عن آداب الإسلام واخلاقه واحكامه ويطلق العنان للسانه في القيل والقال وكثرة السؤال وينصب من نفسه عالما في كل شيء وكأنه المتحدث الفقيه لا يتورع أن يقول بما لا يعلم وأن يجيب بما لا يفهم المهم أن يكون سيد المجلس وزعيم الجماعة ولكن لا تطول به المدة الا وينكشف أمره وتظهر حقيقته لأن اللسان ترجمان لما يحويه القلب فينطق اللسان ومن هنا تبرز فضيلة الصمت وأنها الخلق المحمود وان لكل مقال مقاما سأل رجل حكيما فقال متى أتكلم ؟ قال إذا اشتهيت الصمت فقال: ومتى اصمت قال إذا اشتهيت الكلام. وقال بعض البلغاء:( الزم الصمت فإنه يكسبك صفو المحبة ويؤمنك سوء العاقبة , ويلبسك ثوب الوقار ويكفيك مؤونة الاعتذار). فالتزم الصمت بين الناس فيه أدب وحكمة وسمة تضفي على صاحبها المهابة وتكسبه احترام الغير ويكون له عند الناس مكان يليق به وقدر يعلي شأنه وإذا كان ولابد من الحديث فعليك بالكلام الطيب وطلاقه اللسان وبشاشة الوجه من غير تزمت ولا تقعر واحذر المستقبح من القول واختر من اللفظ ما يناسب المقام والمقال كما قال الشاعر: تظلم وسدد ما استطعت فإنما كلامك حي والسكوت جماد فان لم تجد قولا سديدا تقوله فصمتك عن غير السداد سداد وأوجز العبارة في القول فإنها اقرب الى المتلقي تصل القلب وتسكن العقل فإن اطلت ربما ملك سامعك وانصرف عنك وانشغل بغيرك واصبح كلامك فضولا كما قال الشاعر: ==1== خير الكلام قليل==0== ==0==لى كثير دليل والعي معنى قصير==0== ==0==يحويه لفظ طويل وفي الكلام فضول==0== ==0==ومنه قال وقيل==2== واحسب حساب من تحدثه فإن كل من أهل العلم والفضل والورع فاحترم علمه واشعر بفضله واستشره في خير ما تقول حتى تكسب وده وتزداد من علمه وما ذلك الا من باب توقير العلم والعلماء واياك أن تترفع على من هم أقل منك علما وفهما واختر من اللفظ ما تصل به شغاف قلوبهم وتواضع لهم فإن ذلك أدعى لتبادل الود والمحبة والاخاء والألفة بينكم واقبل النقد بصدر رحب حتى تشعر من حولك بأنك تود ان تستفيد وأن تفيد ..والأهم من ذلك ان تعمل بما تقول وتتجنب الانفعال الذي يخل بالمعنى ويخرج عن القصد حتى لا يصير حشوا لا فائدة منه.. وأخيرا يكفينا ما قال لقمان الحكيم حينما سئل ما بلغ من حكمتك؟ قال: لا أسأل عما كفيته ولا اتكلم بما لا يعنيني . علي صالح السنني