طلبت الحكومة البريطانية فتح تحقيق عاجل حول الظروف التي أدت الى مقتل الخبير الحكومي في الأسلحة الجرثومية ديفيد كيلي بصورة مأساوية على ان يعهد به الى قاض رفيع المستوى، كما اعلن وزير الدفاع جيف هون. وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي يقوم بزيارة الى طوكيو، وعد الجمعة بفتح تحقيق مستقل في حال ثبت مقتل الخبير الذي تسبب بضجة سياسية كبيرة في بريطانيا. وقد عهد بالتحقيق الى اللورد براين هاتون وهو احد قضاة الهيئة القضائية العليا في بريطانيا لدى مجلس اللوردات. مأساة بحاجة لتحقيق دقيق ووصف بلير وفاة د. كيلي بأنها مأساة رهيبة وأكد في طوكيو على ضرورة كشف ملابسات القضية بدقة، قائلا: أشعر بحزن عميق على كيلي وعائلته، لقد قدم الكثير لبلده في الماضي وانني واثق انه كان سيفعل ذلك في المستقبل. واضاف: بانتظار ذلك، علينا جميعا من مسؤولين ووسائل اعلام ان نبرهن على الاحترام وضبط النفس. كما وصف وزير الدفاع في بيان مقتل خبير الأسلحة البيولوجية بأنه مأساوي ويدعو الى الصدمة. وقال: ان افكارنا تتجه الى عائلته، مضيفا: الحكومة دعت اللودر هاتون لادارة تحقيق عاجل حول الظروف المحيطة بمقتل الدكتور كيلي. ان الحكومة ستقدم كل التعاون الممكن وتأمل في ان تقوم الاطراف الاخرى بالمثل. ورفض رئيس الوزراء البريطاني الإجابة عن ما اذا كان سيستقيل بسبب وفاة عالم الأسلحة البيولوجية، وسط الجدل حول برامج الاسلحة العراقية. وعند سؤاله في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني جونتشيرو كويزومي حول ما اذا كانت يداه ملطختين بالدماء وما اذا كان سيستقيل اكتفى بلير بالتحديق أمامه وامتنع عن الكلام. كما رفض بلير القول ما اذا كان وزير الدفاع جيف هون او مسؤول الاتصالات الستير كامبل قد عرضا استقالتهما. إعلان رسمي بالوفاة وأكدت الشرطة البريطانية أمس رسميا، وفاة كيلي الذي وجهت اليه الحكومة البريطانية أصبع الاتهام بكونه المصدر الذي نقل عنه صحافي في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) قوله ان الحكومة ضخمت ملف التسلح العراقي. واكدت شرطة "تايمز فالي"، في بيان تلاه الناطق ديفيج بورنيل خلال مؤتمر صحافي، ان الجثة التي عثر عليها في الساعة 9.20 من صباح أمس الأول الجمعة قرب هاروداون هيل، على بعد 70 كيلومترا غرب لندن، تم التعرف عليها رسميا بكونها جثة ديفيد كيلي. واضاف البيان: فحص الجثة يبين ان الوفاة نجمت عن نزيف بسبب جرح في معصم اليد اليسرى، الجرح ناجم عن اداة حادة، عثرنا على سكين وعلبة مفتوحة تحتوي على مادة كو بروكسيمول (مادة مخففة للالم) في المكان. وقال برونيل التحقيق مستمر ولكن لا يوجد ما يشير في الوقت الراهن الى تورط طرف آخر في وفاة كيلي، مشيرا بذلك الى فرضية الانتحار. وطلبت الشرطة من الصحافة احترام الحياة الخاصة لعائلة كيلي في هذا الظرف الصعب. وكانت زوجة كيلي، جانيس، وواحدة من بناته الثلاث غادرتا المنزل قبل الظهر بمرافقة الشرطة الى مستشفى جون رداكليف باوكسفورد للتعرف على الجثة. وقد عثر على جثة كيلي في غابة قريبة من هاروداون هيل. وكان غادر منزله في الساعة 15 من بعد ظهر الخميس بقصد التنزه كما أعلم زوجته. وقالت عائلته انه لم يكن معتادا على القيام بنزهات طويلة بمفرده. واشارت زوجته في حديث لصحيفة نيويورك تايمز الامريكية ان الشرطة ترجح فرضية الانتحار. ولكنها قالت انها لم تشتبه بوجود رغبة لدى زوجها بالانتحار رغم تعرضه لضغوط كبيرة جدا، مثلنا جميعا. وكان د. كيلي قد أفاد لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني انه لم يكن المصدر الرئيسي الذي استندت اليه "بي بي سي" لتعلن أن حكومة بلير قامت بتضخيم ملف الاسلحة العراقي. ولامت وزارة الدفاع البريطانية ديفيد كيلي متهمة اياه بالتحدث الى الصحافي اندرو كيليغان. غضب عائلة العالم القتيل ووصفت عائلة د. كيلي الأحداث التي سبقت مقتله بأنها كانت من النوع الذي "لا يطاق" وطلبت من كل الاشخاص المتورطين في القضية التي ادت الى مقتله، ان يفكروا مليا وبجدية. ويمكن تفسير هذه الانتقادات القاسية التي اوردتها العائلة وجاءت في بيان تلاه متحدث باسم شرطة "ثايمس فالي"، على انها هجوم مباشر ضد حكومة بلير المتورطة مباشرة في زج خبير الأسلحة القتيل في مشاكلها الخاصة بالعراق، كما هي هجوم ضد البرلمانيين و "بي بي سي". واعلنت العائلة: ان احداث الاسابيع الاخيرة جعلت من حياة ديفيد لا تطاق وأن على كل المعنيين التفكير مليا بالمسألة وأخذها على محمل الجد. وكان د. كيلي (59 عاما) لم ينكر أمام اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية في مجلس العموم، الثلاثاء، أنه تحدث الى اندرو جيلغان الصحافي في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) لكنه نفى أن يكون مصدر المعلومات الرئيسي لجيلغان الذي نشر أن الملف العراقي الذي نشر في سبتمبر 2002 تم تضخيمه من قبل اليستير كامبل، مدير الاتصالات في مكتب بلير. وكانت وزارة الدفاع البريطانية اعتبرت د. كيلي المصدر الرئيسي لمعلومات الصحافي جيلغان. دعوة لانعقاد مجلس العموم وحث زعيم المعارضة البريطانية المحافظة ايان دانكن سميث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على دعوة مجلس العموم الذي يوجد اعضاؤه في عطلة منذ الخميس الى عقد اجتماع وبفتح تحقيق أوسع من الذي امر به توني بلير في وقت سابق أمس، وذلك لدراسة الطريقة التي استخدمت بها الحكومة معلومات الاستخبارات حول اسلحة الدمار الشامل العراقية. واعتبر سميث ان الموضوعين غير منفصلين. واضاف ان البرلمان الذي انهى اخر جلسة له مساء الخميس في نفس اليوم الذي اختفى فيه الخبير البريطاني يجب ان يدعى الى الاجتماع فورا. مستقبل بلير مهدد وبات توني بلير مهددا بسبب وفاة د. كيلي في ظل الجدال الدائر حول ملف الاسلحة العراقية، وقد رفض الاجابة على سؤال صحافي مباشر في طوكيو أمس حول ما اذا كان يعتزم الاستقالة واكتفى بالتحديق امامه دون ان يقول شيئا. وقالت الصحف البريطانية أن بلير يواجه ازمة كبرى بعد الانتحار الظاهر لخبير الاسلحة الجرثومية ديفيد كيلي الذي تعرض لضغوط كبيرة في اطار الجدل الدائر حول الطريقة التي جرت فيها الحكومة البريطانية البلاد الى الحرب في العراق. وهاجمت صحف عدة الحكومة واتهمتها بانها جعلت ديفيد كيلي كبش المحرقة في الخلاف بين رئاسة الحكومة وهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي). وعنونت صحيفة ديلي تلغراف اليمينية "موت كبش المحرقة"، قائلة أن بلير يواجه اخطر ازمة منذ انتخابه. ودعت الصحيفة في افتتاحيتها الستير كامبل مدير الاتصالات في مكتب بلير الى مغادرة منصبه واكدت على ضروة ان يقدم وزير الدفاع جيف هون عرضا واضحا للوضع. كما دعت بلير الى اصدار اعلان علني. وهاجمت صحيفة يمينية اخرى، ديلي ميل، ايضا الحكومة مركزة خصوصا على الطريقة التي تعاملت بها مع كيلي. ونشرت الصحيفة في الصفحات الاولى صورا لبلير وكامبل وهون مع تعليق هل تشعرون بالفخر؟. اما صحيفة ديلي ميرور اليسارية فقد رأت ان كيلي لاحقته الحكومة حتى الموت. واعتبرت صحيفة الغارديان اليسارية من جهتها ان الانعكاسات السياسية لموت كيلي قد تكون هائلة بينما كتبت الاندبندنت (يسار الوسط) ان كيلي الذي كان رجلا جيدا وموظفا وفيا تعرض لضغوط بلغت حدا غير مقبول. واخيرا رأت صحيفة فايننشال تايمز ان وفاة كيلي تشكل ضربة هائلة لحكومة بلير برمتها. وقالت ان توني بلير كان عاجزا عن تحويل هزيمة صدام حسين الى نصر سياسي، موضحة ان العجز عن العثور على اسلحة للدمار الشامل اثار شكوك البريطانيين ووسائل الاعلام في الاسس التي استندت اليها الحكومة للمشاركة في الحرب ضد العراق. غالاوي يتهم الحكومة أما جورج غالاوي الناشط السياسي فقد رغب أن يؤكد للعالم عبر شاشة الجزيرة الفضائية مساء أمس بأن المستقبل السياسي لتوني بلير قد انتهى. وقال: أؤكد على ذلك. واضاف: إن رئيس الوزراء انتهى، بالتأكيد المسألة ليست هل سيستقيل بلير بل متى؟. إنه يغرق تحت سطح الماء بسبب الأكاذيب التي حبكتها حكومته بشأن العراق. واعتبر غالاوي أن حكومة بلير أوقعت بديفيد كيلي بزجه في شجارها مع هيئة الاذاعة البريطانية في محاولة لصرف الانتباه عن أخطائها الفظيعة بشأن العراق. وأكد غالاوي أن العالم البريطاني خضع لاستجواب شديد من قبل الحكومة استغرق خمسة أيام متتالية بعد أن استدعي من بيته ولم يسمح لأحد الاتصال به طيلة فترة الاستجواب. وقال: لقد طلبوا منه أن يقول ما يريدونه، لكنه عندما مثل أمام مجلس العموم لم يستطع أن يقول ما طلبته الحكومة بقوله. لقد قاوم ضغوطا هائلة مارستها عليه الحكومة. ايكيوس ينعي عالما فذا من جهة أخرى، صرح الرئيس السابق لمفتشي اللجنة الخاصة للامم المتحدة في العراق (انسكوم) رولف ايكيوس أن خبير الاسلحة البريطاني ديفيد كيلي يستحق جائزة نوبل لنزع الاسلحة. وقال في مقابلة لصحيفة لو موند الفرنسية: عرضت مرارا اسم كيلي على لجنة نوبل، برأيي أنه كان لا بد لكيلي وفريقه من الحصول على جائزة نوبل لنزع الاسلحة لما قاموا به في اطار انسكوم (اللجنة الدولية الاولى لنزع الاسلحة العراقية). فبدونهم لما علم العالم بوجود اسلحة بيولوجية في العراق. ووصف ايكيوس كيلي بأنه عالم فذ على مستوى رفيع ولم يكن سياسيا، فالجانب السياسي في عمليات التفتيش عن الاسلحة لم يكن يهمه، قاصدا نزاهة د. كيلي. العالم القتيل ديفيد كيلي