وفي الوقت الذي تقطف فيه المملكة على الدوام ثمارا جديدة من انجازات النهضة المباركة فهي بذلك تسطر في سجل الانجازات التنموية صفحة جديدة من الصفحات التنموية المشرقة في قطاع الصناعة البترولية كما هو الحال في انجازات الاسبوع الماضي. انه ومنذ عهد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز رحمه الله ومسيرة الصناعة البترولية تتقدم عاما بعد آخر لتحتل مكانتها المرموقة في صدارة الصناعة البترولية العالمية.. الى ان بدأت المملكة تتبوأ المركز الأول بين دول العالم من حيث حجم احتياطات الزيت ومن حيث الإنتاج وحجم الصادرات البترولية وهو مركز تم تحقيقه بتوفيق الله ثم بتوجيهات قيادتنا الحكيمة وجهود أبناء الوطن المخلصين. إن مبادرة سمو ولي العهد الرامية إلى استكشاف وتطوير مزيد من موارد الغاز الطبيعي وتحقيق قيمة مضافة من خلال استغلال الغاز في معامل بتروكيميائية ومعامل لانتاج الماء والكهرباء جاء ليحقق للاقتصاد الوطني مزيدا من التوسع والتنوع الذي يعزز من نموه. فيما استطاعت المملكة أن تنجح في بناء علاقات وطيدة وعميقة وتعاونت تعاونا وثيقا مع الدول المنتجة للبترول والمستهلكة له على حد سواء، وأصبحت المملكة العامل الأكبر الذي يستند إليه العالم في سعيه لاستقرار أسواق البترول حيث آثرت أن تسخر العلاقات البترولية الدولية الطيبة التي بنتها للإسهام بشكل فاعل في تعزيز موثوقية إمدادات البترول التي يحتاجها العالم والحفاظ علي السوق البترولية العالمية مستقرة بشكل يجني ثماره المنتجون والمستهلكون معا وتنعكس نتائجه الإيجابية على نمو وازدهار الاقتصاد العالمي... كل هذا مع الحرص على تحقيق افضل العائدات للوطن العزيز من ثروته البترولية. حققت الصناعة البترولية مسيرتها الناجحة بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ومن سمو ولي العهد الامين، الى ان أصبحت سندا دائما لخطط وبرامج التنمية الطموحة في المملكة وان تحافظ علي توفر الوقود واللقيم من مصادرهما المختلفة لدعم جميع النشاطات الصناعية والزراعية والتجارية بل والاستهلاك الفردي أيضا بكميات كافية وأسعار مناسبة يتحقق معها الرخاء للوطن والمواطن، لكي تدفع بالتالي عجلة التنمية قدما إلى الأمام مع الحرص الدائم على حماية البيئة والمحافظة عليها. لقد ارتكزت استراتيجية المملكة للبترول والغاز على عدة محاور رئيسية أهمها السعي إلى اكتشاف احتياطيات جديدة من الغاز غير المرافق تعزز احتياطات المملكة، وتوفر لها مرونة كافية لانتاج ما تطلبه السوق المحلية دون الارتباط بإنتاج الزيت، حيث تم تحقيق خطوات بل قفزات باهرة تخطت المملكة فيها جميع التحديات المتعلقة بالتنقيب عن الغاز غير المرافق في مكامنه الجيولوجية العميقة والمعقدة حيث تمت مضاعفة احتياطيات الغاز غير المرافق خلال السنوات العشر الماضية حتى أصبحت المملكة تحتل في مجال احتياطيات الغاز المرتبة الرابعة عالميا باحتياطيات ثابتة بلغت 224 تريليون قدم مكعبة يمثل الغاز غير المرافق 40 بالمائة منها ولا تزال فرق العمل تبذل جهودا حثيثة للعثور على المزيد من الاحتياطيات. لقد سجل التطور المتنامي في الكفاءات السعودية النجاح في قيادة عمليات التنقيب الناجحة في مناطق لم ينجح الغير من الخبراء الاجانب في تسجيل النجاح بها. فقد سجل السعوديون كشوفات لاحتياطيات هائلة من الغاز غير المرافق في أعماق سحيقة في باطن الأرض مستفيدين من تطبيق احدث التقنيات العلمية التي طوروا بعضها بأنفسهم ومازال باطن الأرض في هذه البلاد المباركة وحسبما تشير الدلائل يبشر بخير كثير قادم في المستقبل ان شاء الله. ويرتكز المحور الثاني في استراتيجية تنمية الغاز على ضرورة العمل علي توسعة مرافق شبكة الغاز الرئيسية، حيث زاد إنتاج الغاز في الشبكة من 3 بلايين قدم مكعبة في منتصف التسعينات إلى 5 بلايين و800 مليون قدم مكعبة حاليا.. وسترتفع هذه الطاقة إلى 7 بلايين قدم مكعبة مع مشروع معمل حرض و مواكبة النمو المتزايد في الطلب على الغاز حتى عام 2007م. ونجحت المملكة في تحقيق نقلة نوعية مهمة من خلال عملها على توسعة الشبكة لإيصال الغاز إلى الرياض عبر خط أنابيب يغذي محطات توليد الكهرباء والمدينة الصناعية الثانية.. اضافة الى ان العمل قائم الان على قدم وساق لإيصال الغاز إلى مدينة ينبع الصناعية التي تصلها حاليا إمدادات سوائل الغاز الطبيعي والإيثان وفي مرحلته الأولى التي ستنتهي قبيل منتصف العام القادم. إن توسعة طاقة وانتشار شبكة الغاز الرئيسة أدى إلى تغطية جزء كبير من الطلب المتزايد علي الغاز من قبل الصناعات البتروكيميائية الوطنية ومعامل تحلية المياه ومحطات توليد الكهرباء. كما انه ساهم في توسعة قاعدة الوقود واللقيم التي يمكن أن تستغل بالشكل الذي حقق الفائدة المثلي للاقتصاد السعودي. ويتمثل المحور الثالث من الاستراتيجية في إنشاء معامل جديدة لمعالجة الغاز غير المرافق المكتشف حديثا، مثل معمل غاز الحوية الذي تم انجازه مؤخرا والذي عمل على زيادة طاقة المملكة الإنتاجية من الغاز بنسبة 30 في المائة حيث تبلغ طاقته الإنتاجية بليونا و400 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا وهو أول معمل في المملكة ينشأ أساسا لمعالجة الغاز غير المرافق ومن هذا المعمل تنطلق خطوط الأنابيب التي تزود محطات توليد الكهرباء والمدينة الصناعية في الرياض باحتياجاتها من الغاز. اضافة الى مشروع غاز حرض الذي اكمل ما يقارب 70 في المائة من أعمال إنشائه .. حيث يتم العمل على بناء معمل ثالث مكمل لهذين المعملين تكون مهمته استخلاص غاز الايثان وسوائل الغاز الطبيعي من إنتاج هذين المعملين وتوفير هذا اللقيم الثمين للصناعة البتروكيميائية في المملكة ليكون بذلك دافعا جديدا يعزز توسع هذه الصناعة المزدهرة و يتماشى مع الرؤية المستقبلية لاستثمارات الغاز في المملكة. ومن المتوقع ان تشهد السنوات العشر القادمة مع وجود العزيمة الصادقة والتخطيط المحكم والأهداف الواضحة والعمل الجاد تقدما مميزا في حجم احتياطيات الغاز ومعدلات إنتاجه واستهلاكه.